آخر الأخبار
The news is by your side.

الفشقة بعد التحرير الخيارات، والمسارات … بقلم: الفاتح داؤد

الفشقة بعد التحرير الخيارات،والمسارات … بقلم: الفاتح داؤد

بعد معارك طاحنة ومواجهات دامية لازالت تدور رحاها ،استطاعت القوات المسلحة السودانية من بسط سيطرتها الكاملة ،على معظم أراضي الشريط الحدودي المحتل من قبل المليشيات الاثبوبية، عدا جيوب صغيرة في تخوم الفشقة الكبري.

ولعل من أعظم دروس ملحمة تحرير الفشقة،انها قد اعادت توحيد وجدان السودانيين حول قضية مركزية،وعززت بينهم اللحمة الوطنية، واعادت التأكيد على التلاحم بين الجيش وقطاعات الشعب المختلفة، التي رسمت لوحة وطنية رائعة، تجلت ابهي صورها في التنافس بين قطاعات الشعب الفئوية والجهوية ، في تجريد قوافل الدعم والاسناد للقوات المسلحة.، وهي تؤدي واجبها المقدس في الدفاع عن تراب الوطن.

وبعد ان طوي الجيش صفحة المعارك العسكرية، واسدل الستار على معركة التحرير العظيمة.
تقتضي الضرورة أن تعمل جميع مؤسسات الدولة على تامين هذا الانتصار، والمحافظة على روح المعركة،وترجمة الانجاز العظيم الى مشاريع استراتيجية وتنموية بعيدة المدى، حتي تتحول إلي واحة للامان والاستقرار ، والي قبلة جاذبة للاستثمار .

وحسنا استوعبت قيادة الجيش من منطلق حسها الامني والاستراتجي المطلوبات ، هي تنفذ عمليا في صمت ودون ضجيج إعلامي، حزمة من المشروعات الاسعافية العاجلة،لاعمار المنطقة وسد فجواتها التنموية،في محاور البنى التحتية والخدمات الاساسية،خاصة شبكة الطرق والكباري، لربط المناطق الزراعية بالطرق الرئيسية، حتي تساعد في انسياب حركة المواطنيين والبضائع والاليات،في شريط حدودي يتجاوز طوله (167)كيلو، تكاد تتقطع أوصاله بصورة كاملة ابان فصل الخريف.

حيث يتعذر على المواطنين التواصل مع العالم ،مما يضعهم في مواجهة مباشرة مع المليشيات الإثيوبية التي تتفوق عليهم عدة وعتادا، وحتي من كتبت له النجاة سوف تداهمه امراض الخريف الفتاكة مثل الملاريا والكلازار ولسعات الثعابين القاتلة، فضلا عن وفاة عشرات الامهات أثناء الولاة ، نتيجة خلو المنطقة من أي مظهر خدمي من مظاهر الدولة.

ولعل من أبرز النتائج المتوقعة لهذه الاستراتجية، هي المساهمة في اعادة ترميم العلاقة المختلة بين المواطنين والدولة في هذه البقعة من السودان ، حيث يسيطر على الناس هنا الغبن التنموي والاجتماعي الذي يحتاج الي حلول إسعافية عاجلة ، لان تحقيق قدر من الأمان و الرضي المجتمعي يعني ضمنا المساهمة في تعزيز الاستقرار، وتعميق الشعور القومي.

بل من المهم التأكيد ان مجرد استقرار هولاء المواطنين في قراهم ، بات يمثل ضرورة استراتجية ملحة لابد أن تتبناها كل أجهزة ومؤسسات الدولة ،حتي تتمكن من استعادة التوازن الاسترايجي في منطقة تعاني من اختلالات جوهرية و ديمغرافية واضحة، بالمقارنة مع الكثافة السكانية العالية في المحافظات الإثيوبية المتاخمة، التي يتجاوز سكانها حاجز (30)مليون نسمة ،مقابل عشرات الآلاف من سكان القرى السودانية الذين غادر جلهم المنطقة ، هربا من جحيم المليشيات المسلحة.

اما من اختار البقاء فقد دفع فاتورة المقاومة كاملة نيابة عن الشعب، إلا أن المفارقة تكمن في أن لا أحد يذكرهم عرضا ،حتي في هوامش لقاءات التخطيط لتوزيع غنائم مابعد الفتح ،بل لم يأتي ذكرهم حتي في معرض الوفاء لتضحياتهم الباسلة في تأمين المنطقة.

لذا من الضروري شروع الدولة في إعادة هيكلة وهندسة الشريط الحدودي ، بما يتسق مع مطلوبات الأمن القومي، من خلال وضع سياسات واضحة وترتيبات استراتجية بعيدة المدي ، تراعي الاستفادة من المساحات الشاسعة دون اكتراث الي صراخ اصوات الاقطاعيين، وابواقهم المستأجرة ،الذين ساءهم مجرد الحديث عن الدعوة لاستقطاب مجموعات سكانية جديدة من السودانيين لسد الفراغ السكاني الكبير ،و التخطيط لتجميع القري المتناثرة في مدن جاذبة تضج بالحياة والخدمات الأساسية، وبناء قري نموزجية ،تساعد في بناء استراتجية الدولة ،التي ترمي الي تشكيل حزام أمني عريض، لقطع الطريق أمام أي أطماع إثيوبية في المستقبل.

فضلا عن أن نجاح هذه الاستراتجية سوف يساهم بالطبع في تأمين خطوط إمداد واسناد بشري ولوجستي دائم للقوات المسلحة ، ولكن وضح جليا أن ثمة تيارات لمقاومة هذا التوجه بدأت في الظهور لافشال هذا الاستراتجية.
ولنا عودة

Loading

شارك على
أكتب تعليقك هنا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.