آخر الأخبار
The news is by your side.

حَمَّور زيادة: أحب أن أحكي حكاية ممتعة

حَمَّور زيادة: أحب أن أحكي حكاية ممتعة

حوار: فاتنة الغرة

“سأحيا، لأن ثمة أناساً قليلين أحب أن أبقى معهم أطول وقت ممكن، ولأن عليّ واجبات يجب أن أؤديها، ولا يعنيني إن كان للحياة معنى، أو لم يمكن، وإذا كنت لا أستطيع أن أغفر سأحاول أن أنسى”.

هذه إحدى مقولات الروائي، الطيب صالح، الذي كان لوجوده الفضل في فتح الأعين على أدب منطقة مليئة بالسحر والثقافة الشعبية والأساطير التي لا يعرف كثيرون في العالم العربي عنها شيئاً، وهي السودان.

وبحكم أن الواقع المعاصر أفرز لنا أصواتاً جديدة منحتنا هذا المنظار السحري الذي مكننا من قراءة أدب السودان، فموعدنا اليوم مع أحد الروائيين السودانيين الذي ظهر اسمهم، وبقوة، في المشهد العربي، وهو الكاتب، حمور زيادة، الذي أصدر عددًا من الروايات كان أبرزها “شوق الدرويش” عن دار العين 2014، وحصل عنها على جائزة نجيب محفوظ في عام 2014، ووصلت إلى القائمة القصيرة لجائزة البوكر في عام 2015.

(*) تبدو السودان في الأدب العربي بعيدة عن مركزية المشهد الأدبي، حتى كأنها عالم موازٍ يمكننا الدخول إليه عبر باب سحري، مثل أليس في بلاد العجائب. هل يعرف القارئ العربي الأدب السوداني مثلما يعرف آدابًا عربية أخرى؟
في ظني أن القارئ العربي بعيد إلى حد ما عن الأدب السوداني، ولا يعرف عنه إلا القليل الذي يتسرب إليه. وهذا أمر مؤسف. فهنالك أسماء وأعمال عديدة ربما فات القارئ العربي التمتع بها، بسبب هذا البعد عن المركزية.

(*) عندما نتحدث نحن غير السودانيين عن هذا الشعب، دائماً ما يعقب كلامنا صفة أنه شعب مثقف جداً. في رأيك، لماذا لم يقدم السودان، وشعبه المثقف، أسماء مهمة وفاعلة في الحقل الثقافي العربي، باستثناء أسماء مهمة وأيقونية، مثل الطيب صالح؟
أفرز السودان عددًا كبيراً من المثقفين والفاعلين، الطيب صالح هو أحد هذه الأسماء، وليس
الوحيد. لدينا علي المك، وصلاح أحمد إبراهيم، وبشرى الفاضل، وأمير تاج السر، وعبدالعزيز بركة ساكن، ومنصور الصويم، وأسماء مهمة أخرى في الأدب العربي.
ربما البعد عن المركزية، الذي ذكر سابقاً، يوحي بفكرة أن الثقافة السودانية لم تفرز كثيراً من الفاعلين الأدبيين. هذه فكرة خاطئة في تقديري. لعلها فكرة انطباعية أكثر منها حقيقة.

(*) هل تعتقد أن مركزية البلد، وتاريخها الثقافي والمؤسساتي، يخدم، أو يظلم، مبدعيه، من ناحية الانتشار والمقروئية في العالم العربي؟
بالتأكيد، فلقوة المؤسسات الثقافية المحلية دور مهم في انتشار ومقروئية الكتاب. نحن في السودان، مع الأسف، نتحرك من دون هذه المظلة. لا توجد لدينا صناعة نشر، ولا مؤسسات ثقافية قوية تساعد المبدعين السودانيين على تقديم أنفسهم. لذلك فإن مجهودات المبدع السوداني هي مجهودات شخصية بحتة، ومن دون عون مؤسسي.

(*) من الملاحظ أن الأدب السوداني أفرز روائيين مهمين، على قلة أسمائهم، في المشهد العربي، لكن حظ الشعراء كان محدوداً في هذا الإنتشار. هل تعتقد بوجود أسباب جوهرية لتقدم الرواية السودانية على الشعر؟

في تقديري أن العكس أقرب للصحة. فالمزاج السوداني هو مزاج شعري في المقام الأول. والسودانيون مطبوعون على محبة الشعر وقرضه. والشاعر محمد مفتاح الفيتوري نموذج للقوة الشعرية السودانية وحضورها في الثقافة العربية.

(*) هل تعتقد أن إقامتك في مصر، وفوزك بجائزة نجيب محفوظ، كان له الأثر الأكبر في انتشار رواياتك لدى القارئ العربي؟
نعم، أعتقد أن وجودي في الوسط الثقافي المصري، وفوزي بجائزة نجيب محفوظ للأدب، وبعدها وصول روايتي شوق الدرويش إلى القائمة القصيرة للجائزة العالمية للرواية العربية (بوكر) كان لهم أكبر الأثر في انتشار أعمالي وتقديمي للقارئ العربي.

(*) من يقرأ أعمالك، أو حتى عملاً واحداً، يدرك أنه أمام شخص موسوعي الثقافة والمعرفة. وهذا ظهر جلياً في شوق الدرويش، التي إعتمدت فيها على تاريخ السودان الذي لا نعرف منه إلآ شذرات؛ وعلى الثراء الإنساني العالي في شخصيات رواياتك، إضافة إلى نهلك من التراث والأساطير. كيف بنيت كل هذه المرجعيات، وما الذي يسحرك أولاً منها؟
أنا أحب التاريخ جداً. التاريخ هو حكايات تنتظر من يصيغها أدبياً. أما ما قدمته في شوق الدرويش، فهو جزء من تاريخ وثقافة أمتي. ليس عملاً خارقاً أن أعرف تاريخ قومي، بل هو أبجدية الثقافة أن تلم بتراثك المحلي.

(*) ساهم تكريس اسم حمور زيادة في الأدب العربي بتسليط الضوء على الأدب السوداني، وسهولة إستقبال أنواع مختلفة من الأدب من هذه المنطقة الأشبه بالأسطورة. هل تعتقد أنك قد تفتح أبواباً للعديد من الأقلام المهمة في المشهد الأدبي في السودان، وربما في الدول المجاورة، مثل إرتريا ، التي نكاد لا نراها؟

لا أدري. تبدو هذه مسؤولية كبيرة لا أحب تحملها. أنا أكتب لأني أحب أن أحكي حكايات. أما أن أكون فاتح أبواب لأقلام من دول الهامش العربي، فهذا أمر لا يشغلني. أحب أن أحكي حكاية ممتعة. هذا هو المهم.

(*) بصراحة، هل يشعر الأديب السوداني بالغبن من تكريس أسماء من دول بعينها لتتصدر المشهد العربي على حساب دول أخرى؟
لا يمكنني الحديث باسم الأدباء السودانيين، لكن عن نفسي لا أشعر بهذا الغبن. ولا أظن أن لوجوده معنى. إنها ليست منافسات قومية ليغضب كاتب أن هناك دولاً لها أدباء يتصدرون المشهد الثقافي. نحن نكدح في ساحة الجمال لتقديم فن، لا نتنافس قومياً.

(*) تم تحويل قصتك “النوم عند قدمي الجبل” إلى فيلم روائي طويل بعنوان “سنموت في العشرين”، الذي حصد العديد من الجوائز، والاتهامات، من قبل المجتمع السوداني الرافض لمحتوى الفيلم. كيف أثر نجاح هذا الفيلم على مشروعك الروائي؟ وهل تعتقد أن السينما قد تقدم إجابات ربما لا تقدمها رواياتك، أو قصصك؟
الفن عموماً يطرح أسئلة/ لكنه لا يقدم إجابات. فالأفلام والروايات لا تستطيع تقديم إجابات، وليس هذا دورها. السينما فن مواز للأدب، ولذلك لا أعتقد أن فيلم “ستموت في العشرين” هو خصم من أعمالي الأدبية، أو إضافة إليها. هو مشروع فني مستقل لمخرجه أمجد أبو العلا، وأنا سعيد لنجاحاته. لا أظن أن المجتمع السوداني رفض محتوى الفيلم، إنما هناك من لم يعجبهم الفيلم، أو أخذوا منه موقفاً حاداً، لكن هذه مسألة لا تشغلني. التطرف في تلقي الفنون ليس أمراً يستحق التعليق عليه.

(*) كروائي، لديك مشروعك الخاص واضح المعالم، بدءًا من المواضيع التي تختارها من قلب الثقافة السودانية، مرورًا باللغة التي لفتت إنتباه كل من قرأ لك، وصولاً إلى الرسالة التي تحملها. كيف تبني هذه العوالم الروائية، وهل تخرج بعض شخصيات رواية ما لديك إلى أخرى بصفة، أو اسم مختلف؟
يقال إن لكل روائي حكاية واحدة يعيد حكايتها كل مرة بشكل مختلف. ربما كانت لدي هذه الشخصيات التي تخرج كل مرة بصفة مختلفة، وإسم مختلف. لا أدري.

حمور زيادة: كاتب وصحافي سوداني ولد في الخرطوم عام 1977. عمل في العمل الطوعي،
ومؤسسات المجتمع المدني.
عمل في صحف سودانية، منها “المستقلة”، و”أجراس الحرية”، و”الجريدة”. ترأس القسم الثقافي لصحيفة “الأخبار” السودانية. صدر له:
“سيرة أمدرمانية” (مجموعة قصصية، 2008)، و”الكونج” (رواية، 2010)
و”النوم عند قدمي الجبل” (مجموعة قصصية، 2014)، التي تحولت إلى فيلم سينمائي بعنوان “سأموت في العشرين”، و”الغرق: حكايات القهر والونس.

ضفة ثالثة

Loading

شارك على
أكتب تعليقك هنا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.