آخر الأخبار
The news is by your side.

اجازة قانون مفوضية اصلاح المنظومة العدلية والحقوقية

اجازة قانون مفوضية اصلاح المنظومة العدلية والحقوقية، بداية الطريق نحو دولة السلام والحرية والعدالة

بقلم: مولانا عبدالقادر محمد أحمد
كان للقضاة والمحامين في السودان دور وطني مشهود في التصدي لممارسات الأنظمة الشمولية، ودور رائد في ثورة أكتوبر 1964 وانتفاضة أبريل 1985، وقد فطنت الإنقاذ لهذه الحقيقة ولذلك صوبت سهامها نحو القضاء والقضاة، فكان حجم الخراب والتمكين الذي أحدثته داخل السلطة القضائية بما يفوق الخيال، سواء في تكوينها البشري أو هياكلها و مكوناتها الإدارية، وكل آليات تسييرها، وبدورها لم تسلم مهنة المحاماة وبقية أطراف المنظومة العدلية والحقوقية، من تدجينها لصالح الإنقاذ، فأصبحت تلك المنظومة، وفي مقدمتها القضائية، تناسب تماما مطلوبات دولة اللاقانون.

كان من الطبيعي أن يكون من أولويات ثورة ديسمبر تغيير هذا الواقع، ولذلك جاء مشروع قانون مفوضية الاصلاح، ليمثل خارطة الطريق نحو اصلاح المنظومة العدلية والحقوقية بكاملها، والسلطة القضائية على وجه الخصوص، لكنه ووجه بمقاومة شرسة من أنصار النظام السابق وغيرهم من أعداء الثورة، في محاولة لإبقاء الأوضاع كما هي، فهم ينظرون إلى الخراب الممنهج الذي احدثوه في كامل المنظومة كمكتسبات يجب التمسك بها، سواء تحققت احلام العودة ام لم تتحقق.

من جانب آخر، يلاحظ أن الصراع حول الإصلاح القضائي بالذات ، هو في الواقع مظهر من مظاهر معركة كبرى تدور بين أنصار الثورة ومن يعملون ليلا ونهارا علي وأدها وخلق واقع جديد، هذه المعركة لها وجود في الشارع السوداني وداخل كل مكونات الدولة، بما فيها السلطة القضائية، من حيث تدري ولا تدري.

في إطار هذا الصراع بذلت قوى الحرية والتغيير مجهودا مقدرا لإجازة قانون المفوضية، وأخيرا تم إدراجه ضمن بنود مصفوفة المهام العاجلة للمرحلة الإنتقالية، ليواجه بعدة عقبات قبل أن يقوم السيد وزير العدل في منتصف مايو الماضي، بارساله للأمانة العامة للمجلس السيادي لاجازته بواسطة الإجتماع المشترك للمجلسين، ومنذ ذلك الحين اختفت وتضاربت الأقوال حول مصيره، وفي يونيو الماضي تقدمت لجان المقاومة بمذكرة مطالب للحكومة، من بينها الإصلاح العاجل والشامل للأجهزة العدلية، عبر قانون مفوضية الإصلاح.

بعد التعديل الذي ادخل على قانون التفكيك ليشمل تعريف أجهزة الدولة، القضائية والنيابة العامة، صدر قرار من عضو مجلس السيادة الأستاذ محمد الفكي، بصفته رئيسا مناوبا ل (لجنة إزالة التمكين ومحاربة الفساد)، بتشكيل لجنة إزالة التمكين ومحاربة الفساد واسترداد الأموال بالسلطة القضائية، من إحد عشر قاضيا بالإضافة إلى ممثلين من لجنة تسيير نقابة المحامين وستة محامين.

وفقا للقرار تختص اللجنة بالتوصية للجنة العليا بإنهاء خدمة أو اتخاذ الإجراءات القانونية في مواجهة اي قاض تتوافر في حقه اي من الأسباب الواردة في القرار .

لاحقا تسرب كشف يحوي أسماء عدد من القضاة بمختلف الدرجات باعتبارهم المرشحين للعزل، وفقا للاستطلاعات، يحتوي الكشف على أسماء يتوقع بأن تكون محلا للعزل، وأسماء لقضاة بعيدين عن أن يكونوا محلا لشبهات العزل، وعدم ورود أسماء يجب أن يشملها العزل، ثم تبع ذلك استقالة أربعة قضاة من عضوية لجنة إزالة التمكين، فكان ذلك مبررا كافيا لما فسر بأنه محاولة مدسوسة لإفشال مهمة لجنة التفكيك الأم .

اعتقد ان اجازة قانون مفوضية اصلاح المنظومة العدلية و الحقوقية، قد حسم هذا العراك ليبقى الآتي :-

& الكشف المسرب وما دار حوله يؤكد أهمية العمل المنهجي في كل خطوات الإصلاح العدلي، وأرى في اجازة قانون المفوضية ما ينهي الخلاف حول مدى سلامة تدخل لجنة إزالة التمكين في عزل القضاة، والتي حرصت – فيما يبدو واضحا – على إزالة التمكين في السلطة القضائية، كواحدة من مهام المرحلة، بعد العقبات التي واجهت اجازة قانون المفوضية، ولا شك أن ما واجهه هذا القانون من عقبات كان في إطار صراع سياسي، اضطرت اللجنة لمواجهته بذات المنظور، بينما تمسك بعضنا بالمنظور الأصولي المهني الذي يحفظ لتلك الأجهزة ومنسوبيها خصوصية دورها، فيبقى بين الجميع وحدة الهدف.

& في ظني، أن بعض أو فلنقل كل، السادة القضاة الذين عينوا في عضوية لجنة إزالة التمكين، بدورهم قبلوا ذلك في ظل العقبات التي لازمت اجازة مشروع قانون المفوضية، وقد كان بعضهم من أكثر المتحمسين له، فنظروا لقانون التفكيك كأمر واقع وسعوا لتطبيقه حرصا على أن يتم العزل وفقا لأسس عادلة حسب تبريرهم، وان كان ذلك ليس مبررا كافيا، لكن يبقى بين الجميع وحدة الهدف.

& اجازة قانون مفوضية اصلاح المنظومة الحقوقية والعدلية، خطوة أولى في طريق طويل ملئ بالعقبات، لذلك يظل دور قوى الحرية والتغيير كحاضنة سياسية للحكومة الانتقالية بكل مكوناتها، قائما بما لها من حق المتابعة والتأكد من قيام المفوضية بكل مهامها على الوجه المطلوب.

& سيتعرض تطبيق هذا القانون لعدة عقبات حتى من داخل الأجهزة المعنية بالإصلاح، ويبقى من واجبنا جميعا كمواطنين وكقانونيين، الحرص على المساهمة في أعمال المفوضية، بحضور الورش أوتقديم الأوراق أو كتابة المقالات والمتابعة اللصيقة، لنقف بالمرصاد ضد كل محاولات الالتفاف، وليكون للجميع شرف المشاركة في وضع حجر أساس دولة السلام والحرية والعدالة.

Loading

شارك على
أكتب تعليقك هنا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.