آخر الأخبار
The news is by your side.

كتاب النزوح في جهنم الوطن .. سياسة المركز للاستمرار في الحكم علي دماء وجماجم الهامش السوداني 

تاريخ السودان السياسي الماضي او المعاضر يحتاج الي قراءة شجاعة وحقيقية

كتاب النزوح في جهنم الوطن .. سياسة المركز للاستمرار في الحكم علي دماء وجماجم الهامش السوداني 

حسن اسحق 

الفترة التي تمر بها الدولة السودانية في السنوات الاخيرة، تحتاج الي عقول صادقة ومستنيرة تبحث بجدية  للكشف عن الاسباب الحقيقية التي تفسر، لماذا الحروب في السودان تستمر؟،  والنخبة التي ورثت الحكم من الاستعمار البريطاني، تتمادي في اشعال الحروب في مناطق الهامش السوداني الممثل في اقليم جنوب السودان سابقا، حاليا دولة جنوب السودان، وجنوب كردفان ’’ جبال النوبة ‘‘ والنيل الارزق، اقليم الانقسنا، واخيرا الثورة التي اندلعت في اقليم دارفور ما بين 2002 – و 2003، وما زالت اثارها التدميرية والعنصرية ظاهرة للعيان حتي اليوم،  ممثلة في  معسكرات نزوح ولجوء في دول الجوار.  

كتاب النزوح في جهنم الوطن

 

تاريخ السودان السياسي الماضي او المعاضر يحتاج الي قراءة شجاعة وحقيقية، للتطرق الي اسباب اندلاع الحروب والتهميش السياسي والاجتماعي والاقتصادي، ولماذا  هذه الحروب الممنهجة تستمر بطرق عديدة و مخطط لها في هذه المناطق المذكورة سابقا، التساؤل المطروح، هل دولة ما بعد الاستعمار، تري في سياسياتها الاستراتيجية، ان الحروب والقمع والقتل والتهميش بكل الياته، هو السبيل الوحيد للاستمرار في الحكم علي دماء وجماجم الهامش السوداني، ولماذا التعنت والرفض لاحادية الحكم؟، بدل من جعل التنوع السوداني الثقافي والاثني والاجتماعي والديني والقبلي والجغرافي، ان يكون المظلة التي تضم كل هذا التنوع؟. 

التطرق الي قضايا التهميش بكل انواعه 

العديد من النخبة السياسية  والمثقفاتية، عندما يتم التطرق الي قضايا التهميش السياسي والاجتماعي والاثني والجغرافي في السودان، يكون هناك تجاهل، وانكار للواقع السوداني وازمته المتجددة والمتكررة منذ ما يزيد 7 عقود من تاريخ الدولة السودانية التي ورثت سياسات الاستعمار البريطاني، في القمع والتنكيل والتهميش، وتطبيق سياسة فرق تسد، حتي يسهل الاستمرار في الحكم عبر مجموعة قبلية ابدت ولاءها للاستعمار عندما كان يحكم السودان بالحديد والنار.

 

بدلا  من تصحيح تلك السياسات العنصرية، بعد استقلت  الدولة في  1956،  انتهجت الدولة الجديدة، سياسة السيد المستعمر القديم، وما زالت تنتهج ذلك المنهج، الذي ترفضه الاغلبية التي اصبحت واعية بحقوقها السياسية و المطالبة بالمشاركة العادلة في السلطة والثروة، اضافة الي انهاء سياسة التهميش الممنهج من السلطة المركزية، وحان الوقت ان تدرك النخبة ان الزمن تغير، والوعي انتشر، رغم النزوح واللجوء، بات السودان في حاجة الي عقول صادقة لمخاطبة جذور ازمته، بدل من اتهام المطالبين بحقوقهم بالعنصريين والجهويين والقبليين.  

 

دعاة التمرد علي هيمنة السلطة المركزية 

ان كتاب  النزوح في جهنم الوطن – جبال النوبة الحريق المنسي للكاتب عاطف كمبال، يتطرق للرفيق الي دراسة في افرازات ومالات الصراع في اقليم جنوب كردفان، الذي صدر في 2025، اشار عاطف في التوطئة الي التشوهات الكبيرة التي تظهر معالمها بصورة واضحة، علي تركيبة وبناء المجتمعات القبلية والعشائر التي تمثل قوي المجتمع في ريف كردفان الكبير الممتد باقاليمه الثلاثة، غرب، وشمال وجنوب كردفان، موضحا ان هذه التشوهات، لم تكن الا نتاجا طبيعيا للضغوطات التي مورست علي اغلب سكان تلك المناطق والجماعات العرقية التي شكلت قوي الاطراف او ما يطلق عليه ’’ الهامش ‘‘ واصبح من المصطلحات المتداولة في القاموس السياسي السوداني، خاصة عند المثقفين والمفكرين والسياسيين، ودعاة رفض سياسة التهميش والتمرد علي هيمنة السلطة المركزية. 

تطرق عاطف في كتابه، الي عملية توظيف الحروب والصراعات المسلحة لخدمة المصالح السياسية والمشاريع الفكرية المشوهة التي تتبناها الحكومة، بهدف المحافظة علي تراتبية محددة في تركيبة المجتمع السوداني، حتي تنعم جماعات بعينها بثروات البلاد، موضحا ان الغالبية من السكان يغرقون في دوائر الفقر وحياة الشتات والوقوع في مصيدة الحروب بشرورها اللعينة، والسياسة المتعمدة لتدمير روابط الدم وصلات القرابة بين مجموعات كردفان، وكان هذا هو الهدف الذي تسعي اليه النخبة الحاكمة في عهد الرئيس السابق عمر البشير، واري ان هذه السياسة ما زالت تمارسها سلطة الامر الواقع في بورتسودان. 

اضافة لذلك الكتاب يتكون من ستة ابواب، حيث يتناول كل باب قضية اساسية، وبينما يرتكز الكتاب علي نقاش ثلاثة محاور اسياسية، الفكرة الاولي، تقوم علي تناول النزوح في ولاية جنوب كردفان، بصورة تاريخية، هي مصحوبة بتحليل روابط للاحداث، مع توضيح المثالب التي تنتج عنها داخل فضاء تلك المجتمعات، والفكرة الثانية، يقول الكاتب انها محاولة، لتوثيق تجربة سياسات النزوح في السودان علي المستويين الشعبي والرسمي في مناطق جنوب كردفان،  والفكرة الثالثة، تناول فيها عاطف الحرب وما نتج عنها من تاثيرات واضحة علي نمط وحياة الناس في مناطق متفرقة في جنوب كردفان.  

قراءة للواقع السياسي وديمومة الصراعات والحروب والاقتتال 

ختاما يتطرق عاطف الي تاريخ القمع والقهر الممثل في النزوح واللجوء الذي الحروب الممنهجة في السودان منذ عقود من استقلال السودان، علي الرغم الاشارة الي جبال النوبة، الا ان جهنم الحروب طال اقليم دارفور والنيل الازرق ’’ الانقسنا ‘‘، هو كتاب يقرأ الواقع السياسي المزري الممثل في ديمومة الصراعات والحروب والاقتتال، ونتائجها الطبيعية نزوح ولجوء، وتهجير قسري ممنهج، ومحاولات للاحلال والابدال التي تنفذها سياسة المركز المتسلط الذي يرفض تقبل واقع التنوع والتعدد في السودان الجديد، وشكرا ايها الرفيق عاطف علي هذا المجهود الجبار، فعلا مشروع السودان الجديد سوف ينجح بسواعد الرفاق والرفيقات الذين يؤمنون بالتنوع والتعدد ورفض سياسة الظلم والتهميش الممنهج من ورثة دولة ما بعد الاستعمار، وبات معروفا في الفترة الاخيرة، بعد حرب 15 ابريل بدولة 56.

Loading

شارك على
أكتب تعليقك هنا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.