تحالف الأقلام الإنتهازية والحركات الجهوية الإنفصالية
تحالف الأقلام الإنتهازية والحركات الجهوية الإنفصالية
بقلم: سعد محمد عبدالله
قرأتُ ما كتبه ياسر محمد محمود تحت عموده الراتب “شوكة حوت”، وهو عمود إعتاد كاتبه تسويق الأوهام السياسية، وها هو يترجم الآن “تحالف قلم إنتهازي وحركة جهوية وإنفصالية”، وقد صاغ في مقدمة وخاتمة مقاله تصورًا مجافيًا للواقع السوداني ومتجاوزًا للمنطق في توجه خطير نحو تفكيك المجتمع وتجزئة الجغرافيا وضرب آمال الوحدة الوطنية؛ حيث تحدث “بلا مبالاة” عن تكوين ما أطلق عليه ”حرك الجنوب الجديد“ بقيادة عمر الطيب أبروف المتواجد في جنوب السودان، وكانت هذه الخطوة محاولة في إتجاه إعادة إنتاج الخطاب السياسي الإنكفائي والإنفصالي الذي يسعى دعاته إلي وضع تصنيف خاطئ لقضايا الحقوق التنموية علي أساس الجهة الجغرافية وتحفيز النزعة الإنفصالية للمجتمعات؛ فاذا نظرنا مليًا في التصور المطروح وآليات تنفيذه سنخلص إلي أن النخبة الإنتهازية تضرم نار الفتنة للتكسب السياسي، ولكن الحقيقة أن قضايا الحقوق السياسية والمدنية والعدالة التنموية لا تؤخذ بخطاب الإنكفاء علي الجغرافيا أو الإثنية بل من خلال الإنفتاح الجغرافي وأنسنة النضال والمطالب المدنية وحلحلة القضايا بحوار سياسي شامل ومفتوح وخطط تضع الوحدة علي أساس التنوع في مقدمة أولوياتها، وينبغي أن يتذكر عمر أبروف هذه الأدبيات والأفكار الموجودة في منفستو الحركة الشعبية التي قضى فيها بعض سنوات عمره قبل أن يغادرها وهو يجر جريرته التي لا تنسى، ونحن ندخل في عهد جديد يتطلب التعاون السياسي والإجتماعي من أجل هزيمة المستعمرين والمتمردين وبناء السودان الجديد الموحد، والذي يسوده السلام والتصافي والمواطنة دون فرز أو تمييز.
لقد ذكر ياسر محمد محمود معلومات كاذبة ومضللة في المقال المُشَّار إليه، وهنا نقتبس منه قولهِ علي سبيل المثال “أغلب الظن أن عمر الطيب أبوروف إتخذ هذا القرار عقب إجتماعه بنائب رئيس المجلس السيادى مالك عقار إير فى نهاية العام ٢٠٢٣م والذى هاجمه فيه مالك عقار بأنهم مجموعة متمردة على الدولة وذلك لصلة القرابة بينه وبين القائد المليشى البيشى”، وهذا الإجتماع الذي ذكره لا أساس له البتة إلا في أحاديث الأوهام والضلالات التي ساقها كذبًا للرأي العام، ولم تكن المرة الأولى، وليس من المنطق ولا من أدبيات رؤية السودان الجديد والحركة الشعبية التي يعرفها الجميع كما يعرفون القائد مالك عقار أن يكون النقد لتوجهات الآخر من منظور إثني ومناطقي كما يسوقون، ولو سألنا الذين تنكروا لرؤية وآداب التنظيم عن من أين أتوا بتوجهاتهم الجديد أو وإثبات إتهامهم بدليل فلن يأتوا بجواب أبدًا؛ ذلك لأنهم كاذبون، وبلا منطق يحولون القضية إلي مغالطة للدعاية الإعلامية في وقت لا يحتمل الإنزلاق إلي هذا المستنقع، ولكن نؤكد للجميع عدم تصريح القائد مالك عقار بمثّل هذا الحديث “المردود إلي من أطلقوه” في أيّ محفل سياسي أو وسيلة من وسائل الإعلام، وهذه كذبة مفضوحة يريدون من خلالها التكسب السياسي والإعلامي ولفت الإنتباه لحركة عرجاء وأطروحة بالية لا تقف علي حقيقة واقعية إلا في مخيلاتهم الزابلة وأضابير الأسافير التي ملئها أصحاب الحلاقيم الكبيرة بضجيج أصواتهم الإنفصالية والعنصرية التي لن يستجيب لها الشعب السوداني.
يمثّل الطرح الذي تبناه ”حراك الجنوب الجديد“ إفلاسًا سياسيًا وإنتهازية سافرة لا مراعاة فيها لحساسية المرحلة التي تمر بها بلادنا، ونترفع عن الأطروحات الغير مسؤولة لأننا نرى هذا الأمر يُغذي الخطاب الإنفصالي والعنصري الذي يهدد إستقرار مناطق كثيرة في سنار والنيل الأزرق وغيرها من المناطق في ظِل ما نشاهده من إضطرابات أمنية قائمة في كل السودان، وإذا توقفنا قليلاً عند ما ذكره ياسر محمد عن العلاقة التي تجمع بين ”حراك الجنوب الجديد وحركة عبدالعزيز الحلو ومجموعة نيروبي“ سوف نخلص إلي حقيقة واحدة واضحة وهي وجود مؤامرة خلفها خلايا وليدة الإنتهازية وذات توجه هدام وتعمل تحت لافتات متعددة تم إنشائها بغرض تهيئة مناخ الإنشطار أو الإنقسام السودانوي، ويجب أن نقف مع أنفسنا لحظة لقراءة المشهد السياسي وتأمل القضايا المطروحة وفحص الواجهات والآليات المستخدمة للتعبيير عنها مع مقارنة كل ذلك بنتائج التجارب التاريخية السابقة، ويجب علينا أن لا نتألم الآن من تجاربنا الماضية دون أن نتعلم منها ما يمنع تكرارها مستقبلاً؛ ولنعرف جميعًا أن الوقت حان لأخذ موضوع الوحدة بجدية وفتح حوارات سياسية وإعلامية في مواجهة التوجه الإنفصالي والإنتهازي حتى لا يتكرر ما سبق.