آخر الأخبار
The news is by your side.

إصلاحات إبراهيم البدوي الهيكلية للإقتصاد السوداني (على خطى البرازيل)

إصلاحات إبراهيم البدوي الهيكلية للإقتصاد السوداني (على خطى البرازيل)

بقلم: أمجد هاشم

ينتهج الإقتصاد البرازيلي سياسة إقتصاد السوق أو الإقتصاد الحر ويسمى كذلك بالإقتصاد الرأسمالي وهو النظام الإقتصادي لليبرالية و يقوم على تشجيع الملكية الخاصة لوسائل الإنتاج وتحفيز المبادرات الفردية بعكس النظام الإشتراكي الذي تفرض فيه الدولة ممثلة في (القطاع العام) سيطرتها على الأنشطة الإقتصادية حصريا مما يقلل من فرص التنافسية الحرة و يعزز نفوذ البيروقراطية الإدارية الفاسدة وبالتالي يشكل عامل طرد للإستثمارات الأجنبية وشركات القطاع الخاص المحلية.
يعتبر الوضع الإقتصادي في البرازيل ثابت ومتين جدا مقارنة بجوارها الإقليمي فمن بعد الأزمة الإقتصادية التي سميت ب: (أزمة الثقة) في 2002 سهلت الحكومة الإستثمارات الأجنبية ودعمت الشركات المحلية (القطاع الخاص) لمباشرة التصدير والنتيجة كانت أن حجم الناتج المحلي الاجمالي للبرازيل في 2007 فاق جميع التوقعات وتعدى حاجز الترليون دولار ليضع البرازيل في مرتبة تاسع أكبر إقتصاد في العالم وفي المرتبة الأولى على مستوى أمريكا اللاتينية مع متوسط ناتج محلي للفرد يبلغ أكثر من 6000 دولار.

*ما هي قصة الإصلاحات الهيكلية للإقتصاد في البرازيل؟؟؟

في العام 2003 نفذت البرازيل برنامجا للتقشف وتخفيض الإنفاق الحكومي وفقا لخطة صندوق النقد الدولي بهدف سد العجز في الموازنة والقضاء على أزمة الثقة وقد أدى هذا البرنامج إلى رفع التصنيف الإئتماني للبرازيل ومن ثم ساهم ذلك بقوة في جذب الإستثمارات الأجنبية المباشرة و التي قدرت ب200 مليار دولار في الفترة من 2004 وحتى 2011، وقد أدت هذه الإستثمارات إلى رفع الطاقة الإنتاجية للدولة وهو ما يعني توفير فرص عمل جديدة وخفض معدلات البطالة ومن ثم المساهمة في حل مشكلة الفقر، وهو ما دفع 2 مليون مهاجر برازيلي إلى الهجرة العكسية و العودة الى بلادهم كي يساهموا مع غيرهم في تحريك عجلة الإنتاج التي أنعشتها الرساميل الأجنبية… وبعد أن كان صندوق النقد الدولي يرفض إقراض البرازيل في أواخر عام 2002 بسبب التشوهات الهيكلية في إقتصادها أصبح مدينا لها الآن ب14 مليار دولار بعد ثماني أعوام إنخرطت فيها البرازيل في برنامج مكثف للإصلاح الإقتصادي مكنها في النهاية من إستعادة إستقلاليتها الإقتصادية والتخلص من قيود مؤسسات التمويل الدولية… وفي الوقت الحالي تعتبر البرازيل أحد أكبر المصدرين في العالم حيث وصل حجم صادرتها إلى 137 مليار دولار سنويا وتوقعات المحلليلين الاقتصاديين تجزم بأن البرازيل ستتصدر القائمة العالمية للمصدرين بحلول العام 2050… بالرغم من أن من قاد هذه الاصلاحات الإقتصادية في بدايتها هو الزعيم العمالي لولا دا سيلفا إلا أنه إتسم بالواقعية والبراغماتية في تعامله مع الأزمة الإقتصادية في البرازيل ولم ينجرف كما فعل نظيره تشافيز في فنزويلا وراء الأفكار اليسارية الراديكالية المتشددة والمعادية للإستثمارات.

*أيهما أجدى… خيار الدعم النقدي المباشر (مقترح إبراهيم البدوي) أم خيار الدعم السلعي (مقترح الأحزاب اليسارية الراديكالية في ق.ح.ت)؟؟؟؟؟

دشنت البرازيل برنامج الدعم النقدي المباشر المعروف بـ (بولسا فاميليا)… ويقوم البرنامج على أساس إعطاء معونات مالية للأسر الفقيرة بقصد رفع مستواها وتحسين معيشتها، على أساس أن تُعَرف الأسر الفقيرة بأنها الأسرة التي يقل دخلها عن 28 دولار شهريا فكانت تحصل الأسرة على دعم بمتوسط يبلغ تقريبا 87 دولار شهريا وهو ما يعادل 40% من الحد الأدنى للأجر في البلاد. وقد كانت انجازات هذا البرنامج باهرة جدا، فقد وصل عدد المستفيدين إلى نحو 11 مليون أسرة، وهو ما يعنى 64 مليون شخص بما يعادل حوالي 33% من الشعب البرازيلي.. البرنامج لم يقضى على الفقر تماما ولكنه صعد ملايين الأسر من منطقة الفقر إلى منطقة “الطبقة الوسطى الجديدة”، حيث تقول مؤسسة سيتيليم المتخصصة في أبحاث المستهلكين انه قد صعد إلى الطبقة المتوسطة أكثر من 23 مليون شخص يتراوح دخلهم من 457 إلى 753 دولارا شهريا… وبشكل عام فقد ساعد برنامج (بولس فاميليا) في خفض مؤشر جينى بنسبة 21%، في حين أدت عمليات رفع الحد الأدنى من الأجور إلى خفض المؤشر بنسبة 32%. و يقول البنك الدولي أن دخل أفقر 10% من السكان يزيد بنسبة 9% سنويا في حين يزيد دخل الطبقات الأغنى بنسبة تتراوح بين 2-4% سنويا، وهذا يعنى تقليل الفجوة بين الطبقات بصورة تدريجية.
إذا فقد توصلت البرازيل إلى العدالة الاجتماعية عن طريق رفع الحد الأدنى للأجور وتدشين برنامج الدعم النقدي المباشر للأسر الفقيرة وتوفير فرص العمل التي أتاحها انفتاح البلاد على الاستثمارات الخارجية وكسب ثقة المستثمرين الأجانب، وليس عن طريق تبنى سياسات الدعم السلعي الغير منضبط والمرهق للميزانية و الذي تدعمه مجموعة الأحزاب اليسارية الراديكالية في ق.ح.ت (البعثيين والشيوعيين والناصريين) والذين توقفت حلولهم للمشكلة الإقتصادية عند محطة التأميم والمصادرة والإستحواذ على مؤسسات القطاع الخاص وإعادة إحياء القطاع العام المنفر للاستثمارات والطارد للمستثمرين…
إن الإقتصاد السوداني بعد ثلاثين عاما من (التخريب الكيزاني) لن يحتمل (التجريب القحتي) لتوجهات إيديولوجية إشتراكية ثبت فشلها عالميا في كل من الاتحاد السوفيتي وألمانيا الشرقية المنهارتين ولم تزيد حياة المواطنين هناك إلا ضنكا وبؤسا كما أن إعادة تجريب نفس السياسات في فنزويلا (جارة البرازيل الشمالية) بواسطة رئيسها الشيوعي هيوجو تشافيز دمر فنزويلا إقتصاديا وأنتج أعلى معدل تضخم وبطالة في العالم وأسوأ تدني في القوة الشرائية على مر التاريخ البشري و قاد إلى إنهيار مريع في قيمة العملة المحلية لدرجة أن الحد الأدنى للأجر في فنزويلا أصبح يتحمل تكلفة شراء 2% فقط من سلة الغذاء الأساسية وهو ما دفع نصف الشعب الفنزويلي تقريبا للهروب جماعيا إلى الولايات المتحدة الأمريكية بالرغم من أن فنزويلا أغنى كثيرا من البرازيل من ناحية الموارد فهي تمتلك أكبر إحتياطي نفطي في العالم.
لكل ما سبق أثق في السيد وزير المالية وأدعم إصلاحاته الهيكلية لتحسين مؤشرات الإقتصاد الكلي (على نفس خطى الرأسماليات الناشئة في البرازيل والهند وتركيا وجنوب أفريقيا) حتى وإن لم تؤتي هذه الإصلاحات ثمارها وقتيا، وأرفض حملات التحريض و التشويش والهجوم المؤدلج لليسار الراديكالي على الحكومة وسياساتها الإقتصادية الشجاعة وهو الهجوم المبني على الأكاذيب وإجتزاء الحقائق والإستعجال على النتائج.. إن تمادي أحزاب اليسار الراديكالي في هذا المسلك سيفقد الفترة الإنتقالية سندها الشعبي لا محالة وسيحولنا في نهاية المطاف إلى دولة إشتراكية فاشلة ومعزولة دوليا مثلها مثل (كوبا وفنزويلا وكوريا الشمالية)
*الأرقام والمعلومات عن الإقتصاد البرازيلي في هذا البوست منقولة من موسوعة ويكيبيديا الحرة.

Loading

شارك على
أكتب تعليقك هنا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.