آخر الأخبار
The news is by your side.

الاقتصاد السياسي للسودان

الاقتصاد السياسي للسودان

بقلم: د. سبنا امام

لم افهم ما عناه السيد رئيس الوزراء حين قال ان المالية تحصل فقط ١٨%من الايرادات وبالنظر للتقارير السنوية بموقع الوزارة نجد ان متوسطات الاداء للايرادات الحكومية في السنوات الاخيرة تزيد عن ٧٠%.

كما ان البيانات بموقع البنك الدولي توضح ان الايرادات العامة كنسبة من الناتج المحلي قد ارتفعت من ٧%في العام ٢٠١٧ الى ٨% في العام ٢٠١٨ ثم الى ١٢% في العام ٢٠١٩ بنسبة زيادة ٦٦% . كما تعكس البيانات ايضا ان الأنفاق الحكومي كنسبة من الناتج المحلي قد زاد من ١٤% في العام ٢٠١٧ الى١٥% في العام ٢٠١٨ ثم الى ١٨%في العام ٢٠١٩ بنسبة زيادة ١٨% والغريب ان الأنفاق الحكومي كان قد شهد تراجعا خلال الفترة من ٢٠٠٨ حتى٢٠١٦ بمتوسط ـ٨%.

فالسؤال الان هل حقا تحصل المالية فقط ١٨% وهل الاشكال في ضعف الايرادات ام في الارتفاع المضطرد للانفاق العام ولماذا ازداد الإنفاق العام باضطراد في السنوات الأخيرة في حين كان متراجعا في الفترة التي كانت البلاد تصدر النفط وتستفيد من عائداته في ايرادات الخزينة ؟ اعتقد اننا نحتاج مزيدا من الدقة والتفصيل خاصة حينما يتعلق الامر بالأرقام. كما واعتقد ان وزارة المالية لا تماطل كما قال السيد رئيس مجلس السيادة ولكن هنالك مشكلتان اساسيتان ستعطلان اي برنامج اقتصادي :

الاولى هى عدم اتفاق قحت على كيفية ادارة الاقتصاد واي نموذج تتبع هل هو نموذج الاقتصاد الحر الذي يقلص دور مؤسسات الدولة الى ادنى مستوى ممكن في الاقتصاد وهو النموذج القائم والذي يؤيده حمدوك وزير ماليته السابق والوزيرة المكلفة حاليا ام هو النموذج الماركسي الذي ينادي بتحكم مؤسسات الدولة في النشاط الاقتصادي والذي تؤيده اللجنة الاقتصادية لقحت.

لابد من حسم هذه النقطة والا فإن اي برنامج اقتصادي للحكومة سيواجه بالتعطيل والفشل. والثانية ان الحديث عن مماطلة وزارة المالية في استلام الاصول تنقصه الدقةفالوزارة لا تستطيع تسلم هذة الأصول بين عشية وضحاها وحتى لو شرعت في ذلك سياخذ هذا الامر وقتا طويلا هذا الامر يحتاج اولا عمليات مراجعة وحصر للاصول وتوفيق لاوضاع الموظفين قد يستغرق سنوات .

فعلى سبيل المثال لا الحصر ان هياكل المرتبات ولوائح العمل بهذه المؤسسات تختلف تماما عن لوائح وهياكل الخدمة المدنية لدرجة قد يستحيل معها الدمج فإما ان يرتفع هيكل المرتبات بالوزارة ليشابه هذه المؤسسات وهو امر مستحيل الحدوث واما ان تخفض مرتبات الموظفين بهذه المؤسسات لتتناسب مع هيكل الخدمة المدنية وهو ما يمنعه قانون العمل السوداني ويمكنني ان اوريد مئات التعقيدات التقنية التي لا يتسع المقام لذكرها .وعليه فحتى اكتمال عمليه التسليم والتسلم ستهدر الكثير من الاموال والوقت والقدرة الانتاجية لهذه المؤسسات.

الخطابات التحريضية بين طرفي الوثيقة لن تحدث تقدما في الملف الاقتصادي نحتاج للمجلس التشريعي حتى يتم سن قوانين جديدة واحداث التغييرات المؤسسية المطلوبة واهمها الاتفاق على اي مدرسة اقتصادية سيتبع الاقتصاد السوداني في عهده الجديد. التشريعي سيمنح كل الاطراف القدرة على ان تعمل معا بشكل منتج ومفيد لان شكل تفاعل السيادي والوزراء وقحت بشكله الحالي عقيم ومضر بعملية الانتقال وخاصة الجزء الاقتصادي منها.

Loading

شارك على
أكتب تعليقك هنا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.