في رحاب زكريا صالح عطبراوي
في رحاب زكريا صالح عطبراوي
(الامين العام المكلف للاتحاد العام للادباء والكتاب السودانيين )
بقلم / محمد ميرغني الشيخ
في الداخلة التي تطل على النيل المتجه شمالاً حيث تداعب الأمواج الشاطي بماءها المنبثق من ملتقى النيل مع العطبراوي حيث تمازجت وداعة النيل المنساب هداوةً ولطافة مكتسبة من مسيرة النيل الوادعة مع صخب هدير العطبراوي المندفع بضراوة من شرق البلاد دافعاً معه نسمات الهواء العليل في هذا الجو المزدان بالخضرة والجمال نشأ الشاعر زكريا صالح بين أزقتها التي أظلتها أشجار النيم العتيقة وتمايلت بجانبها جرائد النخيل وكأنما مٌوحها يستدعي المارين لتزوق طعم رطبها العسلي المذاق فجاءت أعماله غارقة في الجمال منغمسة في مساحات التأمل ، في هذا الجو حيث الخضرة والنيل الذي تمم حسنه حسان نبرو وقديماً طفق شاعرٌ منها متسائلاً عن خبرها ،، فها هو شاعرنا يظل واقفاً منتظراً مرورها رغم أنها لم تعيره حتى بمجرد إلتفاتة تحمل منها السلام فردد في حضرتها
نظرات عويناتك تمايم
تحمي من سحر الحزن
مشرورة فوق هدب الغيوم
مطلية بي فرح الوطن
كل الغنا الغنيتو فيك
ذوب جليد ليل الشجن
بتأملك زي روح طفل
بتتاتي فوق غيمة فرح
مرسومة في عينيك صور
ألوانا زي لون قوس قزح
تكشف شجوني مع هواك
آآآه سري فيك كان انفضح
ضج الكلام جواي حبيس
مزماري في حبك صدح
بتأملك
ولج لسوق الطرب العطبراوي الغني بالمبدعين فأضحى أحد أعمدتها مشكلاً ثنائية جميلة مع المطرب محمد سعدان كان نتاجها أكثر من عشرين عمل منها ثورة براكين الغضب
ظلموك جد يا عطبرة
وقالوا عنك مقبرة
ثورة براكين الغضب
ما بتستكين للسيطرة
إذ أن تاريخ كتابتها تزامن مع أحداث ثورة ابريل فكان لما إشتملت عليه من معاني ثورية وقعاً اكسبها القبول فسعى لها الاعلام العطبراوي لتصبح شعاراً لإذاعة عطبرة وبدأ يتكرر بثها وكانت قد جاءت نتاج غضبة حميدة عندما حاولت طالبة في جامعة القاهرة الفرع أن توصم عطبرة مستهزئة في حضرة شاعرها وآنا لها ذلك فلن تمس شعرة منها في وجه من أحبوها ورغم ما حققته الثنائية من نجاح لم يظل حبيساً لها فمدد تعامله مع العديد من مطربي المدينة فكان إذ تجلى صوته الشعري منساباً مع اصواتهم وجاء منسجماً مع الأغنية التي حملت هم من الهموم المجتمعية لتنقر في آذان الأباء مع صوت القامة مصطفى مضوي بلسانها وهي تلتمس العذر لأبيها ( من غير قصد يا أبوي )
يا يابا خليني أختار شريكي براي
شاورني من قبال يا يابا تدي الرأي
صدقني تسعدني يا يابا في دنياي
وتكون صحيح بتدورو انت هناي
أفرد جناحيه سفراً قاصداً المملكة العربية السعودية في زمانٍ كانت فيه الغربة مقصد الشباب ولكنه قطعها وعاد لتراب الوطن فمنذ أن حلً بها ظلت أشواقه تستدعي فيه الرجوع
يا يمة مشتاق للرجوع لي جلسة في ضل الضحا
جمبك يمين بنسى الشقا وعذابي ألقاهوإتمحا
لكن وراك في غربتي أنا حزني من بعدك صحا
عَلمني كيف الشوق يكون وطحني بي حجر الرحا
حبوبة كيفن بي وراي ؟؟ مشتاق كتير لي ونستا
قوليلا بعدها في البعاد في سمعي بترن ضحكتا
وبعد أن عاد ظل مهموماً بأوجاع البلد ينشد استقرار بنوها وبناءهم لدولتهم بمرافق تضمن لهم فيها كريم العيش مخاطباً شعبها البقاء لتشيد الوطن
ياااااااااااااااااااحليلك
قول متين حتخت رحالك
شان يسر من تاني حالك
تفرِح امك ابوك واهلك
والامان يغمر عيالك
والسنين ليك تاني تضحك
يبقي عيد الفرحه فالك
والرزق ساهل يجيكا
ويغمر الاكوان جمالك
زحف بأعماله نحو الكثافة الإعلامية بالعاصمة المثلثة كاسراً ما إعتاد عليه مبدعي المدينة من الشعراء والفنانين الذين ظلوا أسيرين لمحيطهم المكاني ، فما أن حمل بعض بضاعته ودلف بها نحو سوق الغناء في العاصمة حتى تهافت نحوه المطربين والمطربات بحثاً عن آطايب القول ففي فترة وجيزة أمتد تعامله مع عدة أصوات في الساحة الغنائية وبدأ نجمه يظهر ويعرف لدى الوسط الفني في سماء السودان فغنى له فرفور (الما بيعرفك بيجهلك.. وجات في جرح ) وغنى له الفنان أحمد الصادق ( الناس ظروف/ وما بتتعلم ) وحسين شندي وندى القلعة وآخرين وتم تكليفه بمنصب الامين العام للاتحاد العام للادباء والكتاب السودانيين . ودفع بأول دواوينه الشعرية بعنوان والله يابا حرام لدور النشر
وبعد أن إندلعت الحرب واستبيحت الخرطوم أضطر للهجرة مرةً أخرى لمدينة طرابلس وبمجرد أن لاحت بشائر النصر بدأ ينشد العودة مجددأ ويمني النفس متفائلاً
راجعين ليك ياوطن الخير
يالكرمك بغدي الطير
وباب مفتوح حباب الضيف
وفي الحارات نسوي نفير
نزرعك ارضك الخضراء
براءه وطيبه حنيه
ونفرش كل مساحاتك
محبة روح حقيقيه
ونعدل ياوطن ميلك
مزارعيه وافنديه
ولوحان الجهاد في يوم
كلنا نبقي جنديه