آخر الأخبار
The news is by your side.

الإنتباهة والعنصرية في عهد التغيير والتحرر

الإنتباهة والعنصرية في عهد التغيير والتحرر

بقلم: سعد محمد عبدالله

لا يخفى علي أحد حقيقة تنامي التيارات العنصرية في عهد النظام الإنقاذي الإسلاموعسكري الذي بنى مشروع سياسي إقصائي وجه كافة الأسلحة لتنفيذ سياسات “فرق تسد” وقهر المجتمعات وتلويث البيئة الوطنية بالعنصرية، وهذا يقودنا لتسجيل ملاحظة حول محاولة الإعلام الإنقاذي المواصلة في التعبيير عن ذلك المشروع الفاسد رغم سقوطه، فقد صنع الإنقاذيين الإنقلابيين واجهات إعلامية هدفها تفتيت البلاد ولم تعمل إلا لبث خطاب الكراهية والعنصرة بين السودانيين، وكانت صحيفة الإنتباهة واحدة من منصات العنصرية منذ أن أسسها خال البشير العنصري الطيب مصطفى الذي إستهدف الجنوبيين طاعنا في سودانيتهم وإنسانيتهم وحقهم في الحياة حتى أجهض وحدة السودان بانفصال جنوب السودان عن السودان، وما لبست صحيفة الإنتباهة إلا بضعت أسابيع لتعود لعادتها وتطلق ألسنة وأقلام كتابها لتشويه عدد من مكونات المجتمع السوداني بذات اللغة العنصرية النتنة إذ انها باتت تمارس العنصرة كعادة متجزرة في أدبيات من يكتبون فيها، وقد ظهرت هذه الصحيفة يوم 28 فبراير بمادة عنصرية صاغها العمدة الحاج علي صالح وطلى بها صفحات العدد (4908) إستهدف من خلالها النساء السودانيات الرائدات في التغيير الذي قاد بلادنا إلي النور حيث وضع العمدة مع ذلك إشارات عنصرية تطعن في أحرار وحرائر السودان الحر الذي قاوم الإستبداد ودمر أعتى أمواج العنصرية في التاريخ المعاصر.

نحن كجيل جديد، صعدنا فوق الأمواج لنسبح بشجاعة نحو ضفة المواطنة بلا تمييز رافضين للظلم، وقاومنا النظام العنصري الإقصائي بكل تفاني، ويجب أن نواصل هذا الطريق ونرفض الإعلام العنصري الذي يسئ لشعارات ثورتنا المجيدة الخالدة ويسعى لتفكيك النسيج الإجتماعي وضرب وحدة ما تبقى من السودان بعد ذهاب الجنوب الحبيب، ومن هنا كشباب ثوري مستنير نضم أصواتنا جهرا للمناضلات الباسلات نساء السودان الجديد اللائي وقفن وأصدرن بيان ثوري وحقوقي يدين ويستنكر عنصرية صحيفة الإنتباهة، كما نساند الشكوة التي تقدم بها الأستاذ ياسر عرمان نائب رئيس الحركة الشعبية ورئيس وفدها لمفاوضات السلام لوفد حكومة السودان الإنتقالية التي نتوقع أن تأخذ الموضوع بجدية وتقوم بتقديم هذه الصحيفة للمحاسبة القانونية فورا، ويجب علينا أن نذهب خطوات أبعد من ذلك لإيقاف مد العنصرة، ونناشد كافة السودانيات والسودانيين لتنظيم مواكب جماهيرية في العاصمة والأقاليم من أجل “رفض العنصرية”، كما نطالب جميع المنظمات الحقوقية والإنسانية والتنظيمات الديمقراطية والإعلام الحر لرص صفوفهم ومقاومة داء العنصرية وتقديم مذكرات تطالب الحكومة بتجريم العنصرية ومحاكمة كل من يمارسها قولا وفعلا تنفيذا لشعار الثورة في جانب العدالة، فشعبنا قد إلتحم وقالها صراحة في هتافه الملهم “حرية سلام وعدالة .. ويا العنصري المغرور” وما ورد في صحيفة العنصريين كان بمثابة إطلاق “رصاصة” علي جسد السودان الذي خرج للتو من عملية التحرير التي قدمنا فيها شهداء وجرحى كرام وهبوا أنفسهم فداء لوطنهم وشعبهم وكان حلمهم بناء سودان خالي من التهميش والعنصرية، ويجب علينا أن نحمل تلك الرايات المضيئة ونكون أوفياء للقضية.

إن أهم صفات ثورة ديسمبر المجيدة انها كانت لوحة “سودان جديد” تتجسد في مرأة لامعة يظهر فيها السودانيين بثقافاتهم الجميلة، وهذا السر جعل الجميع يشعرون بالإنتماء للسودان بحق وحقيقة وانهم متساويين كخيوط ضوء الشمس في صباح الوطن، فمشاركة كل الناس في صنع الثورة أكد أن ثوار السودان كانوا مستنيرين ويدركون مكامن الخلل في السودان القديم والعلاج هو طلب الحرية والسلام والعدالة، وكيما نصل لمطالبنا سالفة الذكر علينا أن نتحد ونتماسك لمحاربة المفاهيم العنصرية التي تدعوا للتخلف والرجعية والعودة إلي العصر الحجري الذي فارقته البشرية منذ قرون سحيقة، وعلينا أن نسد “باب الريح لنستريح” فلسنا اليوم في سودان يتحكم فيه البشير وعصابات الجاهلية، نحن في دولة جديدة لا تقبل خطاب الكراهية والعنصرية، وهذه الدولة صنعها جيلنا الصنديد بجسارة يجب إستمرارها، فجنود الحرية والسلام والعدالة لن تكسرهم صحف الدمار التي شكلها ومولها النظام البائد بل سنحاربها بأفكارنا النيرة حتى تسقط.

أخيرا نرسل سلام الثورة لشعبنا وكافة الكنداكات المناضلات الحالمات بدولة السلام التي تحمي وتصون حقوق وحريات متساوية للجميع، ونحي ثبات وصمود الحركة النسوية السودانية الشامخة كجبال بلادنا ودورها الفعال في ثورة تحرير السودان من الحكم الدكتاتوري الإستغلالي والإستعلائي الذي لم يستطيع قهر “زقاريد النساء” في ساحات الكفاح الوطني التحرري، ومعركتنا الفكرية والأخلاقية ضد أبواق التخلف الإنقاذي الإسلاموي ما زالت مستمرة، وتلك معركة جيل الثورة لا بد من حسمها وكتابة تاريخ جديد للسودان الذي حرر شهادة ميلاده الذهبي في عهدنا بدماء الشهداء ودموع المهمشين بغية الوصول لمجتمع إنساني تعاوني ودولة حرة ديمقراطية موحدة، فالفجر في بلادنا لم يكتمل إنبلاج ضوئه إلا بازالة ظلام صحيفة الإنتباهة وجميع الواجهات التي تسببت في إنقسام السودان جنوبا وشمالا ونشوب الحروب العبثية الموجهة ضد النساء والشباب بالتمييز اللوني والديني سعيا لتجفيف ينابيع دوحة التنوع التاريخي والمعاصر الذي يمثل الوجه الحضاري للسودان وهذا تجاوز صارخ وخطير جدا ضد حقوق الإنسان وأخلاق السودانيين التي لا تميل لسلوكيات العنصرية والكراهية إنما نحن شعب السلام أخذنا جبرا وجورا لتلك الحروب والإنقسامات، وشعبنا الذي قاوم ذاك النظام الفاسد والمستبد قادر علي الصمود ومواصلة كفاح التحرير حتى أخر نفس، ولن نعود أبدا بعد ثورة ديسمبر العظيمة إلي عهد الذل والهوان.

Loading

شارك على
أكتب تعليقك هنا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.