آخر الأخبار
The news is by your side.

يقظة فكر … بقلم: د. ولاء أمين .. المستهلك والهمجي

يقظة فكر … بقلم: د. ولاء أمين .. المستهلك والهمجي

الإنسان المستهلك أسوء من الهمجي، ذلك أن الهمجي لا يُعدم الأمل منه في التحضر عبر الإنتاج…أما المستهلك دون إنتاج فهو دون الهمجي ويعدم الأمل منه فهو صاحب جهل مركب، كيف يتعلم من ظن بنفسه العلم؟!.

الإستهلاك لا يُقصد به استهلاك مادي لسلع ومشتريات فقط…بل قد يكون استهلاك فكري وتآكل لمشاريع وطموحات و اجتهادات معرفية لصالح البقاء في الساحة وبذلك يتم إنتاج مفاهيم رخوة لا نواة لها، فمثلاً مفهوم “السلام” تم استهلاكه لدرجة إبطال أحد سنن الله في كونه وهي سنة “التدافع”، فالمرء لا يدفع الظلم ويقبل كل منكر وباطل تحت بند السلام…وبذلك تعطل مشروع فكري كبير يقود إلى “سلام” تسبقه مقدمات وتحكمه محددات، “سلام” يكون نتيجة لإشاعة الحق والعدل بين الناس فينفض النزاع بينهم لعدم وجود نواة الظلم وبذور الخصام.

هذا النوع من الاستهلاك والتآكل الفكري أخطر أنواع الاستهلاك…ذلك أنه ينتج مفاهيم يمكن تسميتها ب “مفاهيم السوق”…فهي مفاهيم يطلبها السوق لا تؤثر فيه ، بل على العكس تتأثر به وهي بذلك تكون مسمومة ومختلة فهي وليدة مجتمع مختل، هذا النوع من المفاهيم لا يعول عليها في البناء الفكري لأي مجتمع،  لأنها غير قادرة على إنتاج أفراد يؤمنون بأن وظيفتهم هي الأخذ بيد الأمة، فالآخذ بيد الأمم الذي منه ثمة مروءة وشرارة حمية، يدرك ما هي وظيفته إزاء الإنسانية…وظيفة السعي في رفع الضغط عن العقول؛ لينطلق سبيلها في النمو فتمزق غيوم الأوهام التي تمطر المخاوف وسوء الأفهام التي تبقينا أسرى للعجز عن التقدم.

من هنا ندرك أن مهمة كل مفكر هي الوقوف قليلاً بين الفنية والأخرى والتوقف عن هوس المتعة الاستهلاكية ومراجعة المفاهيم…مراجعة تجعله يدرك أن “الأنا” تتلاشى في مقابل “الأمة”، وأن الانتصار لشهوات “الأنا” والبقاء في الساحة دون مراجعة أو تدقيق…ماهو إلا بقاء “هنا” وتلاشي في المستقبل.

Loading

شارك على
أكتب تعليقك هنا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.