آخر الأخبار
The news is by your side.

ماذا لو حلم كتشنر باشا بالخرطوم 1-2

ماذا لو حلم كتشنر باشا بالخرطوم 1-2
بقلم: عواطف عبداللطيف
ما أن نشرنا مقالنا بالعنوان أعلاه إلا تلقيت رسالة من صديقة عزيزة وأنصارية قح أرفقت معها مقال للدكتور. محمد المصطفي موسى حامد الطبيب الاديب القاص المقيم بأيرلندا نورده لقيمته التوثيقية العالية عنوانه :
(في ذكري معركة شيكان .. .. قراءة تحليلية لردود أفعال الصحافة البريطانية وبعض الصحف العالمية بعد الموقعة) وباذن الله ننشره علي جزئين لكمال الفائدة ولمحتواه الدسم كتاريخ يجب ان يسجل في ذاكرة الاجيال شكرا د. محمد المصطفي علي هذا الجهد وسنورد في الجزء الثاني المصادر بحسب ما أوردتم …
في 5 نوفمبر من العام 1883 إنتصرت الثورة المهدية إنتصاراً تاريخياً ومفصلياً علي الحملة العسكرية الغازية للسودان بقيادة الجنرال البريطاني وليام هكس بغابة شيكان التي لا تبعد كثيراً عن مدينة الأبيض عاصمة الثورة المهدية الأولي . شهد ذلك الشهر توارد أنباء ذلك الانتصار الخالد الي أصقاع أوربا القصية فخيمت تلك الكارثة بوقعها علي الجزيرة البريطانية تماماً كم خيم عليها شتاء نوفمبر بحزنه ومساءاته القاتمة .
لم تكن وقائع شيكان حدثاً معزولاً عما حوله من مسرح الأحداث في عالم القرن التاسع عشر كما يتصور البعض .. بل كانت حدثاً مهماً ارتجت له صحافة العالم في زمن شهد هيمنة استعمارية مطلقة من شمال الكرة الارضيّة علي جنوبها بشعوبه المستضعفة التي تقلب بها ذلك الزمان من هزيمة لأخرى . وعليه سنحاول في هذه الدراسة المصغرة تبيان أصداء وقائع شيكان علي صحف بريطانيا وغيرها من الصحف الأوربية الآخري بما توفر لدينا من ارشيف إحتوي فيما إحتوي علي تفاصيل موغلة في الدقة عن الأثر الذي ترتب علي نتائج تلك المعركة .
من المهم هنا الإشارة الي مدخل مفتاحي يسهل من الولوج الي تفهم طبيعة تلك الاصداء . و نعني هنا تحديداً ما أورده المؤرخ البريطاني المعاصر فيرغس نكول صاحب ” مهدي السودان ومقتل الجنرال غردون ” من اهتمام صحفي بريطاني بالحملة في مراحل تجهيزها المبكرة . فعلي الرغم من أن جيش هكس أُرسل الي السودان بإسم الخديوي إلا ان كل شئ تم تحت علم ومساندة بريطانيا التي كانت هي الحاكم الفعلي لمصر الخديوي نفسها . و ما كان لجيش جرّار يتكون من عدد يناهز ال 15 الف مقاتل كهذا ان يُرسل من دون توفير التغطية الإعلامية الفعالة لوقائع تحركاته. تلك ادبيات إستعمارية عريقة ظلت بريطانيا تتبعها لسرقة الانتصارات ونسبها لمجد الامبراطورية حينما تسنح الفرصة وتكتمل صياغة المشهد . لذلك صحب ذلك الجيش كأذرع إعلامية .. كل من فرانك باور مراسل جريدة ( التايمز اللندنية)..وفرانك فيزتلي مراسل جريدة( The Graphic ) ..كما تواجد ايضا الصحفي الأيرلندي المثير للجدل إدموند اودنوفن المحسوب علي التيار القومي الأيرلندي .. كمراسل حربي لصحيفة Daily News . وإمعاناً في إجلاء الغبار عن هوس البريطانيين وولعهم القديم في تدوين إنتصاراتهم فيما وراء البحار أشار نيكول الي أن بعض الرتب العليا من الضباط البريطانيين بحملة هكس كانوا يتقاضون ما يقارب ال 700 جنيهاً استرلينياً مقابل كتابة تقارير صحفية دورية للصحف البريطانية والتي دفعها تلهفها لنشر تفاصيل سير الحملة لبذل تلك الأموال بأكف منبسطة .. ( انظر .. نيكول : مهدي السودان ومقتل الجنرال غردون ).
ولكن بالعودة للأخبار التي تصدرت الصحافة البريطانية عن حملة هكس نجد أن الملامح النهائية للجيش الغازي قد اكتملت مع مراحل تجميعه الأولي بالنيل الأبيض . وكشأن كل البدايات التي تنضح بالأماني العذبة نجد ان تناول صحف بريطانيا لتلك التفاصيل قد إحتوي علي تفاؤل مُتصاعد وثقة حديدية في سحق الثورة المهدية وذلك علي نحو ما ورد بصحيفة ” شيفيلد ديلي تليغراف” بتاريخ 14 سبتمبر 1883 من تقرير أُختتم بلهجة جازمة مؤكدة جاء فيه : ” لا يوجد أدني شك من نجاح حملة الجنرال هكس . إن هيمنة المهدي علي الأحوال ما زالت في تناقص كبير ” .. ولكن تلك اللهجة المتفائلة سرعان ما تراجعت مع خروج الجيش الغازي من رحاب منطقة النيل الأبيض وتقدمه تجاه سهول كردفان الفسيحة .. فلقي ما لقي من مقاومة ضارية بأسلوب الحرب الشعبية بكل مكوناتها البشرية والطبيعية و الذي أفلحت الثورة المهدية في إستغلاله كسلاح حاسم في مواجهة الغزاة مما أثر سلباً علي معنويات رجال الحملة . وفي ذلك الشأن نشرت صحيفة ” وسترن ديلي ميركري ” .. ” The Western Daily Mercury ” في أحد اعدادها الصادرة بنوفمبر 1883 .. نشرت إفادات الميجور إيفانز ضابط استخبارات هكس حين قال : ” لقد بارحنا الخرطوم في 9 سبتمبر وتقدمنا علي الضفة الغربية للنيل فوصلنا الدويم في غضون أربعة ايام . لم نتوقف عن التقدم للأمام منذ ذلك الوقت .. الحر هنا قائظ بما يكفي . كبدنا ذلك خسارة ثلاثين من رجالنا بعد أن أهلكهم العطش والإنهاك وكذلك تتساقطت جمالنا بنفس الطريقة . نحن نتقدم الأن لثمانية ساعات متواصلة يومياً لمدة 16 يوم علي التوالي . وصلنا إحدي القري التي كانت تشتمل علي عشرين كوخاً فقررنا أن نتوقف هنا ليستريح رجالنا و دوابنا لبعض الوقت .. الماء هنا ردئ للغاية والعدو الذين تصلنا أنباء كثيرة عن حشوده الكبيرة لا يبعد عنا سوي ثلاثين ميلاً اما الطريق خلفنا فهو مقفل تماماً ” .. لم يكن تقرير ايفانز المقتضب سوي تأكيد لحذاقة اُسلوب إدارة الامام المهدي لفن الحرب الشعبية لأن ما قاله مسئول مخابرات جيش هكس تطابقت تفاصيله مع توجيهات المهدي لأمرائه علي أحسن ما يتمناه اي قائد من التطابق .. ففي سبتمبر 1883 كتب المهدي للامير احمد ود جفون :” وانه بمجرد وصول جوابي هذا إليكم انتم وجميع من معكم من الانصار انضموا مع بعضكم البعض في جهة من الجهات وأخلوا لهم الطريق كي يجدوه سهلاً خالياً ، وأكمنوا لهم بالطلائع الشافية ، وبعد تحققكم بذهابهم و مرورهم من نواحيكم ، فأمسكوا قفاهم واتبعوهم من ورائهم فيصيرون في وسطنا” .. الي ان يقول : ” الحرب خدعة، فشمروا عن ساعد الجد وقوموا بواجب ما أمرتم به ولا تغفلوا عن الطلائع دائما قبل وصولهم بنواحيكم و مرورهم و لا تقطعوا من الإفادة من الأخبار المحققة” ..
وعلي الرغم من شُح الأنباء الواردة عن حملة هكس لصحافة بريطانيا بعد توغل الجيش الغازي في صحاري كردفان الا أن تلك الصحف لم تكف عن نشر أخبار غير مؤكدة لانتصارات مزعومة حققها هكس في اثناء تقدمه نحو مدينة الأبيض .. ونالت صحيفة ” ليدز ميركري” بتوجهاتها الإمبريالية المعروفة النصيب الأوفر من تلك الأنباء المغلوطة .

لم تدم تلك الأمنيات كثيراً فسرعان ما تأكدت أنباء انتصار الجيش المهدوي علي هكس بمعركة شيكان الحاسمة وطارت أصداؤها للأقاصي البعيدة فبدأت الصحف البريطانية تبحث عن تفاصيل ما حقيقة ما جري بأسلوب اكثر واقعية .. فنشرت صحيفة ” فروم تايمز – Frome Times ” والتي تصدر بنواحي جنوب غرب انجلترا .. تقريراً دقيقاً عن تفاصيل موقعة شيكان أخذ موقعاً مميزاً بعددها الصادر في يوم الأربعاء 19 يناير 1884 . وفيه نسبت الصحيفة نسختها من الرواية لأحد الأسري من رجال هكس الذين تمكنوا من الهرب لاحقاً من مدينة الأبيض وجاء في ذلك التقرير : ” في 4 نوفمبر تقدمت قواتنا نحو كازقيل وبعد مسيرة متواصلة استغرقت 4 ساعات تفاجأنا بهجوم ماحق من جيش العدو الذي اصلانا ناراً حامية . علي الرغم معاناتنا السيئة من العطش الا اننا حاولنا الحفاظ علي مواقعنا . في 5 نوفمبر توقف القتال قليلاً وكان علينا التقدم لإدراك الآبار وموارد المياه . بعد نصف ساعة من الزحف تفاجأنا بالثوار الذين اخذوا مواقعهم مختبئين خلف غابة شيكان ففتحوا فينا نيران بنادقهم وأحاطوا بِنَا من كل جانب . حاولنا الرد بقوة ولكن هجوم السودانيين اشتد علينا بعد ذلك و أُبيدت الحملة ولَم يتبق منها علي قيد الحياة سوي 200 من الجنود المصريين وبعض من الرقيق ممن جُرحوا اثناء المعركة ” ..

ولَم تكن تلك الأرقام التي أوردتها “Frome Times” بأي قدر من الاختلاف مما كان متوفراً لدي الدوائر الرسمية البريطانية.. فعلي المستوي الرسمي تلقي رئيس الورزاء البريطاني غلادستون فيما بعد منتصف نوفمبر 1883 بتمام الساعة الثانية ظهرا بتوقيت غرينتش .. تلقي تقريراً تلغرافياً مفصلاً من حاكم عام السودان بالانابة آنذاك .. الجنرال البريطاني هنري دي كوتلوغون . اشتمل التقرير علي تفاصيل إبادة حملة الجنرال وليم هكس بشيكان التي لم ينج منها بحسب التقرير سوي 200 رجل . وعلي الرغم من أن تقرير كوتلوغون لم يكن واضحاً بخصوص مصير من تبقي من رجال هكس الا ان صحيفة دبلن ديلي إكسبرس “Dublin Daily Express” .. (عدد 26 ديسمبر 1883) .. جزمت في تقرير موجز عن نتائج معركة شيكان بأن الامام المهدي قد أوصي قواته بالحفاظ علي حياة الاسري بما فيهم عدد من الأوربيين الذين كان فيتزلي المراسل الحربي لصحيفة (The Graphic) اللندنية الذائعة الصيت .. في مقدمتهم . ويتفق ذلك تماماً مع ما أوردته صحيفة ” شيفيلد ديلي تليغراف” بعددها الصادر في 19 ديسمبر 1883 والذي اشتمل علي تحقيق بعنوان .. ( نهاية هكس باشا ، قصة يرويها احد الناجين ) والذي جاء فيه : ” أمر المهدي أنصاره بعدم الإجهاز علي أي جريح من قوات هكس . وجه المهدي أيضاً بأن لا يتعرض احد بسوء للصحفي فيتزلي ” ..
وبالعودة لسلسلة تقارير كوتلوغون المتتابعة للإدارة البريطانية عن احوال السودان نجد ان من اهم تقاريره ذلك الذي وجهه لغلادستون موصياً فيه بأن صعوبة السيطرة علي الأوضاع بالسودان في ظل انتصارات الثورة المهدية الاخيرة تقتضي اتخاذ قرار واقعي بإنسحاب الادارة الاستعمارية للسودان بأكملها الي مدينة بربر وما ورائها .. والتقطت القفاز صحف بريطانية كثيرة فدعت للانسحاب من السودان وعدم التورط بإرسال المزيد من الجنرالات لأتون حروبه المستعرة . كما دعت للاهتمام بتأمين حدود مصر التي كانت كما سلف ذكره تحت ما يشبه الوصاية البريطانية الكاملة آنذاك .
لم تهدأ مصانع القرار الرسمية البريطانية والتي تمدد فيها القلق من نتائج انتصارات الثورة المهدية في شيكان حتي بلغ أشده في 13 ديسمبر 1883 .. اي بعد ما يقارب الشهر من واقعة شيكان .. حينما كتب اللورد بارينغ .. مسئول ملف سلاح البحرية بحكومة غلادستون الثانية والشهير بلقب ” لورد اوف نورث بروك ” .. كتب لصديقه اللورد ريبون معلقاً علي انتصار السودانيين علي حملة هكس في شيكان : ” إن ما يحدث في السودان هو أمر في غاية الخطورة بحسبان أن هزيمة هكس ستجلب لنا نحن ( البريطانيين ) .. ما يكفي من إشانة سمعة ” ..
وفي ذات المعني تحدثت صحيفة فرنسية ذائعة الصيت كصحيفة ( Liberté) عن هزيمة هكس الساحقة بشيكان بلهجة تدعو فيها بريطانيا للاعتراف بهزائمها في السودان بدلاً من الهروب من تلك الحقيقة المؤلمة .. ويتمثل ذلك فيما جاء بالصحيفة نصاً : ” ان المسئولية الاخلاقية لهذه الكارثة تنسحب علي بريطانيا العظمي وحدها لأن جنرالات إنجلترا كانوا تحت تأثير اوهام مزدوجة .. سوء تقدير لقوة المهدي و تضخيم متوهم لدورهم في إدارة قوات الخديوي ” .. ( صحيفة Liberté الباريسية ، 23 نوفمبر 1883 ).
وتناولت صحيفة Le Rappel الفرنسية معركة شيكان ونتائجها بعد أن وجهت انتقادات ساخرة لمحاولة الانجليز للتملص من هزائمهم علي يد قوات الثورة المهدية .. حيث قالت الصحيفة : ” إن الصحافة الانجليزية تحاول جاهدة إيهامنا بأن تلك الهزيمة لا تعنيهم في شئ وأنها تخص قوات الخديوي وقادته العسكريين وحدهم . إننا جميعاً نعلم جيداً أن الإطار العام للحملة العسكرية كان انجليزياً صرفاً وأن اسم الجنرال هكس وحده كان اصدق دليل علي جنسيته البريطانية التي لا جدال فيها . إن التعلل بأن جيش المهدي كان تعداده 300 الف مقاتل ما هو إلا تهويل مقصود الغرض منه حفظ ما تبقي من ماء وجه البريطانيين ” .. ولَم تمر لسعات صحافة فرنسا لبريطانيا من خلال الاحتفاء بإنتصار الثورة المهدية في شيكان من دون ان تثير ما هو متوقع من المرارات في صفحات صحافة بريطانيا .. فكتبت صحيفة ” لندن ايفنينغ ستاندرد ” .. “London Evening Standard” بعددها الصادر بصبيحة السبت 24 نوفمبر 1883 .. فيما يمكن اعتباره اعترافاً إنجليزياً مستتراً بما احدثته شيكان من جرح أدمي كبرياء بريطانيا .. فأوردت الصحيفة : ” إن الأثر العظيم الذي احدثته إبادة حملة الجنرال هكس بالسودان لم يكن مقترناً بأي قدر من التعاطف معنا في باريس . لقد اجتمعت الصحف التي لا تفضل سيطرتنا الثنائية مع المصريين علي احوال السودان مع تلك الصحف التي تدفعها الكراهية الصرفة لإنجلترا .. اجتمعوا جميعاً علي الابتهاج بتلك الضربة القاصمة التي نالت من هيبة وكبرياء بريطانيا “. و في ذات الإطار عنونت الصحيفة بنفس العدد تحقيقاً مطولاً عن تفاصيل هزيمة هكس بعنوان ” الكارثة في السودان ” او ” The disaster in Sudan ” ذكرت فيه ان الجنرال هكس تم تضليله بواسطة احد ادلاء صحراء كردفان والذي لم يكن في حقيقته سوي احد عملاء المهدي فقاد الجيش بأكمله الي مسار شح فيه الماء ولوث ما تبقي من مصادره .. وترتب علي ذلك إبادة حملة هكس بكردفان بعد معركة اشترك فيها جيش جرّار من رجال الثورة المهدية . وتزعم الصحيفة انه لم يتبق آنذاك أي من البريطانيين علي قيد الحياة في السودان سوي حاكم عام السودان بالانابة الجنرال كوتلوغون والمراسل الحربي المرافق لحملة هكس الصحفي فرانك باور …
وإنضمت صحف نمساوية بارزة لحملة إنتقادات الصحف الفرنسية للإعلام البريطاني وسياسته الرامية للتملص من هزيمتهم في شيكان فكتبت صحيفة Neue Freie Presse بتاريخ ديسمبر 1883 : ” إن في مقدور بريطانيا أن تزعم لآلاف المرات ان لا شأن لها بما يحدث في السودان . ولكن القضية الأن لم تعد قضية السودان لوحده بقدر ما هي قضية مصر . لقد هزت الحركة المهدية موقع الخديوي ولو لم يتم تقويته فمن المتوقع ان تنتشر تلك الموجة لتشمل كل أنحاء العالم الاسلامي “. اما صحيفة Tagblatt التي كانت تصدر من فيينا فقد استبقت الأحداث بالحديث عن قراءتها الخاصة لنتائج موقعة شيكان حين قالت : ” إن عدم منع المهدي من التقدم بقواته نحو مصر سيؤدي لتغييرات بالغة بكل العلاقات الدولية في القارة الأوربية ” ..
وإنتحت صحيفة بريطانية مهمة كصحيفة ” Reading Mercury ” منحاً مشابهاً لصحف فيينا في تناولها لإنتصار الثورة المهدية بشيكان من حيث خطورة الأثر الذي ستحدثه نتائج تلك المعركة الحاسمة علي قبضة بريطانيا المحكمة فيما يختص بمستعمراتها بالعالم الاسلامي .. وجاء بالصحيفة بهذا الشأن تحديداً : ” إن هنالك ثمة مخاوف جدية ستترتب علي انتصار المهدي بما يُتوقع ان يتلوه من انعكاسات علي العالم الاسلامي . انه من الممكن جداً ان يكون نجاح الثورة المهدية بمثابة رسالة إيجابية تحرض المسلمين علي القيام بإنتفاضات مماثلة في المنطقة العربية وبلاد فارس وكل مناطق المسلمين بالهند ” .. ( صحيفة Reading Mercury .. عدد بتاريخ السبت 1 ديسمبر 1883 ) .
وكتب الصحفي والبرلماني الأيرلندي اوكيلي الذي عرف عنه تعاطفاً كبيراً مع الثورة المهدية .. كتب بصحيفة ” The Western Morning News ” الانجليزية الصادرة بصبيحة الخميس 22 يناير 1885 .. عن تفاصيل مشاركة الامام المهدي مقاتلاً بسيفه في معركة شيكان و زعم بأنه جُرح في المعركة مدللاً بذلك علي بسالته كقائد . وجزم اوكيلي بأن المهدي لم يكن ليخبئ نفسه في المعارك بل كان يقاتل وسط جنوده
‏( He takes part in all battles and does not spare his own person ) .
ويصف اوكيلي الامام المهدي في ذات المقال بأنه قائد علي مستوي متعاظم من الذكاء ويتسم بقدرات شخصية قيادية خارقة لا يمكن ان يتسرب اليها شك ” . غير أن الصحافة البريطانية لم تغفل أيضاً عن تقريظ جنرال بريطانيا الذي ابتلعته غابة شيكان بما يليق من المدح فتعرضت صحيفة “شيفلد ديلي تليغراف ” في أعقاب انقضاء المعركة لتفاصيل مقتله بمقال مفصل ذكرت فيه أن الجنرال هكس كان قد قاتل بشجاعة الأسود حتي نقطة النهاية وأفرغ محتويات مسدسه لثلاثة مرات قبل ان يقاتل بالسيف ثم يُقتل بعد ذاك فكان اخر من لقي حتفه من رجال حملته . ( شيفيلد ديلي تليغراف ، 19 ديسمبر 1883 )

Awatifderar1@gmail.com

Loading

شارك على
أكتب تعليقك هنا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.