آخر الأخبار
The news is by your side.

أسئلة حول تراجع العلاقات السودانية المصرية

أسئلة قلقة حول تراجع العلاقات السودانية المصرية من منظور أماني وعبدالفتاح وتاج السر بقلم: سعد محمد عبدالله

تابعنا مقالة الدكتورة المصرية أماني الطويل التي وضعت في طيات حروفها عدد من الأسئلة والإستفهامات التي تستوجب نقاش عميق وأجوبة منطقية حول إحتمالات تراجع محبة السودانيين لمصر طبقا للحملة الإعلامية النشطة هذه الأيام والمتكررة من حين لأخر بين كتاب من الدولتيين، وهذه المرة أتت الحملة الإعلامية علي خلفية إعلان حكومة السودان قرارات قفل المجالات الجوية والبرية بين السودان ومصر بسبب إجتياح فيروس كورونا لعدد كبير من دول العالم من حولنا، وهذا الأمر قد أثار ضجة “إستنكارية” في الوسط الإعلامي المصري، وقد تبعت مقالة الطويل آنفة الذكر ردود من كتاب السودان الذين تحدثوا بقلق وبعضاً من حس الملامة علي المصريين، حيث كتب الأستاذ عبدالفتاح عرمان مقالته تحت عنوان “ردا علي أماني الطويل: تراجعت محبة السودانيين لمصر لهذه الأسباب” والتي سرد من خلالها عدة أسباب لتراجع محبة الشعب السوداني لمصر، وقدم الأستاذ عبدالفتاح مقترح فتح أبواب للحوار الجاد بين المثقفيين السودانيين والمصريين بخصوص حاضر ومستقبل العلاقات بين البلدين، وعند إطلاعي علي نص مقالة صديقي عبدالفتاح لفت إنتباهي بشدة لحوجة الشعبيين لحوار يعيد رسم خارطة العلاقة بين الدولتيين بعيداً عن التشنج الذي أطبق علي المشهد السوداني المصري، وفي ذات المسار، كتب الأستاذ القامة تاج السر حسين مقالة تحت عنوان “د. أماني الطويل والحب الذي تراجع بين السودانيين والمصريين” وسرد الأستاذ تاج السر من لدن تجاربه الطويلة وفكره الواسع أسباب تراجع العلاقات الطيبة بين السودانيين والمصريين مستشهداً بحوادث وقضايا مفصلية لم تجد العناية الكافية من قبل مثقفي البلدين طوال السنوات الماضية ومن أهما قضيتاً “حلايب وشلاتين”، هذا إضافة لمعادلة إنتهاكات حقوق الإنسان وملف مياه النيل وسد النهضة بدولة أثيوبيا وكيفية تعاطي الجانب المصري مع كل هذه المشكلات، وعموماً قد قام الكاتبان السودانيان عبدالفتاح وتاج السر بالرد اللائق للدكتورة العزيزة أماني الطويل حول مجمل مسببات تباعد الشعبيين، ونأمل أن تفتح هذه المقالات نافذة مشرقة للحوار الجاد بين الجميع.

إن العلاقات الشعبية بين السودان ومصر تشكل سلسلة من التواصل عبر التاريخ الممتد وهو شاهد علي الروابط الإجتماعية والثقافية والإقتصادية بين البلدين، ويجب أن نسعى معاً للحفاظ علي علاقاتنا باحكام ربطها لتحقيق المصالح العليا للشعبيين، ويجب تفعيل الحوار الفكري والسياسي الذي يقوم علي الإحترام المتبادل ليفضي في نهاياته إلي حلول جزرية تعالج كافة تشوهات الحاضر وترسم ملامح جديدة للمستقبل، وقبل الذهاب إلي الحوار، لا بد لنا من إتخاذ خطوات مهمة جدا في إتجاه وقف التراشق اللفظي الذي ينتشر علي الفضاء الإعلامي المفتوح والبحث عن آليات ووسائل جديدة لإدارة نقاشات عميقة حول حاضر ومستقبل السودان ومصر، هذا هو المنحى الأصح لتصحيح الأخطاء التي نراها الآن بعين الواقع الموضوعي، لذلك نرى أن هنالك ضرورة ملحة جداً لأن نأخذ هذه القضية بواقعية وجدية ونعمل باجتهاد لحلها وإستشراف الغد برؤية واضحة مبنية علي أسس الشراكة الحرة التي لا ثقب فيها لتمرير هواء خلافات بعض النخب المستفيدة من هذه الصراعات، فتقديم مصالح الشعوب هو الذي يبني المستقبل المنشود.

إن ثورة ديسمبر المجيدة تعطينا حصص يجب أن ندرك معانيها جميعاً كي نعبر نحو المستقبل، فشعب السودان الذي قاوم الإستبداد عبر التاريخ أنجز الثورة المهدية وثورتي أكتوبر وأبريل وختمها بثورة ديسمبر مؤكداً أن إرادة الشعوب لا يمكن أن تتقهقر وتقهر مهما بلغ الظلم مداه، وكذلك فعل الثوار بمصر، لذلك نحن نتسلح بالحوار الشعبي عبر قنوات المثقفيين الذين يمثلون الواجهة المعبرة عن أصوات الجماهيير في كافة أوجه الحياة، والمثقفيين يحملون آمال شعوبهم ويتكلمون بألسنتهم، وهنا ورد في ذهني حديث شيق كان يجري بيني وصديقي الفيلسوف الجزائري الراحل البشير ربوح الذي قال لي في واحدة من محادثاتنا “أن المثقف الحقيقي هو من يعبر عن أحلام شعبه ويعكس ذلك علي الآخريين” وقد علقت هذه العبارة بذهني، تعلمت درساً جديد في مدرسة الفلسفة “البشيرية” كما أحبها، وهذه العبارة ذكرتها للتذكيير بمهام المثقف ألها تفيد الجميع في التفكير حول شأن المجتمع والتعبيير عن أحلام وتطلعات السودانيين والمصريين الذين تعايشوا وخبروا بعضهم منذ ملايين السنيين، ولا يصعب عليهم الآن فتح قنوات حوار لحل مشكلاتهم وبناء علاقات جديدة قائمة علي إرثهم التاريخي ورؤيتهم لأوطانهم في القرن الحادي والعشرون، وهنا، عند خاتمة الحديث، أود أن أسجل صوت سلام ومودة للدكتورة أماني الطويل والأساتذة تاج السر حسين وعبدالفتاح عرمان، فقد فتحوا بمقالاتهم تلك فضاء للنقاش حول قضايا العصر التي تهم دولتي السودان ومصر، ونتمنى أن يعم السلام بلداننا.

Loading

شارك على
أكتب تعليقك هنا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.