آخر الأخبار
The news is by your side.

الاقتصاد السياسي للسودان .. استقلالية البنك المركزي … بقلم: سبنا امام

الاقتصاد السياسي للسودان .. استقلالية البنك المركزي … بقلم: سبنا امام

لكي نفهم اصل المصطلح اعلاه و تداعياته الاقتصادية لابد من ان نورد مقدمة تاريخية مبسطة. في بداية القرت الرابع عشر انتعشت الاقتصادات الاوروبية بفعل التبادل التجاري ووصلت ذروتها في القرنين الخامس والسادس عشر وتزامن ذلك مع التدهور الكبير في الاقتصادات في احزاء اخرى من العالم خاصة افريقيا والشرق الاوسط .وكانت ثروة الدول تحسب بما تملكه من الذهب والفضة وبذلك ازدادت اهمية النقود في الاقتصاد وهنا لانريد ان ندخل في الجدل الفلسفي المعني بما اذا كانت النقود محايدة ام ذات تاثير حقيقي على النشاط الاقتصادي ومع تزايد اهمية النقود كوسيط للتبادل التجاري الدولي ازدادت اهمية ارباب المال الدوليين الذين يملكون المؤسسات المالية الكبرى المتحكمة بالاقتصاد العالمي وتاثيرهم على اقتصادات الدول خاصة النامية والمتخلفة كالاقتصاد السوداني . وبتطور الانظمة المالية وظهور البنوك طور ارباب المال العالمي الاساليب المالية للتحكم في النقد العالمي وبالتالي التحكم في الاقتصادات الضعيفة. فاذا ما رضوا عن دول ما سهلوا لها الحصول على التدفقات المالية وانعشوا اقتصادها وحفزوا تدفق رؤوس الاموال والاستثماراا الاجنبية فيها واقرب نموذج و اثيوبيا وروندا ويحدث العكس اذا ما كانت الدولة محل غضبهم وقد اسلفنا في مقالات سابقة لماذا تنظر هذه الدول بعين الريبة للسودان وتحرص على عدم السماح له بالتطور . وبلغت ذروة الهيمنة المالية والنقدية بتوقيع اتفاقية بريتون وودز التي الغت قاعدة الذهب واصبح الدولار منذ ذلك الوقت هو المحدد لقيم العملات المحلية للدول لقبوله كوسيط في التبادل التجاري فضلا عن انه العملة المقبولة في تبادل السلع الاستراتيجية كالذهب والنفط.
واليوم يتحكم ارباب المال العالمي واصحاب المؤسسات المالية الكبرى في اقتصادات الدول عبر البنوك المركزية ولذلك يروجون لما يعرف باستقلالية البنك المركزي ويستخدمون المؤسسات الأكاديمية التي تمثل ال mainstream economic thinking والمؤسسات الاقتصادية العالمية المعنية بالسياسات المالية والإصلاحية كالبنك الدولي وصندوق النقد للترويج والتاكد من اجيالا من موظفي واقتصاديي البنوك المركزية على قناعة باهمية استقلالية البنك المركزي عن طريق العمل المباشر مع هذه البنوك والتدخل المستمر في سياساتها وتوجيهاها.فالبنوم المركزية تعمل لسنوات مع مندوبي البنك والصندوق ويتلقون تدريبهم المهني تحت اشراف هذه المؤسسات.
والواقع ان هذه الاستقلالية هى من اكبر معوقات النمو في الدول المتخلفة كالسودان. الذي نجد ان البنك فيه يتبع لمؤسسة الرئاسة والوضع الصحيح هو ان يتبع لوزارة المالية. فاستقلالية البنك جعلته يتحكم باصدار النقد والذي يصدر عادة بناءا على كم الاحتياطي النقدي من الدولار وهذا فيه اجحاف للاقتصاد اذ يفترض ان يصدر النقد حسب حجم النشاط الاقتصادي وان لا يحدد بالاحتياطي من الدولار مما يجعل الهم الاول لكل الجهاز الاقتصادي توفير الدولار. فمثلا اذا كان الاقتصاد يشهد انتعاشا في مرحلة ما ولديه القدرة على استيعاب النقد وجب ان تتم زيادة الكتلة النقديه حتى لو تجاوزت احتياطي الدولار او حتى الذهب عندما كانت العملات مرتبطة به. ثانيا عندما تحتاج الحكومة اليوم لتنفيذ مشاريع تنموية لانعاش الاقتصاد مثل مشاريع البنى التحتية تضطر للاستدانة من المركزي وبمرور الوقت يكبر الدين الداخلي ويفقر الحكومة بمرور الوقت .
اما لو كان البنك تابعا للوزارة فان بامكانها اصدار السندات الحكومية وزيادة الكتلة النقدية دون ان يكون عليها ديون لا وبل ويمكنها الحصول على فوائد من طرح هذه السندات . وبحسبة بسيطة اذا ما اصدرت المالية سندات بقيمة 20مليار بفوائدها وزائدا قيمة دينها لبنك السودان في عام واحد ولنفترض انه خمسة مليارات فان مجموع هذه الاموال سيكون ملكا للحكومة لا دينا عليها.
ولكن اليوم تضطر الحكومة للاستدانة الداخلية ذات الاثار التضخمية والاقتراض الخارجي لتمويل المشاريع الضرورية لتحقيق قفزات في النمو وبمرور الزمن اصبحت الحكومة مثقلة بديونها لبنك السودان فضلا عن الديون الخارجية وفقدت القدرة على تمويل الزراعة والصناعة وذلك لحل الركود لمستمر لسنوات الناجم عن عدم تحفيز الاقتصاد وانعاشه بزيادة الكتلة النقدية المواكبة لقدرات الاقتصاد وانظر الى موارد السودان الضخمة كلها مجمدة ملايين الاراضي القابلة للزراعة مصانع معطلة وقيمة مضافة ضائعة واحد اهم اسباب هذا الوضع هو استقلالية البنك المركزي وتبعيته لارباب المال العالمي الممثلين عبر سياسات البنك والصندوق. وحسب تحليلي اعتقد ان هولاء هم من اعطوا الاذن للصين لتستثمر في البترول مقابل تطبيق التحرير الاقتصادي الذي قضى على وجود الحكومة وسيطرتها على الاقتصاد واكمل دكتور صابر عملية استقلالية البنك ايزيد ارتباطه بالمؤسسات الدولية منذ ذلك الوقت بشكل مضطرد من تحرير الاقتصاد واصبح اقتصاد السودان منذ ذلك الوقت متحكما فيه بشكل كلي و معتمدا على المنح والقروض واكثر تاثرا بالعقوبات. وهم يحددون متى يسمحون لهذا الاقتصاد بالنهوض وعندها سيتدفق راس المال الاجنبي والاستثمارات. و حتى عندما سمحوا للصين بان تنتج النفط كانت الخطة هي فصل الجنوب واندلاع النزاع في دارفور والنيل الازرق فالنفط مرتبط باندلاع النزاعات وتعزيز الميول الانفصالية في الدول ذات الethniccal polraization خاصة في حالة غياب الديمقراطية ووجود الحكم الشمولي.
اليوم اذا ما تم اتباع البنك لوزارة المالية اولا سينفك ارتباط الاقتصاد السوداني بارباب المال وسيكون لها ولايه على كل القطاع المالي وستتحكم بحركة الدولار وستصدر النقود بحسب قدرة الاقتصاد على امتصاصها مما ينعش الاقتصاد ويحفز النمو وستتمكن الحكومة من احداث التوافق بين الكتلة النقدية والانشطة لاقتصادية. والاهم سيكون بالامكان تطبيق سياسات نقدية اكثر جودة لعدم تدخل اطراف ليس ذات اختصاص علمي ومهني في سياسات البنم كما هو الحال الان من سيطر المجلس العسكري وتدخله ومن قبله تدخل الرئيس المخلوع ونوابه ومساعديه.
ان استمرار تبعية اوحتى تدخل السيادي في المركزي تحت ذريعة استقلالية المركزي ستكون نتيجته الوحيدة فشل الإصلاح الاقتصادي وانهيار الاقتصاد.

Loading

شارك على
أكتب تعليقك هنا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.