آخر الأخبار
The news is by your side.

قانون الأمن الداخلي..! … بقلم: وائل محجوب

قانون الأمن الداخلي..! … بقلم: وائل محجوب

• أرسل لي عدد من الأصدقاء أمس مسودة متداولة لقانون “الأمن الداخلي” مستفسرين عن مدى صحتها، وبعد الإطلاع عليها تواصلت مع عدد من القانونيين الذين أكد أغلبهم ان النسخة صحيحة، وأشار بعضهم أنه قد تم الدفع بها للإجازة في إجتماع مجلسي السيادة والوزراء الذي إنعقد مؤخرا، بعدما تم تقديمها للجهات المختصة بواسطة أحد ممثلي المكون العسكري بمجلس السيادة، غير أنه تم التحفظ عليها في الإجتماع المذكور، وتعليقا على ما ورد في المسودة من بنود نقول الأتي:

– اولا: الحاجة لتأسيس جهاز أمن داخلي جديد تم وفق تفاهم سابق على ذلك الأمر، بتحويل جهاز المخابرات العامة الحالي لتأدية دور محدد في الأمن الخارجي، وتتبيع الوحدات المتخصصة لأجهزة تنفيذ القانون من شرطة وجهاز أمن جديد، بعد تطهير صفوفه من عناصر النظام البائد، والمتهمين والمتورطين في قضايا جنائية وقضايا القتل والتعذيب والإنتهاكات.

– ثانيا: المشرع الذي قام بإعداد مسودة القانون هذا.. إن لم يكن من بقايا الأنقاذ فهو من المتأثرين بعقلها الإستبدادي، الذي يريد دوما أن يشرعن للإستبداد بتكريس السلطات في يد من ليسوا في موقع المسئولية، وبتكريس السلطات وان خالفت روح ونصوص القانون نفسه، ولهذا السبب وحده سعى لوضع الجهاز تحت سلطة ما اسماها “القيادة العليا للمجلس السيادي”، حيث ورد في الفصل الثالث المتعلق بقيادة الجهاز، تحديد القيادة العليا للجهاز في المادة (١٢. “١”.) تعمل قوات الجهاز تحت القيادة العليا لمجلس السيادة وتخضع للسلطة التنفيذية.

• وهذه حيلة مكشوفة فليس هناك مطلقا شيئا يسمى القيادة العليا للسيادي، “مثلما ليس هناك شيء أسمه المجلس التشريعي المؤقت”، لا من ناحية التوصيف الوظيفي، ولا من خلال التعريف الدستوري، والمجلس السيادي نفسه لا تنعقد أي سلطة لأفراده فالسلطة لإنعقاد المجلس مجتمعا، وهي ذات العقلية التي تريد أن تحول رئيس المجلس ونائبه للقيام بمهام رئاسة الجمهورية، والإنفراد بالقرار بأسم المجلس، بلا طائل وبالمخالفة لبنود الوثيقة الدستورية.

• هذا العقل الإنقاذي المختبئ في معطف أحد اعضاء السيادي من العسكر “وهو معلوم وإن تصور إن ما يقوم به خفي عن الناس”، هو الذي يسعى لتكريس سلطات الجهاز في يد القادة العسكريين بمجلس السيادة، وهو عقل قاصر وذاهل عن الثورة واسبابها، ويسعى بشتى الحيل للإلتفاف على مطالبها، فإذا كان الناس سيقبلون باستمرار الوضعية الشائهة للأجهزة الأمنية ففيم كانت الثورة إبتداء.

• من صاغوا هذه المسودة ليسوا جهلاء انما اصحاب غرض بائن ومكشوف، إذ كيف يمكن فهم أن وزير الداخلية الخاضع لسلطة مجلس الوزراء يتجاوز مجلسه ووضعه هذا في تشكيل الجهاز، وفي تلقي الأوامر من خارج المجلس الذي يخضع له، ولا يتوقف تجاهل دور ومسئولية رئاسة الوزراء عند هذا الحد بل يمتد لتعيين مدير الجهاز ونائبه والضباط، إذ نصت المسودة على أن يعين مجلس السيادة بناء على توصية الوزير مدير الجهاز ونائبه وضباطه،

بل أن مجلس السيادة هو الذي يحدد “وبطبيعة الحال المقصود القيادة العليا للمجلس التي ورد ذكرها اعلاه” بناء على توصية الوزير، حقوق وامتيازات وترقيات منسوبي الجهاز، هذه المسودة باطلة قانونا وهي تخالف قواعد الفصل بين السلطات، وهي بصيغتها الراهنة اخضعت وزير الداخلية لسلطة المجلس السيادي، مما يخالف السلطات والصلاحيات المنصوص عليها في الوثيقة الدستورية، والتي تشكل أساس المرحلة القانوني.

• هذه المسودة تحتشد بالإهانة للسلطة التنفيذية والقفز على صلاحياتها، ومسئولياتها، لقد تجاهل المشرع حتى أن هذا الوزير لا سلطة تخوله لمخاطبة مجلس السيادة، فلديه سلطة عليا يخضع لها متمثلة في مجلس الوزراء ورئاسة الوزراء، وهو يريد منه أن يقفز على كل ذلك ليخاطب مجلس السيادة ويقررا لوحدهما كل ما يتعلق بجهاز الأمن الداخلي، فاي تلاعب وأي استهتار أبلغ من هذا..؟!

• لقد تم تقديم مسودة قانون للأمن الداخلي من المكون المدني في الحكم ممثلا في مجلس الوزراء لإجتماع المجلسين قبل عام من يومنا هذا، وقد تم التحفظ عليها من قبل بعض عناصر المكون العسكري، وهاهم بعد ما يقارب العام يدفعون بهذه المسودة المعيبة والتي يجب أن ترفض، وأن لا يقبل مجرد النقاش حولها، بما تنطوي عليه من إهانة للسلطة التنفيذية، ويجب أن يكون معلوما لسدنة الشمولية أن أجهزة تنفيذ القانون من أمن وشرطة هي أجهزة نظامية مدنية وليست عسكرية، ولن تعبر قوانينها الإ عن هذا الواقع، ولا ينبغي لها أن تتبع وتخضع الإ للسلطة المدنية.. بل أن حتى القوات المسلحة نفسها في النظام الديمقراطي تخضع للسلطة المدنية الحاكمة، سوا كانت نظاما رئاسيا أو برلمانيا.. أوقفوا العبث فلن تحققوا من خلاله شيئا، ولن تمضوا بالبلاد عكس عقارب الساعة.

• كسرة؛

الطريقة التي تتم بها إجازة القوانين عبر إجتماع المجلسين، تخالف أسس وقواعد النظم الديمقراطية والإنتقالية، وتثير الريبة والشكوك فتهزم اهم مقاصد القانون، لماذا لا يتم نشر مسودات القوانين هذي ويفتح الباب للحوار المجتمعي حولها، عبر الصحف ووسائل الإعلام المختلفة، وعبر تنظيم الحوارات المفتوحة مع الجهات صاحبة المصلحة في القوانين.. الطريقة المتبعة هي كذلك إمتداد للعقل الشمولي الإستبدادي.. عقلية الفهلوة عواليق نخليها..!

Loading

شارك على
أكتب تعليقك هنا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.