آخر الأخبار
The news is by your side.

مؤتمر باريس بين مطرقة الإستثمار الأجنبي وسندان السياسات الداخلية

مؤتمر باريس بين مطرقة الإستثمار الأجنبي وسندان السياسات الداخلية

تقرير : عبدالقادر جاز
تتجه الأنظار صوب عاصمة الفن والجمال باريس، والتي تحتضن المؤتمر الدولي الداعم للاقتصاد السوداني الذي ترتب عن اتفاق السلام الأخير الذي وقع ما بين الحكومة الانتقالية وحركات الكفاح المسلح، من واقع تعدد المؤتمرات الداعمة لخروج السودان من الأزمة الاقتصادية الخانقة التي يمر بها ، هل يتوقع لمؤتمر باريس الإسهام في إنهاء الأزمة وتغيير المعادلة أم سيظل مصير البلاد مرهوناً بالسياسات الاستثمارية؟

الوضعية :
أوضح الأستاذ يوسف ريحان رئيس المعهد الأفريقي للسلام والتنمية بالخرطوم أن المؤتمرات الدولية ( برلين، الرياض) تم عقدها في ظروف مختلفة عن الوضع الحالي، من حيث اهتمامها ينصب حول مكافحة جائحة كورونا فلم يكن من أولوياتها النظر إلى ما يتجه إليه مؤتمر باريس.

مبيناً أن الوضع الآن تغير إلى الأفضل من حيث تقليل درجة تهديد جائحة كورونا للاقتصاد بعد تلقي اللقاحات التي أثبتت النجاح في التصدي للجائحة، مستطردا :في ظل تجاوز الولايات المتحدة المتوقع مشاركتها في المؤتمر لأزمتها المتعلقة بالإنتخابات وما أثارته من جدل كبير، بجانب استعداد الحكومة السودانية للمشاركة سياسياً واقتصادياً وثقافياً، فأهم ماسيطرح قرابة الـ44 مشروعاً في مجالات الطاقة والصناعة والزراعة والتعدين والبنية التحتية والموانئ.

جاء ذلك بحسب إفادات وزير الإستثمار السوداني الذي دعا إلى ضرورة تهيئة المناخ الداخلي بالقوانين الجاذبة للاستثمار والوفاء بمستحقات السلام وتكملة لهياكل السلطة الإنتقالية.
إرتباط عضوي : 
أوضح ريحان أن هناك ارتباط عضوي وثيق ما بين الأوضاع السياسية والاقتصادية المتعلقة بالمناخ الجاذب للاستثمار الأجنبي، وأضاف بقوله كلما أستقرت الأوضاع اليساسية وابتعدت البلاد عن الاستقطاب الحاد وشبح الحرب سينعكس ذلك على جذب رؤوس الأموال الوطنية والأجنبية.

موضحاً أنه لا يمكن تحقق ذلك في ظل وجود تحديات أمنية وسياسية تخلق بيئة غير جاذبة للاستثمار الأجنبي، فضلاً عن ترحيلها لرؤوس الأموال الوطنية بعيداً عن السودان.
نمطية التفكير :
وأضاف ريحان أن الثروات والإمكانيات الطبيعية الضخمة تحتاج إلى إدارة رشيدة بعقلية غير نمطية تتمتع بأفق متفتح وتستوعب التحديات ومقارنتها بتجارب الآخرين، ومدى ارتباط نجاحها خارج الحدود ذات التحديات الشبيهة بتحديات السودان الماثلة، مؤكداً أن نظرية تجريب المجرب وعدم التحرر من هذه النمطية في التفكير واتخاذ القرار لن تجدي نفعاً في تغيير واقعنا الإقتصادية ، معلناً عن ضرورة إيجاد ثورة حقيقية تحدث توازنا بين القرارات الحاسمة ومجابهة التحديات التي تحتاج لسرعة معالجة وتجاوز بطء بيروقراطية مؤسسات الدولة.
التدخلات : 
أكد ريحان أن معيار النجاح والفشل للمؤتمرات الدولية مرتبط بالجهتين الوطنية والضامنة،موضحاً إنعدام الثقة بين الأطراف ما هو ينتج عنه من تحديات تتعلق بالتنمية وبناء السلام، بجانب حدوث أمر طارئ على الجهة الضامنة يستوجب تغيير أولوياتها الداخلية، وعدم قدرتها على الإيفاء بالإلتزاماتها للطرف الأخر.

معتبراً أن المؤتمرات الدولية دعوماتها تجيء وفق اشتراطات بعضها معلوم، وبعضها خفي، ونتيجة لحدوث أي خلل تتوقف إلتزامات هذه الدول، مشيراً إلى أن ذلك سيفتح الباب واسعاً لتدخلات غير إيجابية في الشأن السوداني من أطراف إقليمية أو دولية ليس لديها إحاطة تفصيلية كافية بالتحديات ما سيحدث إرباكا في الساحة الداخلية، ودعا إلى ضرورة تجهيز البدائل التي تقوم على أساس استغلال الموارد المتاحة، وترتيب الأولويات وفق خطط قصيرة وطويلة المدى تكلل بالنجاح، للخروج من الأزمة.
الفرصة الأخيرة :
قال د. محمد علي تورشين المحلل السياسي والأكاديمي أن المؤتمرات الدولية التي أقيمت في السعودية أو ألمانيا وغيرها، وصفها بأنها محاولة لخروج السودان من الأزمة الاقتصادية المستفحلة وكيفية جذب الإستثمارات الأجنبية، مضيفاً أن الحكومة السودانية ظلت تعطي مؤتمرات المانحين أكثر من حقها في حين أن المعالجة تكمن في الحل الجذري للمشكلة، متمنياً أن يكون مؤتمر باريس الفرصة الأخيرة ويخرج بخلاف ما هو عليه في المؤتمرات السابقة.
العزلة والسياسات :
وأقر أن مشكلة السودان الاقتصادية مرتبطة بالغزلة السياسية الدولية والقوانيين والسياسات التي تعيق الاستثمار الأجنبي بالبلاد، كاشفاً عن نماذج كثيرة باءت بالفشل الزريع ما يعرف بالحواكير ، هي واحدة من تحديات الاستثمار الأجنبي في السودان، بالإضافة إلى إنعدام وضعف البنيه التحتية والطرق والمياه والكهرباء وربطهم مع بعضها بمناطق الإنتاج، معتبراً كل هذه المعطيات إذا وجدت الحلول ممكن أن تقود إلى أرضية خصبة للاستثمار الأجنبي، مطالباً الحكومة بضرورة التواصل والتعاون مع شركات الاستثمار الدولية التي تلعب دوراً كبيراً في معالجة اختلالات الأزمة ، مشيراً إلى أهمية التعاون مع البرازيل والهند وباكستان ذات العلاقة الوثيقة بالمجال الزراعي، محذراً بالضرورة من عدم احتكار هذه المشروعات لصالح دول بعينها، بل الاتجاه إلى الإنفتاح، مثلاً قطاع النفظ والتعدين يجب الاستفادة فيه من الشركات الأمريكية والبريطانية والصينية والفرنسية، ولفت إلى أهمية ربط هذه المشروعات بالمجتمعات المحلية وتوفير الطرق والمدراس وخلافها، مستطردا إذا تم التعامل بهذه الكيفية سيحصل استقرار اقتصادي سياسي بالبلاد.
أيلولة المشروعات : 
إعترف تورشين أن المستثمرين في ظل الظروف الحالية الهشة نتيجة لغياب الجانب التشريعي، والإنفلات الأمني، والتجييش يُصعب الاستثمار الأجنبي، واعتبر السودان يمتلك قدرا كبيرا من الإمكانيات الاقتصادية الهائلة، ورغم ذلك المشكلة تكمن في كيفية تفجير هذه الإمكانية بالطرق العلمية السليمة، وكشف أن السودان ينتج كمية كبيرة من الذهب ورغم ذلك لم يتغير الوضع في كلا الأحوال، مقرا أن مرد ذلك يعود إلى الأجهزة الأمنية وقبضتها على مناطق انتاج الذهب، مضيفاً إذا كانت هذه الإمكانيات حبيسة أدارج المؤسسة الأمنية سوف يعيق ذلك مستقبل التنمية والإستقرار في البلاد.

مضيفاً أن هذه المعضلات ستلقي بضلالها على عدم استكمال الاستقرار والسلام، مؤكداً بالضرورة أن تؤول هذه المشروعات إلى وزارة المالية والاقتصاد الوطني، مستطرداً إذا لم يتم ستطرد وزارة المالية على الشركات العاملة في التعدين بصورة مباشرة وستضيع الأموال الدولة.
الجدية :
أكد تورشين أن المؤتمرات هي تبصير بنقاط القوة وكيفية استخدامها بالصورة الأمثل وتوظيف بصورة صحيحة، وأضاف أن جدية الحكومة ورغبتها في المعالجة هي الضامن لنجاح أو فشل المؤتمر، مضيفاً حتى هذه اللحظة الحكومة السودانية لم تستفيد من تجارب الدول المتقدمة في المجال الزراعي، مستغرباً للطريقة التي انتهجهتا الحكومة في عدم تحقيق الأمن المائي والغذائي والاتجاه إلى الاستثمار الأجنبي.

وأضاف من أولويات المرحلة تركيز الحكومة على المشروعات التي تحقق الإكتفاء الذاتي في المجال الزراعي بشقيه النباتي والحيواني وضمان استقرار التيار الكهربائي كخطوة أولى بجانب معالجة كل التشوهات والاختلالات التي تتمثل في العملية الإقتصادية، مشيراً إلى ضرورة الوضع في الإعتبار لتقوية قانون الاستثمار لإفساح المجال للاستثمار الأجنبي بالبلاد.
مرحلة مختلفة :
قال الأستاذ آدم جديد محمد صالح الخبير الاقتصادي والمحلل السياسي القيادي في حركة تحرير السودان –المجلس الإنتقالي بمكتب الشرق الأوسط إن المؤتمرات التي عقدت لأجل إخراج السودان من الأزمة الإقتصادية هي ذات أبعاد واتجاهات المتعددة، كاشفاً عن أن كل هذه المؤتمرات بنيت نتيجة لعمليات التحول والإصلاح الاقتصادي والسياسي التي يجري تنفيذها أو متوقعة في هذه المرحلة.

مضيفاً بأن تلك المرحلة غير كافية ومرد ضعفها في التنفيذ، فيما يتعلق بالاستثمار الأجنبي المباشر وبهذا يقلل من إيجابيات تلك المؤتمرات.

معتبراً أن مؤتمر باريس يأتي في مرحلة مختلفة بعض الشيء. ولكن إمكانية تأثيره إيجاباً مرهونة بالمتغييرات التي تطرأ على السياسة المالية والنقدية في هذه المرحلة.
تحفظ :
أكد جديد على تحفظ أكثر من (21) شركة متعددة الجنسيات عن الاستثمار في السودان. بالرغم من أنها أبدت استعدادها عند رفع أسم السودان من قائمة الدول الرعاية للإرهاب، ورد ذلك إلى الصراع القائم ما بين المكون العسكري والمدني والتي تتحدث عنها وسائل الإعلام العالمية، بدورها أشارت إلى وجود مخاطر تجاه الاستثمارات الكبرى على المدى الطويل في ظل الوضع السياسي القائم بالبلاد، منوها مما يجعل تلك المعلومات تدور في أذهان المستثمرين لعدم وجود تغيير ملحوظ عما كان سابقاً.
حصرية :
أعترف جديد بأن العقلية السياسية هي التي تحول دون إنفتاح الإستثمار الأجنبي إلى حد كبير مما جعل كثيراً من المنتجات السودانية حصرياً كالفول والسمسم والصمغ العربي لتصدرها إلى دول غير منتجة لهذه السلع والمنتجات، مرجحاً بأن تلك الدول تحصل على هذه المنتجات من خلال العقلية السياسية من خارج صادرات السودان، مؤكداً أن فشل المؤتمرات الدولية مرتبط إرتباطاً كبيراً بسياسات الإقتصادية الداخلية وعدم الاستقرار السياسي النسبي أكثر من ارتباطه بالجهات الضامنة لهذا المؤتمر.
شاكلة الأزمة الإقتصادية :
أعتبر الأستاذ أحمد محمد أبكر الناطق الرسمي لمجلس الصحوة الثوري السوداني أن أزمة الاقتصاد السوداني يجب أن تطرح على شاكلة هل الأزمة الاقتصادية في حد ذاتها سبب أم نتيجة، قائلا في كلا الحالتين إذا كانت هي السبب أو النتيجة لجملة من السياسات الخاطئة بالضرورة لابد من التعرف على المتسببات والتحديات التي لأزمت موقف الوضع الراهن للأزمة الاقتصادية على مدى الحقبة التاريخية الحاكمة.

مرجحاً أن معاناة السودان راجعة إلى الوقوع في ظاهرة الركود التضخمي الجامح ؟ متسائلا إلى أى مدى يمكن أن تسهم الاستثمارات الأجنبية المباشرة في معالجة الاختلالات الهيكلية المزمنة في الإقتصاد السوداني؟.

لافتاً إلى أن ما يدور في الأذهان هل تمتلك الحكومة الانتقالية نموذج ورؤية اقتصادية لإدخال عنصر الإستثمار الأجنبي المباشر ضمن مصفوفة الإصلاح الاقتصادي الشامل في البلاد؟.

وأردف قائلاً هل توجد بيئة استثمارية جاذبة تملك خاصية الجذب والقدرة على المنافسة في سوق الاستثمار الأجنبي المباشر على المستوى الإقليمي والدولي؟ وشدد على ضرورة استصحاب الخبراء والمختصين الاقتصاديين هذه التساؤلات والإجابة عليها قبل الذهاب إلى مؤتمر باريس، بغض النظر عن المصير الذي يؤول إليه هذا المؤتمر سواء كان إيجاباً أو سلباً.
التحول السياسي : 
أكد أحمد أن من أولويات المرحلة الوضع في الحسبان للعمل على استقطاب الاستثمارات الأجنبية وتدفق رؤوس الأموال عبر الحدود السياسية الدولية باعتبارهما عاملي ضمان للاستقرار الأمني والسياسي بالبلاد، مشيراً إلى إنعدام الاستقرار والأمن من الصعوبة الاتجاه إلى الاستثمار الأجنبي المباشر في أي دولة لا تتوفر فيها هذه العوامل.

 معرباً عن بالغ أسفه أن هذا الوضع ينطبق في السودان تماماً، نظراً لحالة التحول السياسي الكبير الذي تمر بها البلاد.
الصناعة:
أشار أحمد إلى أن الظروف الاقتصادية التي يعيشها السودان بصفة عامة، هل السياسة تصنع الاقتصاد أم أن الاقتصاد يصنع السياسة؟ مبيناً أنه إذا تمت الإجابة على هذا السؤال يمكن أن تتضح العقبة الرئيسية التي أقعدت الاقتصاد السوداني سنين عددا.
مسألة نسبية :
أتفق أحمد أن واقع أي عملية تفاوضية تضمن مخرجاتها مؤتمر دولي لضمان سريانه، وأضاف أن الفشل والنجاح في المؤتمرات الدولية مسألة نسبية. وليست مطلقة تتحكم فيه عوامل أخرى غير مرئية وغير مسموح الحديث عنها وتشخيصها.

Loading

شارك على
أكتب تعليقك هنا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.