آخر الأخبار
The news is by your side.

رؤية الحركة الشعبية لتحرير السودان – شمال لمستقبل السلام: تحديات الحاضر وآفاق المستقبل

رؤية الحركة الشعبية لتحرير السودان – شمال لمستقبل السلام: تحديات الحاضر وآفاق المستقبل

  حاورته: د. ربيعة خطاب

•في خضم الأوضاع السياسية المتقلبة في السودان والصراعات المستمرة التي تشهدها البلاد، تبرز الحركة الشعبية لتحرير السودان – شمال (الجبهة الثورية) كلاعب رئيسي في المشهد السياسي والعسكري. هذه الحركة، التي تسعى لتحقيق مطالب سياسية واجتماعية عادلة في مناطق جبال النوبة والنيل الأزرق، لا تزال تواجه تحديات كبرى وسط تطورات جديدة في المشهد السوداني، سواء على الصعيد الداخلي أو في سياق التدخلات الإقليمية والدولية.

•في هذا السياق، أجرت (Africa Inside) حواراً خاصاً مع سعد محمد عبد الله، الناطق الرسمي باسم الحركة، لتسليط الضوء على موقف الحركة من المفاوضات الجارية، رؤيتها لمستقبل السودان في ظل الصراعات المسلحة، وتحليل أبعاد الاتفاقات السياسية الأخيرة. في هذا الحوار، يشاركنا عبدالله رؤيته حول سبل الوصول إلى سلام دائم في السودان، وكيف يمكن للحركة أن توازن بين مطالبها السياسية وضغوط المجتمع الدولي.

1. كيف تقيم الدور الذي يلعبه البرهان وحميدتي في المشهد السياسي الحالي في السودان؟

هذه قضية وطن ومصير شعب، وقضايا الأوطان والشعوب لا تختذلها الفردانية وصفًا أو إتصافًا بل تؤخذ بعمومية، والأهم في الأمر أن بلادنا تشهد متغيرات جوهرية ومؤثرة يجب علينا أن نضعها في صميم الإعتبار عندما نأتي لتحليل أيّ مشهد أو موقف علي المسرح السياسي السوداني، ومنها إكتشاف الجماهير الأسباب الحقيقية الكامنة وراء الفشل الإداري المزري المُنتّج من سياسات الأحلاف السودانية التي لا تملك ذاتها ولا زمام قرارها وبل تقف خلف أوهام حكومات الإستعمار المغلفة بخطب رنانة ترددها حناجر قبيحة وتفتقد للذكاء والإبداع السياسي، وهذا الأمر يترجم غياب المشروع الوطني وعدم التوافق علي أجندة التغيير وأساسيات بناء سودان السلام والعدالة الإجتماعية والإقتصادية، ولم نقرأ بعد علي دفاتر قائد مليشيا الدعم السريع أو حلفائه المحليين والدوليين رؤية سياسية واضحة يمكن الوقوف عند نقاطها ومناقشتها بجدية، وكل ما يجري حاليًا هو مجرد إنقياد لتلك الميشيا وحلفائها خلف الأحداث مع إحداث ضجيج في اللا شيئ والتعامل مع ردود الفعل فقط، لذلك أعتقد أن الحكومة السودانية التي يقودها سيادة الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان ورفاقه في مجلسي ”السيادة والوزراء“ لديهم إتفاقية جوبا لسلام السودان التي تحمل في طياتها برنامج للحكم والإدارة والبناء الوطني، وقدمت الحكومة رؤيتها بوضوح حول كيفية إنهاء الحرب وتأسيس دولة السلام والتنمية والمواطنة المتساوية، وجاء ذلك من خلال خطة عملية أعلنتها الحكومة وفصلت آليات تطبيقها في مؤتمر ولاة الولايات وحُكام الأقاليم الذي أقيم بولاية القضارف في نهاية العام المنصرم.

2. ما هي أبرز التحديات التي تواجهها الحكومة الانتقالية في ظل وجود كلا القائدين؟

للأسف، هناك تحديات إنسانية وأمنية جمة تتصاعد وتتوسع بين الفينة والآخرى تواجه السودانيين ومؤسسات الدولة بسبب وجود قوى عسكرية متمردة وخارجة عن القانون وتجد الدعم من مجموعات سياسية داخلية وتمويل من قِبل حكومات مستبدة وفاسدة تحارب بلادنا وشعبنا وترتكب أبشع وأشنع الجرائم ضد المجتمعات في القرى والمدن، وتعمل قيادة الدولة بكل طاقاتها علي الإطلاع بمهامها ومسؤولياتها في حماية المدنيين والممتلكات الخاصة والعامة من الإعتداءات التي تقوم بها مليشيا الدعم السريع وحلفائها داخل وخارج السودان، وندفع في إتجاه الحفاظ علي وحدة البلاد وسلامة شعبها وإجهاض مخطط إستلاب مواردها وتقسيمها، ولا يمكن بأي حال من الأحول أن تتم مساواة الحكومة وقيادة الدولة بتلك المليشيا الإرهابية المصنوعة لتنفيذ مشروع التدميير الذي تسبب في وقوع دمار شامل للسودان، هذه المقارنات غير سليمة علي الإطلاق؛ فلا يستوي من يقتل الشعب بسلاح الغدر ومن يدافعون عنهم بصدور عارية وقلوب مفعمة بحماس الوطنية، والآن شواذ نيران الحرب تلتحم غلاف حدودي واسع ومفتوح علي دول الجوار المباشر، وهذا مهدد للإستقرار في شريط القرن والساحل الافريقي المضطرب أصلاً، وتظل الحقيقة التي لا يريدها البعض أن للسودان شعب متحد مع حكومة حرة وذات قرار وتستطيع تشكيل كينونتها من خلال إلهام الشعب ودفاعها عن سيادة هذه البلاد وحقوق شعبها العظيم.

3. كيف تؤثر العلاقة بين البرهان وحميدتي على الاستقرار الأمني في البلاد؟

سيدتي، الأمر لا يتعلق بعلاقة أشخاص بل أخذ الموضوع علي هذا النحو هو إنحراف عن مسار الحقيقة والموضوعية وتشخيص الأزمة السودانية، ونرى أن ما يجري يعكس صراعات مُسببة بين الحكومة والشعب من جهة ومليشيا الدعم السريع وحلفائها في السودان والإقليم والعالم من جهة آخرى، لذلك يجب علينا إعادة تعريف وتوصيف هذا المشهد بشكل صحيح حتى لا نخلط الأمور ببعضها البعض، ومن هنا نعود مجددًا للحديث عن مسألة تأثير الصراع الحالي علي الأمن والإستقرار السوداني، ونرى أن الحرب والفوضى أمران متلازمان لا ينفصلان عن المستعمرين والمتمردين ولا ينكر ذلك أي شخص؛ إنما يجب أن نقف هنا ونتكلم عن من تسببوا في كل ذلك؟ ونجد أن حكومة السودان من خلال مخاطباتها الرسمية لمجلس الأمن الدولي والهيئات الآخرى قد كشفت عن أوجه ودوافع القوى المحلية والإقليمية والدولية التي توفر الأغطية والأقنعة السياسية والدبلوماسية والدعم اللوجتسي لمليشيا الدعم السريع ويحدث ذلك في تجاهل واضح للقوانيين والأعراف المتفق عليها دوليًا للحفاظ علي السلم والأمن في العالم أجمع، وكما قلنا في حوارنا السابق معكم أن علي مجلس الأمن الدولي إصدار نشرة إدانة واضحة ضد هذه المليشيا الإرهابية وإتخاذ إجراءات جادة لمحاسبة كل من يمولونها ويدعمونها إن كانوا يريدون فعلاً إستعادة أمن وإستقرار السودان والمحيط الإقليمي.

4. ما هي توقعاتك بشأن مستقبل السودان في ظل التوترات بين الجيش والدعم السريع؟

المستقبل مُحاط بظلام دامس يكاد يحجب الرؤية عنا إلا أننا لا ننكسر أمام الرياح مهما كانت شِدتها، وقد نخسر الكثير من نفائس مواردنا وأغلى الأرواح لكنني علي يقين تام بأن الشعب السوداني الذي صنع التاريخ في افريقيا ”ما قبل وبعد الحِقب الإستعمارية“ سينهض من جديد ويمشي بخطوات واثقة وثابتة نحو السودان الجديد الذي ظل يمثّل الحلم الجميل والنشيد الأحب في أذهان بنات وأبناء شعبنا، وليس هذا الحديث نوع من أنواع الخيال بل هو حلم عظيم ظل يراود السودانيين منذ فجر الإستقلال من الإستعمار البريطاني، وبعد أن عشنا سنوات طويلة في تجارب الحروب الطاحنة في الريف الواسع والفقر والتهميش علي إمتداد المدن المريفة وفشل بناء الدولة الحديثة بسبب سلسلة الأخطاء التكوينية ورفض الإصلاح والتدخلات من خارج السودان ولكن أضحى من المنطق أن نخطط جيدًا لتأسيس السودان المتنوع عبر المحافظة علي وحدة الأرض والشعب ومنع محاولات تفكيك مؤسسات الدولة ”المدنية والعسكرية“ وكذلك عدم التسامح مع طعن السيادة الوطنية تحت شعارات وحجج فارغة ومثيرة للقلق ولا محل لها من المنطق والموضوعية.

5. هل تعتقد أن هناك إمكانية للوصول إلى توافق بين الأطراف المختلفة؟ وكيف يمكن تحقيق ذلك؟

هذا السؤال جيد؛ لكن الإجابة عليه تدفعنا لتوجيه أبصارنا أولاً إلي حالة الغضب التي تسود الشارع السوداني جراء الإنتهاكات الجسيمة التي إرتكبتها تلك المليشيات مع إصرارها علي مواصلة محاصرة السودانيين في مناطقهم وقتلهم وتشريدهم وإغتصاب النساء وإذلال الشِيب والشباب وترويع وتجويع الأطفال وغيرها من الممارسات المخالفة للأخلاق والقانون، وثانيًا يجب علينا وضع التناقضات السياسية بين كل الأحلاف والتنظيمات علي مجهر تحليل سياسي منطقي من أجل الوصول إلي فكرة الجواب علي سؤالكم من باب الحقيقة، وأقصد بشكل آخر أن الصراعات السياسية وصلت إلي مرحلة بعيدة جدًا من الخصومة المتمحورة حول قضايا الوطن ومستقبله، وتمايز الصفوف بين من يقفون مع شعبهم ودولتهم ضد حملة الإستعمار والتمرد ومن يساندون المتمردين والمستعمرين لإحتلال البلاد، ونقرأ كل ذلك في ظل متغيرات ومؤثرات إقليمية ودولية من المؤكد أنها ستعيق مسألة الإستقرار في السودان، ومن هنا لا أتوقع توافقًا سياسيًا بين المكونات السياسية المختلفة قريبًا إلا في حالة تراجع وكلاء الإستعمار وحلفاء هذه المليشيا عن مواقفهم بتخليهم عن أوهام تفكيك الدولة وإعتذارهم للشعب السوداني وقبول المثول أمام القانون الوطني، ولكن هنالك إشارات مؤكدة بأن الحكومة منفتحة علي الحوار من أجل تحقيق سلام يحفظ كرامة الشعب و وحدة البلاد ولا يمس سيادتها بسوء.

6. كيف تفسر ردود الفعل الدولية على الوضع في السودان، وما هي تأثيراتها المحتملة؟

إنتابني شعور بالأسف حيال حالة التحامل التي استشعرها عند سماع خُطب مناديب بعض الدول أمام منصات الهيئات الدولية؛ فهم يتحدثون فيها عن القضايا الإنسانية والأمنية في السودان بما يخدم مطامعهم وأوهام المليشيا المتمردة وليس ما يصلح حال بلادنا أو ما يحفظ كرامة شعبنا، ولدينا أصواتنا التي ينبغي عليهم سماعها، وكان الإستعلاء ونكران الحقائق ومحاولة إلباس الأباطيل ثياب غير ثيابها كان سببًا رئيسيًا في المواجهات بين تلك الهيئات والحكومة السودانية، وأتفهم طبيعة المنابر القائمة من خلال النظر للصورة الذهنية التي رسمتها ورسختها المشاهد والأحداث والتجارب من تاريخ الأمم التي نُسِفت آمالها بحروب مفتعلة ولم تنصفها الهيئات الدولية، ولدينا في السودان تجارب طويلة خاصة في جنوب السودان ودارفور والنيل الأزرق وجنوب كردفان، ولكن ينبغي أن نبحث جميعًا عن عالم إنساني وتعاوني لا يحتكر آليات القوة لقطب محددة ويمنحه مشروعية إستخدامها ضد الضعفاء كيفما شاء؛ بل نحتاج اليوم إلي رسم عالم جديد منصف ومتعدد الأقطاب ومتساوي في ميزان الحقوق والواجبات كيما تنعم فيه الشعوب بالسلام والإستقرار.

7. ما هي الحلول المقترحة لمعالجة الأزمات الاقتصادية والاجتماعية الحالية؟

لقد تضرر الإقتصاد السوداني بشكل كبير لا يمكن وصفه، وأعتقد أننا في حاجة لوصفة إقتصادية عملية وممرحلة تحافظ علي ما تبقى من واقع الإقتصاد عبر حماية مواقع الإنتاج لا سيما مجالات الزراعة والصناعة والتجارة والتعدين مع التخطيط لإستخدام عوائد إقتصادنا المحدود في توفير بعض الخدمات الأساسية مثّل ”الغذاء والدواء“، ويجب أن تعمل الحكومة علي تنظيم مؤتمر إقتصادي يشارك فيه الخبراء الإقتصاديون لوضع خطة النهضة والتنمية الشاملة بعد الحرب، وأيّ نهوض إقتصادي يرتبط بوجود مساحة إستقرار وسلام بما يسمح بنشاط للإنسان، ولذلك علينا وضع إستراتيجيات جديدة للمصالحات الإجتماعية ببناء دولة المواطنة المتساوية وإحكام سن وتنفيذ القانون عبر آليات قضائية مستقلة، وأيّ وسائل آخرى تستخدم لتعضيد التعافي من العنصرية والكراهية وتعزيز مفاهيم العيش السلمي المشترك بغية إستشراف المستقبل.

8. كيف ترى دور الشباب والناشطين في تغيير المشهد السياسي في السودان؟

هناك جيل جديد مستنير صاعد علي سلم القيادة بقوة في السودان، وهو الجيل الذي خاض ثورات التغيير والتحرر الوطني، ومن يقفون اليوم علي الخطوط الأمامية للدفاع عن بلادهم هم فرسان شجعان من أبناء جيلنا المنصور الذين يقدمون أرواحهم الغالية في سبيل إحياء روح الوطن، وهم شباب في ريعان شبابهم، ويناضلون من أجل تشكيل لوحة المستقبل، وينبغي أن يأخذ الشباب مكانتهم الطبيعية علي كابينة قيادة الدولة والعمل السياسي، ونحن آتون من مدرسة سياسية وفكرية أسسها وقادها د.جون قرنق ورفاقه الشباب منذ العام 1983م وما زالت تقدم الشباب في صفوفها القيادية، وكان ميلادها سراجًا منيرًا من مشروع السودان الجديد الذي إنتشرت خيوطه اللامعة في الأدبيات السياسية ومحافل الأدباء والمثقفيين الذين ظلوا في حوار سياسي وثقافي مستمر في توجهات مختلفة تتحدث كلها عن البناء الوطني الديمقراطي، وحتى إن لم يتشكل السودان كما كنا نحلم ونأمل فإن حضور تلك الأفكار في خلايا الأذهان والألسن والمنابر الآن يعتبر مؤشر جيد نحو معمودية رؤية زاهية يبثها الشباب ويقودون عبرها التغيير.

9. ما هي الرسالة التي تود توجيهها لصناع القرار في السودان في الوقت الراهن؟

أقوَّل لصُناع القرار في الحكومة السودانية أنتم تعملون في ظروف معقدة وتعلمون أننا نقف أمام مرحلة تاريخية خطيرة جدًا، ويجب أن نبذل ما بوسعنا وما فوق طاقتنا للدفاع عن أرضنا ومستقبل شعبنا وثرواتنا الوطنية، وهذه المسؤوليات لا تتحملها الحكومة وحدها إنما علي أعناقنا وأفئدتنا وضعت أثقالها شرفًا نعتز بحمله، وعندما قررنا الذهاب معًا علي هذا الطريق كان حلمنا وأملنا بناء دولة المواطنة المتساوية والسلام الشامل والتنمية العادلة، لن نتوقف وسنواصل المسيرة حتى نبلغ أهدافنا المنشودة.

10. كيف يمكن للمجتمع الدولي دعم السودان في الفترة المقبلة لضمان الاستقرار والتنمية؟

هنالك دور حقيقي للمجتمع الدولي في وضع الحلول اللازمة للأزمة السودانية المستفحلة رغم ما نشاهده من إنقسام في العالم بين فريقان متناقضان ومتباعدان في المواقف والروئ وهما ”أعداء“ يمولون الحرب ضد بلادنا وشعبنا ويتوقعون السطو علي مواردنا و”أصدقاء“ يعرفون مضار الحرب وقسوة النزوح واللجؤ وقبح سياسة الإفقار ويبحثون معنا الآن عن أنجع وسائل لإحلال الأمن والسلام وإحياء شراين البلد عبر العمل والإنتاج وبناء الشراكات الذكية، ونحن نعوّل علي جهود أصدقاء السودان في إستعادة الإستقرار وتعميير ما دمرته الحرب وبناء شراكات إقتصادية حرة تهدف إلي تبادل المصالح، وأعتقد أن الآن شعبنا الصامد والعفيف والصابر في حاجة إلي الإعانة الإنسانية، وإن كان للعالم رؤية لتقديم المساعدة فعليه حث المنظمات علي الإغاثة والوقوف مع الحق والحقيقة خاصة في إجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة التي ستنعقد خلال بضعت أيام مقبلة، ونحن في إنتظار تلك اللحظات كي نرى ما في جعبتهم بشأن إعادة الثقة وبث الأمل من خلال الخُطب المتوقعة لمناديب الدول المشاركة في هذا الحدث العالمي.

africa inside

Loading

شارك على
أكتب تعليقك هنا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.