تحبير … بقلم: دكتور/ خالد أحمد الحاج .. حول سد النهضة
تحبير … بقلم: دكتور/ خالد أحمد الحاج .. حول سد النهضة
من الواضح أن إثيوبيا ستمضي في ملأ سد النهضة ثانية رضي بذلك السودان ومصر أم رفضا. ولا تأبه لأي مترتبات، بدليل أن النظام الإثيوبي ألمح إلى أن اتفاق 1902م وقع في العهد الاستعماري ، مع أن ملكهم منليك وقع عليه.
واتفاق 1959م رأوا أنه غير ملزم لهم، فلتسمه الأطراف الأخرى تنصلا، ونسيت أو تناست إثيوبيا أن إقليم بني شنقول الذي تقيم عليه السد كان تابعا للسودان، وبموجب اتفاق 1902م صار رهنا لهم، فكيف يستقيم الأمر؟
من حق السودان أن يطالب باستعادة إقليم بني شنقول الذي أخذ منه دون أن تكون له في ذلك سيادة على ترابه، ما دام أن أثيوبيا ترى في ذلك الاتفاق إجحاف بحقها، وأن قسمة مياه النيل كانت بموجبه ضيظى.
لم نر إلى الآن أي خطوة للتوليد الكهربائي الذي لأجله أنشئ السد؟ المهم عند الإثيوبيين الآن حجز مياه النيل، أما انحساره في السودان ومصر فهذه مسائل لا يعيرها النظام الإثيوبي أي اهتمام.
الوقت يمضي بسرعة، ولا أعتقد أن دولتي المصب ستقبلان بسياسة الأمر الواقع، فالأثر السلبي لقيام السد لا زال قائما، ولا أرى أن أي تدخلات دولية بالوقت الحالي ستثني إثيوبيا عن ما تعتزمه، وترى أن أي رؤية مخالفة لما تنشده لا تخدم مصالحها، ولا تحقق تطلعات شعبها، بالرغم من أن لمجرى النيل شركاء من حقهم أن يتقاسموا مياهه ، والاتفاقيات المائية الدولية كانت قد وضعت حدا للمنازعات المتوقعة بهذا الخصوص.
في حال وصلت الأطراف إلى طريق مسدود، من واقع ما يجري الآن تأكد أن ضرراً بالغا سيقع على السودان ومصر في حصتيهما، ما سيؤثر على مشروعات التنمية التي تعتمد على المياه، فكيف ستكون ردة الفعل؟ منطقة حوض النيل هشة، والأوضاع التي تمر بها دوله لا تجعلنا متيقنين بأنها ستصمد حال وقعت أي هزة بها.
ولا إثيوبيا التي تعتزم إكمال مشروع السد قومياتها على قلب رجل واحد، بدليل أن الصراع الإثيوبي الإثيوبي الأخير قد كشف عن ثغرات عديدة، وحالة البلبلة والتململ الداخلي، وهذه ملاحظات لابد من الانتباه لها.
قيام السد سيغير معالم كثيرة على امتداد نهر النيل، والتوترات التي تلاحظونها في علاقات الدول الثلاث مع قرب اكتمال السد ستصل إلى حد من القطيعة لم تصله قبل الآن.
بالمقدور أن تسوى المسائل الخلافية، وأن يوضع جد للتصعيد قبل أن تستفحل الأمور.
إن كان ذلك بتحرك الوسيط الأمريكي، أو بتفاعل أكثر من قبل الأمم المتحدة، المهم أن تجد القضية الاهتمام الدولي الذي تستحق.
إن ظنت إثيوبيا أنها شغلت السودان بمناوشات الفشقة عن ما ترتب له بخصوص السد، فتلك (حيلة) مكشوفة لن تنطلي على السودان، برأي أن هذه السانحة لن تتكرر للحكومة الانتقالية لتوحيد الجبهة الداخلية، وكسب الشارع لصفها في ظل إخفاقات عديدة في معاش المواطن، وضبابية في المشهد السياسي، إن أحسنت التعامل مع قضية السد، فإنها تضرب أكثر من عصفور بحجر.
وما يمنع تعاون السودان ومصر بغرض الضغط على الطرف الثالث وإثنائه عن الإنفراد بالقرار.
إن كانت إثيوبيا متحسبة لكافة السيناريوهات المتوقعة، من يضمن للمنطقة ألا تعصف بأمنها أية مترتبات أخرى.
فمصر اعتمادها الكلي على مياه النيل، وجل مناطقها المأهولة بالسكان بمحاذاة النيل، في حال انحسر النيل، وتكبدت حسائر فادحة في مياه الشرب، ومياه الري والطاقة الكهربائية، والطاقات البديلة في ظل كثافة سكانية تمثل أكبر تحدي للنظام المصري، ورأى عام موحد تجاه مياه النيل، فمن يضمن ألا يحدث ما لا تحمد عقباه؟
وكذا الحال بالنسبة للسودان، إن توقف قطار التنمية، وانهار مشروع الربط الكهربائي نتيجة لما سيتم ببني شقول، فهل سيقف مكتوف الأيدي؟ إنها أسئلة ملحة لا تحتاج إلى تسويف أو مماطلة، فهل من إجابات؟