آخر الأخبار
The news is by your side.

تحبير … بقلم: دكتور/ خالد أحمد الحاج .. مع كامل التراب السوداني

تحبير … بقلم: دكتور/ خالد أحمد الحاج .. مع كامل التراب السوداني

في الوقت الذي كنا نتوقع فيه أن تظهر حكمة قادة الاتحاد الأفريقي وقدرتهم على تقريب المسافة ما بين الخرطوم وأديس أبابا بإبعاد الزيت عن النار حول منطقة الفشقة التي يحتشد حولها جيشا السودان وأثيوبيا منذ فترة، فإذا بالاتحاد الأفريقي يصدر تصريحا غريبا في توقيت غير مناسب حول أيلولة مثلث حلايب شلاتين لمصر دون أن يرجع لصاحب الحق السودان، ليفتح بذلك جبهة صراع جديدة، تسعر نار الفرقة والشتات بالمنطقة.قد يقود هذا التصريح إن ثبتت صحته لما لا تحمد عاقبته.

فبث رسالة مفادها أن حلايب وشلاتين مصريتان في هذا التوقيت المفصلي لحكومة انتقالية تكابد لتوحيد الجبهة الداخلية، والانطلاق للعالمية بعد أن تخلصت البلاد من تركة ثقيلة ألا وهي قائمة الدول الراعية للإرهاب وذلك بمثابة طعنة نجلاء.

مع العلم بأن السودان ظل يتعامل مع هذا الملف بالتهدئة والسياسة المرنة، لاعتبارات عديدة لا تغيب عن فطنة الجميع، بيد أنه لن يفرط في حدوده، ولا في أي شبر من أرضه، ولو فتحت عليه ألف جبهة.

ليس من حق الاتحاد الأفريقي الإفتاء في قضية وصلت إلى الأمم المتحدة، وتنتظر التحكيم الدولي.

فبدلا من التزامه الحياد انحاز لطرف على حساب الطرف الآخر، وفي ذلك ما فيه من الرسائل السالبة التي سترد عليها الخرطوم في الوقت المناسب، وبالطريقة المناسبة.
حقيقة سودانية حلايب وشلاتين التي قالت بها الحكومات السودانية المتعاقبة منذ فجر الاستقلال لا تزحزح عنها، وهي واحدة من ثوابتنا.

إن كان ذلك كذلك فإن الحكومة السودانية ستعمد لكل السبل الرسمية الكفيلة بتثبيت حقنا في حلايب وشلاتين.

نتوقع من الحكومة الانتقالية أن تتحرك بصورة فورية وعلى كافة الأصعدة لتضع حدا لمثل هذه التصريحات الجوفاء.

ما كنا نتوقع أن تصدر عن جهة يلجأ لها الأفارقة لتسوية الأزمات لا لافتعالها.
إن جمد السودان نشاطه بالاتحاد الأفريقي، أو قاطع جلساته القادمة بعد تأكده من أن ما تناقلته وسائل الإعلام حول انحياز الاتحاد لمصر بخصوص المثلث محل الصراع إن فعل ذلك فإنه بذلك يكون قد بعث بأكثر من رسالة في أكثر من بريد.

إن توهمت أي قوى أن قرارا كالذي تناهى إلى مسامعنا حول أيلولة حلايب وشلاتين لمصر سيفت عضدنا، ويضعضع ثقتنا، فذلك محض توهم، والأيام كفيلة بإثبات ما قلنا به.

مساندة الشعب للحكومة الانتقالية حول الفشقة لصد التصعيد الأثيوبي كشف عن أهم مرتكز تجسد في تلاحم الشعب وتضامنه مع جيشه الذي عوده ألا يخزله عندما تلهم الخطوب.

حلايب وشلاتين سودانيتان.. ذلك أمر مفروق منه، إن ظنت أثيوبيا أن صدور قرار كهذا في مثل هذا التوقيت سيربك الحكومة ويلخبط حساباتها فإنها مخطئة، فالخرطوم ترتب ﻷي أمر، باعتبار أن ملف الفشقة قائم بذاته، وملف حلايب وشلاتين هو الآخر قائم بذاته.

صب الزيت على النار وراءه قوى لا تريد للصراع الأفريقي أن يهدأ، بقدر ما تريد لنار الفتنة أن تستعر بفتح عدة جبهات على دول معينة بالقارة السمراء لتتزرع بالتدخل لحل الأزمات، لكنها تنشد الهيمنة على دول مستقلة، وتعرف ما تريد بعيدا عن الوصاية، وما كان على شاكلتها.

التحكيم الدولي في مثل هذه القضايا هو الفيصل، من ناحية الخرطوم فإنها على استعداد لإجراء التحكيم حول مثلث حلايب اليوم قبل الغد. لتوضع اﻷمور في نصابها على الحكومة الانتقالية تحمل مسؤولياتها كاملة بهذا الخصوص، بتحريك ملف حلايب شلاتين فورا بالأمم المتحدة.

الجوار والأخوة والأواصر والعرى شيء، والحق شيء آخر، وقديما قيل: (ما ضاع حق وراءه مطالب).

من التعقل ألا تنفتح جبهة صراع جديدة بأفريقيا في هذا التوقيت الحرج، على اعتبار أن هنالك جيوب إرهابية تنتظر هذه السانحة لتفتح النار على استقرار القارة المجابهة ببوكو حرام وداعش والقاعدة بجانب الاتجار بالبشر الذي أرق الغرب وأوروبا على وجه الخصوص وقلب عليها ظهر المجن فكيف إن اختلط الحابل بالنابل في بؤرة جديدة.

لماذا غابت الحكمة عن الاتحاد الأفريقي الذي يفترض به لملمة الأزمات لا إشعالها؟
نتوقع من الخارجية السودانية أن تفعل آلياتها لترد عن بلادنا أي مقوض لوحدة ترابنا أيا كانت أشكال ومرامي ما يأمل فيه أعداؤنا، وعاش السودان حرا أبيا لا تلين له قناة، ولا ينكسر أمام النوازل مهما تعاظمت.

Loading

شارك على
أكتب تعليقك هنا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.