آخر الأخبار
The news is by your side.

لماذا تعاقب حرب كرامة الجيش جنودها في الصفوف الامامية بهدم منازلهم؟  .. الكرامة التي تلعن ابنائها في وضح النهار 

وسياسة الدولة المركزية المعلنة والخفية تتمثل في تشريد الاخرين من ديارهم عنوة واقتدار

لماذا تعاقب حرب كرامة الجيش جنودها في الصفوف الامامية بهدم منازلهم؟  .. الكرامة التي تلعن ابنائها في وضح النهار 

حسن اسحق 

معروف تاريخيا ان الدولة السودانية التي نالت استقلالها من الاستعماري الانجليزي المصري قبل عقود من الزمن، لم تتبني اي ايدولوجية وطنية لمكونات السودانية المتنوعة والمتعددة في الاعراق والاجناس والمناطق  واللوان وحتي الاديان، بل ورثت النخبة الاقلية الحاكمة التي كانت تخدم المستعمر نفس سياسة الاقصاء والقهر والقتل والتهميش. 

وسياسة الدولة المركزية المعلنة والخفية، تتمثل في تشريد الاخرين من ديارهم عنوة واقتدارا، وهي ايضا ماكرة في نفي هويات الاخرين بكل خبث وعدم اخلاق، وحروب السودان التي كانت،  وما زال الجيش السوداني يلعب فيها الدول الاكبر، بالتواطوء مع الطائفية الدينية واليسار الشيوعي الذي كان له دورا كبيرا في تسلم جعفر نميري سلطة الحاكم من 1969 حتي 1984. 

هنا يجب التركيز علي ضحايا حرب الكرامة السودانية التي تروج لها المؤسسة العسكرية الممثلة في الجيش السوداني، عبر اعلامها المضلل، جندت كل السودانيين من عرب وافارقة في مواجهة وقتال قوات الدعم السريع، تحت الحفاظ علي وحدة البلاد من الانهيار والضياع والتقسيم، ومحاربة التدخل الخارجي من دول الجوار الافريقي، الممثلة في مسرحية عرب الشتات. 

في حرب التضليل الاعلامي التي تخدم النخبة السياسية، دعمها السودانيين في تخوم مناطق العاصمة السودانية، من الحاج يوسف في محلية شرق النيل، ومناطق مايو جنوب الحزام، جنوب العاصمة الخرطوم، ومناطق ام درمانات، وكما هو معلوم، هذه المهمشة، ابناءها هم وقود جهاز الشرطة والجيش، او ما يطلق عليهم الجنود، هم شاركوا في حرب كرامة،  لم تكن تعنيهم في شئ، بل تعني النخبة المسيطرة علي السلطة وحدها، زج بهم لتنفيذ اجندتهم، حتي ما اطلقوا عليهم سكان الكنابي، كانوا جزء من هذه الكرامة التي لعنتهم بطرد اسرهم في وضح النهار، من دون اي اعتبارات اخلاقية او دينية في وقت ما زالت الحرب لم تضع اوزارها. 

ماذا تعني الكرامة بالنسبة  للجيش وضحايا تكسير المنازل، في نظرة الجيش هؤلاء الناس مجرد ارقام ليس لهم اي قيمة في الوطن الذي يحاربون فيه بجانب الجيش كتفا بكتف، ما زال الجنود في الصفوف الامامية في الخرطوم وولاية نهر النيل والولاية الشمالية وبورتسودان، وشمال كردفان او جنوبه، وما نوع الصدمة التي سوف يشعر بها هذا الجندي او العريف او العريف اول، او القريب او قريب اول، او  حضرة صول؟، سرا سوف يلعن اليوم الذي قاده للانضمام لهذا الجيش، لكن لا يستطيع الجهر بذلك، لمعرفة العواقب المرتبة علي ذلك. 

اسئلة مشروعة، ما زالت الحرب مستمرة، اين يذهب المساكين؟، دارفور ومناطق عديدة في اقليم كردفان، خارج سيطرة الجيش، بعد ان هيمنت عليها قوات الدعم السريع قبل اشهر؟، الا يعلم القيادات العليا في الجيش التي تمثل حكومة الامر الواقع، ان هدم منازل جنودهم الموجودين في الصفوف الامامية، جريمة اخلاقية في المقام الاول؟ الاسئلة المحرجة التي تخجل الغالبية في طرحها، لماذا الانسان السوداني الاسود دائما ضحية هدم المنازل والذبح والقتل، والعمالة لقوات الدعم السريع؟.

رغم دخول الحرب في عامها الثالث، لم يتسائل احد، اولئك الذين خططوا لتكوين جميع القوات الموالية للجيش والدولة، لماذا لا يتم وصفهم بصفة العمالة والارتزاق؟، حتي اولئك الذين اسسوا قوات الدعم السريع، ما زالوا احياء يرزقون، اليس من الاولي تقديمهم الي المحاسبة؟،  حسب منطقهم العنصري والجهوي، في حقيقية الامر، ان القضية العنصرية في السودان هي اس البلاء الوطني منذ الاستقلال وحتي الوقت الراهن، حتي بعد خروج انسحاب الدعم السريع من عدد من كبير من ولاية الوسط، وابو عاقلة كيكل كان العقل المدبر لاحتلال الجزيرة من الجيش، وقائد الدعم السريع ايضا، اما الان، فهو وطني غيور، بعد ان ساهم في تشريد ملايين من السودانيين وقتلهم ونهب ممتلكاتهم في ولاية الجزيرة. 

اما المجرمين الذين يستحقون القتل والذبح،  من دون اي محاكمات حتي لو كانت  صورية، هم سكان الكنابي الذين يشتبه بهم، انهم تعاونوا مع الدعم السريع، السؤال الساذج، ماذا عن ابو عاقلة كيكل الذي كان قائدا ومرشدا، ومساهما في  الدمار والخرب الذي حل ببعض مناطق ولاية الجزيرة؟، لهذا السبب جندت المؤسسة العسكرية اعلامها وابواقها المأجورين، ان العدو الرئيسي، هم سكان الكنابي، لا لسبب، الا انهم من غرب البلاد، و حسب الرواية الرسمية يستحقون ان تسرق منازلهم، ومواشيهم وتحرق بيوتهم نهارا جهارا من قبل المستنفرين ودرع السودان، ولكتائب البراء الحق في ذبحهم اذا اقتضت الضرورة.

هذا هو الجانب القبيح العنصري من هذه الحرب التي اطلقوا عليها نفاقا وكذبا بالكرامة، لكن المقصود بها كرامة النخبة الاقلية التي تريد ان تستمر في الحكم، وليس هناك عيب ان تستخدم هؤلاء السود المساكين في حربها الخبيثة، ان موتهم  في الصفوف الامامية ليست قضية ذات اهمية، وفي نهاية الامر، اسرهم سوف يشردون الي المجهول، تحت ذرائع السكن العشوائي، هذا هو نظام الفصل العنصري السوداني البغيض الذي يؤمن ايمانا جازما، انهم مجرد ارقام  في وقت الشدة، عندما يحتاجها للاستمرار في سدة السلطة، قد يأتي يوم يدرك هؤلاء انهم يحتاجون الي لاهوت تحرير حقيقي، من وهم القومية الزائفة التي تضع اغلال العبودية في اعناقهم، وتستعبد عقولهم حتي لا يثوروا، ليس لانفسهم بل من اجل اجيالهم حتي ترضع من سدي العبودية الوطنية، هذا الامر ايضا علي ينطبق بعض المؤسسات التي تطلق عليها نفسها مدنية، فهي تمارس الاقصاء والاستعباد، لا لشئ انها ورثتها من سياسة الدولة، الدولة تفرضها بقوة السلاح، والجناح المدني يفرضها بالقوة الناعمة في منظمات المجتمع المدني. 

Loading

شارك على
أكتب تعليقك هنا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.