آخر الأخبار
The news is by your side.

أفكار حرة  … بقلم: حليم عباس  .. عن دماء الشهداء

أفكار حرة  … بقلم: حليم عباس  .. عن دماء الشهداء

لأن العاطفة بطبيعتها غير سياسية، و لا مكان لها في السياسة. يجب أن تتم عقلنة قضية دماء الشهداء، يجب إخراجها من حيز العاطفة الى حيز العقلانية.

و ذلك ليس تقليلا من العاطفة أو المشاعر، و لكن لأن كل ما يتم التعبير عنه حصريا بشكل عاطفي لا يؤخذ بمحمل الجد، خصوصا في السياسة.

في السياسة هناك تغليب المصلحة و المساومات و تعظيم المكاسب السياسية، و عندما تظل قضية الشهداء في حيز العاطفة فإنه يتم التعامل معها مثل كل الأمور العاطفية: الشهداء ماتوا فليرحمهم الله، و الذين يطالبون بالقصاص هم ناس غير سياسيين أو لا يعرفون السياسة و لا يُمكن بالتالي التعامل معهم أو أخذهم على محمل الجد.

يجب أن تأخذ قضية جرائم القتل التي تمت للمتظاهرين في كل السودان، و كل جرائم القتل و جرائم الحرب، يجب أن تأخذ حيزاً واضحاً من الآن ضمن أي خطاب يتعلق بالمرحلة المقبلة، تماما مثلها و مثل قضايا الدستور و الاقتصاد و التنمية.
و يجب عقلنة هذه القضية بشكل واعي.و ذلك بتحويلها من قضية قصاص من “الكيزان الأشرار” و إشباع لعاطفة الانتقام ( هذا ما يجعلها غير جدية و لا تؤحذ على محمل الجد)، تحويلها من قضية هدم الى قضية بناء. بمعنى أن الغرض من العدالة هو ليس فقط القصاص و العقاب و إنما هو بناء وعي جديد و نظام جديد تنتفي فيه مثل هذه الجرائم الى الأبد.

عندما يكون الغرض من القضية هو غرض عقلاني مصلحي ، و ليس غرض عاطفي ثأري، فإنها تكتسب مشروعية سياسية بالاضافة الى المشروعية القانونية و الأخلاقية و العاطفية. و لن يتخلى عنها الناس بسهولة في مقابل بعض التنازلات و المساومات، و لن تكون أقل أهمية من قضايا التداول السلمي للسلطة و قضايا التنمية، ستكون قضية الأحياء و المسستقبل بأكثر مما هي قضية الموتى و الماضي. هذه هي فائدة العقلنة.

و بذلك سنكون حققنا الثأر و القصاص للشهداء، و في نفس الوقت عالجنا جذر المشكلة بما يمنع حدوثها مستقبلاً.

يجب أن تكون قضية دماء الشهداء هي قضية استرداد كرامة الأنفس و قيمة الإنسان المهدرة في وعينا قبل أن تكون في وعي و ممارسات السلطة، و لذلك فهي قضية الأحياء و هي قضية عقلانية و مصلحية بامتياز.

Loading

شارك على
أكتب تعليقك هنا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.