آخر الأخبار
The news is by your side.

مداد وقلم : تغيير التلفزيون القومي بعد الحرب اللعينة واقع ملموس فى ظل التحديات

مداد وقلم : تغيير التلفزيون القومي بعد الحرب اللعينة واقع ملموس فى ظل التحديات

كتب : معتز عبدالقيوم

في ظل الحروب والأزمات التي تعصف بالدول، يبقى الإعلام هو المرآة التي تعكس واقع الأحداث، ويكون في بعض الأحيان النافذة الوحيدة التي يرى العالم من خلالها تفاصيل المشهد.

لقد كان السودان في خضم أزمته الأخيرة، وبعد احتلال الخرطوم من قبل المليشيات، شاهداً على انهيار المنظومة الإعلامية بشكل مقلق، حيث توقف البث التلفزيوني القومي لفترة، وعمّ الصمت في وقت كانت البلاد أحوج ما تكون لصوت يعبر عن معاناتها وصمودها.

منذ اللحظات الأولى لسقوط الخرطوم وسيطرة المليشيات على التلفزيون القومي والإذاعة، خيمت حالة من الغموض والضبابية على المشهد الإعلامي، ولم تعد القنوات المحلية قادرة على إيصال الحقيقة كما هي. ومع ذلك، عادت القناة الوطنية للبث تدريجياً، رغم كل الصعوبات التي واجهتها. هذه العودة لم تكن مجرد بث عادي، بل كانت أشبه بولادة جديدة، مليئة بالتحديات وممزوجة بمعاناة شعب بأكمله.

العودة من بين الرماد
التغيير الذي طرأ على التلفزيون القومي بعد العودة للبث لم يكن محض صدفة، بل كان نتيجة جهد عظيم بذله جنود مجهولون حملوا على عاتقهم مسؤولية إعادة بناء رسالة إعلامية وطنية. هؤلاء العاملون في الظل، رغم التحديات الأمنية واللوجستية، نجحوا في نقل صورة حقيقية لما يجري على أرض المعركة، وأعادوا للتلفزيون دوره في توثيق الأحداث، وتعزيز الثقة في قدرة الإعلام الوطني على مواكبة اللحظة، رغم كل الصعوبات.

لقد تحول التلفزيون القومي إلى منصة تنقل الحقيقة دون تزييف، تُظهر انتصارات الجيش السوداني، وتوثق معارك الكرامة التي يخوضها أبطال القوات المسلحة والمستنفرين. هذا التحول لم يكن مجرد إعادة تشغيل المعدات وبث الأخبار، بل كان بمثابة تغيير في الرؤية والمنهج، حيث أصبح التلفزيون يعمل بمنظور جديد يركز على المصداقية، ويُظهر للعالم صورة السودان المتمسك بكرامته ووحدته.

التحديات والتحولات المستقبلية
لا يمكن إنكار أن التلفزيون القومي يواجه تحديات كبيرة. فبعد سنوات من الركود والتخبط، ومع دخولنا عصر الإعلام الرقمي المتسارع، لا بد من أن تتبنى هذه المنصة استراتيجيات جديدة تلائم التحولات العالمية. على التلفزيون أن يطور نفسه من مجرد وسيلة لنقل الأخبار إلى منصة إعلامية رقمية متعددة الأبعاد، تتسم بالابتكار وتقدم محتوى يلبي طموحات الجمهور المحلي والعالمي.

المستقبل يحمل آفاقاً واسعة للتلفزيون القومي إذا ما استمر هذا الزخم. فالإعلام الوطني ليس مجرد ناقل للحدث، بل هو شريك في تشكيل الوعي العام، وأداة للتصدي للمؤامرات والمخططات التي تستهدف البلاد. لذا، فإن الرسالة الأهم اليوم هي الاستمرار في هذا النهج التحولي، والتأسيس لبنية إعلامية حديثة تكون قادرة على مواجهة التحديات المستقبلية.

خاتمة: الإعلام صوت الوطن
إن تجربة التلفزيون القومي في ظل هذه الظروف العصيبة أثبتت أن الإعلام الوطني قادر على النهوض من جديد، مهما كانت المعاناة والمحن. فقد أصبح رمزاً للصمود، ومثالاً للتحدي في وجه كل من أراد العبث بأمن السودان واستقراره. هذه التجربة تستحق التوثيق والاحتفاء بها، لأنها تعكس روحاً وطنية خالصة، وإرادة قوية قادرة على البناء وسط الركام. نعم، التلفزيون القومي تغير، ولن يتوقف عند هذا الحد، بل سيمضي قدماً ليكون في طليعة الإعلام السوداني الجديد.

Loading

شارك على
أكتب تعليقك هنا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.