آخر الأخبار
The news is by your side.

قراءة في رواية بعض هذا القرنـفل

قراءة تحليلية لرواية(بعض هذا القرنفل ) .. للكاتب نور الدين الصادق …2007

تري من يمهرني السلام؟….

قراءة: أماني محمد صالح

(كان مثل وجع الضرس ظللنا نسكنه بحبات القرنفل حتى يهدأ وكنت انا ومنى وأهله وشلته وياسمين هذا القرنفل نعاني من أحلامه حبا فيه ولكن الحل كان في خلع هذا الضرس أجل لم يكن هنالك حلا لآمال طارق الا ان تدفن هنا).

(انت تملك الإختيار وانت تملك القرار. إذن انت الأقوى انت الأغنى )

(الغربة عقد مقارنة بين وطن تُحبينه وبين مهجر جيّد تُريدينه في وطنك فلا المهجر سيأتي إلى الوطن ولا الوطن سيكون على مستوى المهجر والمقارنة تعني خيارين فأي اخترت فقد فقدت الآخر أما يكون هناك إحساس بالفقد يعني انك خسرت السعادة ).

(نحن من نصنع الأمل ثم نبدأ بتحقيقه بما نملك وليس الأمل من يصنع تحركاتنا )

الشخصيات
( عزة الرشيد) (طارق المغربي السمندل) (منى الحسين) (عباس)
(فيصل) (هشام) ( فدوى) ( هالة) ( حامد) (وهيبة) (ياسر) ( عماد) (خالد) ( فيفيان) (سامية ) (جيمس ) رواية ذات طابع سياسي اجتماعي استطاع فيها الكاتب الربط بين هموم وأحلام ابطال الرواية مع الأحداث الوطنية.

تدور أحداثها بين لندن الخرطوم وجامعة الخرطوم وجوبا في جو من الغموض والتشويق يلهث القارئ وراء (عزة الرشيد) لمعرفة الحقائق وفك الطلاسم التي كانت محور الأحداث في هذه الرواية في تشويق وإثارة و سيطرة على انفعال القارئ دون ملل.

نقل الكاتب الأحداث داخل جامعة الخرطوم، المنتديات حفلات استقبال الطلبة الدور السياسي الذي يقوم به أبطال الرواية معاناتهم واعتقالاتهم والتعذيب الذي تعرضوا له الذي جسده في شخصية بطل الرواية وشلته الذين برعوا في تمثيل أدوار تبعد عنهم الشبهات وتبعد عنهم الأمن والعسكر فبرعوا في صنع المقالب للطلبة الجدد مما زاد شهرتهم في الجامعة.

استخدم الكاتب تقنية الفلاش باك في سرد القصة حيث بدأها من لندن فبدأت بذكريات (عزة الرشيد) في شوارع الجامعة وحكاياتها وذكرياتها عن جامعة الخرطوم ثم بدأ السرد القصصي الممتع والمشوق والمثير في لغة ممتعة وشيقة وسلسة.

تنمو فكرة هذه الرواية في البعد عن الإغراق في التوصيف والتطويل الذي يصيب القارئ بالملل فلم يصف الكاتب أبطال الرواية وصفا دقيقا فترك العنان لخيال القارئ يرسمها في مخيلته كل كما يصوره خياله، فكل منهم يمكنه ان يتخيل شخصية وشكل الأبطال بطريقة مختلفة عن الآخر حسب قراءته وخياله الخصب.

(عزة الرشيد) التي تركت الجامعة والوطن بسبب إغلاق الجامعة للأحداث السياسية بها فالطبقة البرجوازية تمتلك البدائل دائما فقد ذهبت إلى لندن لإكمال الدراسة وغابت عشرة اعوام وعادت بحنين جارف تحمل معها الذكريات تتعامل معها كأنها الأمس القريب أما من هم داخل الوطن فهذه الذكريات لا تمثل لهم الكثير فقد مروا بهموم وأحداث تنسيهم الماضي وذكرياته.

فالبعاد هو من يعلمنا الحنين والشوق وتقديس الذكريات عادت وعلمت أن (طارق) عدوها اللدود قد انتحر فكيف ينتحر مثله من يحمل هم الوطن صاحب القيم والمبادئ العبارات التي تبعث بالأمل هل يعقل ؟!

فبدات رحلة البحث عن الحقيقة في إثارة وغموض جعل القارئ يلهث وراء ( عزة الرشيد) لمعرفة سر السمندل كما أطلقت عليه أمه فالبطل كان على علاقة جيدة مع والدته عكس أبيه الذي كان سببا في فشل الانقلاب وقتل زملائه ظنا منه أنه يحمي إبنه والوطن.

صورت الرواية أحوال الوطن في تلك الفترة بداية الثمانينات وحكم العسكر والصراع بينهم وتناولت فترة حكم نميري وفترة الديمقراطية وحكم العسكر مرة أخرى و ما بها من إسقاطات سياسية وحرب الجنوب.

برع الكاتب في تجسيد شخصية بطل الرواية (طارق المغربي) و تحريكه لأحداث الرواية بطريقة مبهرة منذ أن كان طالباً في جامعة الخرطوم حتى بعد وفاته فقد سيطر على أحاسيس أبطال الرواية وغير مسار حياتهم في حياته ومماته.

استطاع الكاتب بأسلوبه الشيق السيطرة على انفعال القارئ بل الركض خلف الأحداث وخلف (عزة الرشيد) هو يحبس أنفاسه لمعرفة الحقائق فكان الغموض والإثارة الذي مارسه في القصة جعلها أكثر إثارة وتشويقا ومتعة.

سلط الكاتب الضوء في هذه الرواية على تقلبات الإنسان وتغير مبادئه عندما تنهزم بداخله كل
الأحلام والآمال و تنتحر احاسيس الحياة بداخله فجسده في شخصيات( هشام) (عباس).

(عباس) الذي فقد أصدقائه في محاولة انقلابية فاشلة وضاعت أحلامه الوطنية والسياسية وإحساس الذنب وتانيب الضمير لوفاة حبيته التي كانت من ضمن الخطط السياسية للانتقام من والدها الضابط فتحول إلى إنسان منهار ومحطم من بطل سياسي كان يحلم بتغيير أوضاع وطنه إلى شخص لم يستطيع حتي تغيير نفسه فغرق في بحور السكر هربا من واقع مرير لعله ينسى أحزانه وآلامه و فقده لأصحابه بين كوؤس الخمر والسكر.

( هشام) الذي كان يتّحمل الفقر عندما كان طالبا أملا في مستقبل أجمل معتزا بكرامته أمام صديقته (البرجوازية).

بعد التخرج انتحرت أحلامه وتم ركنه في وظيفة لا تغني ولا تشبع من جوع كان أمام اختبار حقيقي فشل فيه عندما لوث يده بالمال الحرام والرشاوي، مع هذا لم يكن سعيدا فالحرام لا يسعد حتى جسده أصبح نحيلا عكس زميله الذي رفض الرشاوي مفضلا بيع الخضار في الشارع على هذه الوظيفة التي لا تشبع أفواه أطفاله فكبرت تجارته وذادت عكس (هشام) الذي غرق في الهموم وخاصمه أهله إلى أن يكون ظهور زميلته البرجوازية وعودتها من لندن فتكون المقارنة وتكون صحوة الضمير الذي يقوده إلى السجن.

سلط الكاتب الضوء على الغربة والاغتراب وإن كان لابد منها لكنها تأخذ من الإنسان الكثير من عمره و إحساسه فيحس بنوع من الهزيمة وإنه ضيع عمره في شيء لم يسعده فيحس بالفقد والضياع، هذا الإحساس الذي كان يرواد ( عزة الرشيد) و(حسن) زوج (منى الحسين) فالمقارنة بين الغربة والوطن خاسرة مهما كانت المكاسب المالية (الغربة عقد مقارنة بين وطن تحبينه وبين مهجر جيد تريدينه في وطنك فلا المهجر سيأتي لوطن ولا الوطن سيكون على مستوى المهجر).

اعتمد الكاتب النهاية الغير متوقعة بالنسبة للقارئ فكانت مفاجأة له في السياق الذي تجري به الاأحداث مما جعل القارئ يجد نهاية مختلفة عن التي توقعها.

فالقارئ كان يلهث وراء (عزة الرشيد) لفك الغموض والطلاسم في الرواية وكان يتوقع نهاية غير ذلك.

فكان المتوقع ان تجد ( طارق) حيا لا ان تجد مقبرته بعد رحلتها الشاقة إلى الجنوب، كانت المفأجاة وجود (ياسر ) خطيب منى الأول ليقتل هو أيضا ويدفن بجوار (طارق ) عدوه الأول فجمعهما حب (منى) بعد الموت، لم تجد عزة طارق لكن وجدت ابنه (آدم ) وقررت أن تبدأ حياة جديدة وتكمل ما بدأه (طارق) كما قال (طارق) لفشل التزاماته ألزمت نفسها بالتدريس في مدرسة طارق وجيمس لكن حضر والدها واخذها عنوة إلى الخرطوم لتعيش حياتها وتتزوج ولكنها كانت تصرخ وتنظر إلى (فيفيان وآدم).

وبدأت تنظر إلى السماء والحقول.. يا أشجار المانقو والاناناس وسهول الموز والباباي أيتها الشمس المختفية يا قطرات المطر النازل يا أحرار العالم لن اتزوج (عماد) سأتزوج من يأتي بي إلى هنا فقط من يأتي بي إلى (فيفيان) أجل هذا هو مهري فمن يقدر على مهري؟ من يمهرني السلام ياترى من يمهرني السلام؟!

Loading

شارك على
أكتب تعليقك هنا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.