عرقُ الكادحين: حكاية عامل سوداني بين الحلم والواقع
عرقُ الكادحين: حكاية عامل سوداني بين الحلم والواقع
الخرطوم: سوداني بوست
في أحد الأحياء الشعبية في الخرطوم، كان “أحمد” يستيقظ كل صباح قبل شروق الشمس، متجهًا إلى مصنع النسيج حيث يعمل منذ عشر سنوات. كان العمل مرهقًا، والأجر بالكاد يكفي قوت يومه، لكن لم يكن أمامه خيار آخر.
الصراع مع الأجر والغلاء
كل شهر، كان أحمد ينتظر راتبه القليل، لكنه بالكاد يغطي احتياجات أسرته الصغيرة. في كل مرة يذهب إلى السوق، كان يعود محبطًا، فأسعار السلع ترتفع بجنون، بينما يظل مرتبه ثابتًا كالصخر، لا يتحرك قيد أنملة. كان يتساءل: كيف لي أن أوفر لأطفالي حياة كريمة؟
الحرب تسرق الأمان
عندما اندلعت الحرب، تغير كل شيء. تراجع الإنتاج في المصنع، وتأخرت الرواتب، ثم جاء القرار المشؤوم: “الإغلاق المؤقت حتى إشعار آخر”. وجد أحمد نفسه بلا عمل، يجوب الشوارع بحثًا عن أي فرصة، لكنه لم يجد سوى أعمال شاقة بأجور زهيدة لا تكفي حتى لسد رمق الجوع.
اضطهاد العاملين
كان أحمد يعرف صديقًا له، “خالد”، عمل في شركة خاصة. كان خالد يشكو دائمًا من المدير الذي يستغل الموظفين، يفرض عليهم ساعات إضافية دون مقابل، ويهددهم بالفصل إن اشتكوا. لم يكن هناك نقابة تحميهم، ولا قانون يُنفَّذ ليضمن حقوقهم. كان العامل في السودان مجرد ترس في آلة ضخمة، يدور حتى يتعطل، ثم يُستبدل بآخر.
الأمل رغم القسوة
رغم كل هذا، لم يفقد أحمد الأمل. بدأ يفكر في حلول بديلة، فقرر العمل في إصلاح الأجهزة الكهربائية من منزله، بمساعدة زوجته التي بدأت تبيع الخبز للجيران. كانت الحياة صعبة، لكنهما رفضا الاستسلام.
كان أحمد يحلم بوطن يحترم حقوق العامل، يوفر له أجرًا يكفيه ليعيش بكرامة، وبيئة عمل لا تستغله، وأمانًا لا تسرقه الحرب. كان يحلم، وفي داخله أمل أن يأتي يومٌ تتحقق فيه تلك الأحلام، ليحيا الكادحون بكرامة في وطنهم.