آخر الأخبار
The news is by your side.

خيل الرحيل ذكرى رحيل عفاف

خيل الرحيل.. بقلم المعز عبد المتعال سر الختم

كثيرًا ما تعتريني الذكريات والأشجان، اتذكّر إنسانًا جميلًا رحل عن هذه الحياة، واختار عنوة ركوب خيل الرحيل.
اليوم رحلت عفاف الصادق حمد النيل، شعرت بحاجتي للبكاء على صدر الوطن، حاجتي أكثر لعناق الوطن والبكاء بين يديه، فحزني عليها يليق بهذا البُكاء.
فجيعة أن ترحل عفاف، وفجيعة أن نقاوم بكاء من نُحب، وفجيعة أن يموت المبدع بعيدًا عن عيوننا وعن دفء الوطن.
أعلم أنني لا أجيد ممارسة الحزن، تخذلني دموعي أحيانًا، وتفضحني أحيانًا، وتتمرّد أكثر حين سماع هتاف الموت.
طاف بي سيل الذكريات، تذكّرت عفاف، رأيتها مرّة واحدة في حياتي، كان ذاك في إستاد الحصاحيصا، وكان تأبين مصطفى سيد أحمد، ومصطفى نفسه رأيته مرّة واحدة، لكأنّني مُنحت فرصة واحدة للقاء المُدهشين، هو حظي العاثر يبتسم مرّة واحدة ويترك بعدها الحزن ينهش عظام الألم.
ماجمعني بعفاف كان حزننا المشترك لرحيل مصطفى سيد أحمد، كانت مرثيتها فيه كأروع ما تكون، كانت تبكيه بقصيدة من سحابة الدموع، وكنت أبكيه بدمٍ على حافة الشهيق، رأيتها تتلو الشعر برواية المُحبين، عاشقة في محراب الجمال، زهرة في صحراء الأسى، شُعاعًا يُحاصر ظلام الكون وينتشر، كانت تتلو الأبيات بهيبة نادرة، جسورة كفارس في معركة الحق، تُقاتل الوجوم والزيف وتنتصر، فارسة تقاوم البكاء بالنحيب، تقايض الدموع بالمطر، تزفّ مصطفى شهيدًا خلفه ألف شهيد.
خرجت عفاف كالعبير من حقول هذا الوطن، ثم مضت نحو شوارع الوفاء، كانت بوصلة الحب، تتهادى في أزقّة الجمال حُلمًا وبشرى، نسجنا معها عالمًا يشبه صدق وجودها ويشبه حُزن الوطن.
أن يرحل مبدع هو خسارة كبرى، وأن ترحل عفاف هو الحزن يُرفّرف في سماء بلادي، برحيلها اليوم فقد السودان لحنًا خرافيّ النشيد، قمرًا ساحر الضياء، فقدنا نجم سعد، بريقًا يُومض بالحق، يُشعل العالم ضياءً وألق.
وداعًا عفاف، وداعًا يا رقيقة، وداعًا يشبه سحر وجودك ويشبه ألم الرحيل.

المعز عبدالمتعال سر الختم
نيو بريتن، كونيتيكت
الولايات المتُحدة الأمريكية

Loading

شارك على
أكتب تعليقك هنا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.