آخر الأخبار
The news is by your side.

السودان بين آمال الدولة المدنية … والدولة العسكرية!

السودان بين آمال الدولة المدنية … والدولة العسكرية!

بقلم: عثمان قسم السيد

كثير من الناس لا يعرفون الفرق بين الدولة المدنية والدولة العسكرية .وارجوك لا تقل لي انهم واحد فهذه كلام لا يقبله اى عقل الأ اذا كان منغمس في بحور الجهل .منذ عام 1958 تقريبا والسودان لا يحكمه الا قانون العسكر قانون التجرد .قانون الصم والبكم .قانون انت لا ترى شئ .قانون الخدمة العسكرية( الإلزامية) والتى لو صلت الي الموت فانت ملزم بها .قانون المشي الواحد والحركة الواحدة . قانون الطاعة المفرطة والتى هى بدون ادنى شك اعلي الدرجات من طاعة شباب الحركة الإسلامية لطاعة مجلس شورى الجماعة او قرار مؤسس الحركة بالسودان.

الدولة المدنية والتى تقوم علي عدة مبادئ.. مثل مبدأ المواطنة وهو ان الكل متساوى امام القانون لا فرق بينهم علي اى أساس مهما كان من جنس او لون او دين او لغة او عقيدة وغيره ايضا مثل مبدأ السلام الإجتماعى و مبدأ الحقوق والواجبات مبدأ (لك حق ولي حق وحقى عليك واجب وحقك عليا واجب) ولا يكون ذلك شفويا أو حتى عبارة عن كلام يتذكره الأنسان في مختلف المواقف ليعرف ما اذا له حق أم لا أم لغيره حق أم لا أيضا .

بل يكون ذلك عن طريق ما يسمي بالوثيقة الدستورية (الدستور) والتى تعتبر من مصاف القوانين الوضعية وهى درة وسيد كل قانون موجود .بمقتضي هذه الوثيقة تقسم الحقوق والواجبات الخاصة او العامة بين المواطنين لا فرق كما ذكرنا بينهم.ومبدأ عدم خلط السياسة بالدين حتى لا يدخل الدين بكل القيم والأخلاق والتعاليم الموجودة فيه في صراع السياسة الملوث احيانا بكل الحيل المشروعة او غير ذلك .ليكن الدين بينك وبين ربك دون رابط بينكم وفي مختلف دور العبادة وهذا موضوع سوف اخصص له مقال منفرد باذن الله قريبا..واخيرا وليس اخرا مبدأ الديمقراطية وهى تعنى بكل بساطة كل المبادى التى ذكرت او لم تذكر والتى تكون موجودة داخل الدولة المدنية ولا داعى للكثرة في الشرح لان الاغلبية يعلمون ذلك .

اما الدولة العسكرية والتى بدأت فى السودان من (انقلاب 1958) المعروف بانقلاب الفريق إبراهيم عبود. فمنذ هذا التاريخ الغير سار في نظر الكثير من الناس ومنهم انا شخصيا والسودان لا يحكمها الا قانون العسكر قانون الشد .قانون الصوت العالي. قانون الولاء كله الي المرتبة الاعلي منك وليس لك حق في معارضة الأوامر او حتى اراجعها الي مركز العقل والفكر لكي يتدبر بشانها امرا فكل ما تقوم به هنا هو انك تستقبل الاشارة وترسلها الي مركز التنفيذ مباشرة وتقوم فورا بالتنفيذ .

ووجود القتل والضرب هو امرا عادى بالنسبة للجنود العسكريين لان هذه ببساطة وظيفتك الأساسية التى من اجلها انت اتيت الي ذلك الموقع .في ظل الدولة العسكرية كما حدث من 58 الي الان سخر كل شئ ليكون علي أولويات المطالب العسكرية سخر المال والناس والارض والسيارات والعدد والادوات والطرق ليكون في اى لحظة جاهزا لتنفيذ مطلب العسكر وهذا ليس سلبيا كله ولكنه يكون كذلك في حالة السلم والامان اما في حالة الحرب فكل شئ مباح للعسكر كل شئ بدون مبالغة لانك تكون في حالة حرب اما ان تكون او لا تكون.

 الدولة العسكرية هى دولة عدم اعمال العقل والحجر العقلي …لذلك تجدها دولة جامدة وهذا ما وضح جاليا علي مدار 60 عاما من قانون الحكم العسكري الصامت.فكل راى مخالف ليس له اى حل الا المحاكمة العسكرية أو الإعتقال أو السجن وغيرها من وسائل البطش والترهيب والتى تجدها شاذة في ظل وجود الدولة المدنية . او ان توضع تحت مراقبة الاجهزة الامنية المختلفة ويصنع لك ملف جاهز في كل وقت ليكون سندا ضدك.

اذا نظرت الي دولة العسكر داخليا فلن تجد الا المشاعر الجوفاء ..لا وجود للحب ولا والمشاعر والاحاسيس التى هى بالطبع اساس الدولة المدنية ..لن تجد الا الاوامر العسكرية , واذا نظرت الي عين قائد او جندى فلا تنتظر ان ترى منه نظرة عطف او شفقة عليك في وقت الضيق بل انت جندى يحكمك كل شئ انت تستطيع ان تفعل ما لم تقدر عليه …اذا قلت لا لن استطيع فسوف تستطيع باى وسيلة …لن تجد حديقة جميلة تستطيع ان تجلس فيها ولا ان تمتع نظرك بنظرة الي شجرة او بحيرة صغيرة من الماء . لن تجد المبانى الشاهقة التى تجعلك فعلا تشعر بانك في القرن الواحد والعشرين .

لن تجد سوقا للخضار ولا اى شئ مما تراه في حياتك العادية …فكيف بعد كل هذا تريد ان يكون السودان 🇸🇩 دولة عسكرية يحكمها الصوت العالي وتذنيب الجندى اذا اخطا لسبب بسيط ؟ فكيف تطلب ان تتحول كافة الموارد الطبيعية الموجودة الي مجرد ميزانية للقوات المسلحة وان تكون مسخرة لها في كل حال وفي كل وقت والتى قدر لها واعنى هنا الجيوش التى سوف تختفي مستقبلا بإرادة الله سبحانه وتعالي لانها ما هى وسيلة لحفظ الامن موقتا وسوف ياتى يوما تزول كما يزول التراب من زجاج النافذة .كيف تسلب حريتى وهى ملكى انا ليس انت ..كيف ان تحكمنى بقانون جاف صامد ؟ كيف لا تتركنى امشي واذهب واتى كما اشاء انا وليس كما تشاء انت.

كيف تكون هناك دولة عصرية يحكمها القانون المرن تحركه كما تشاء ليحقق لك اهدافه ومطالبك ان تحكم بقانون العسكر الصامت الكاتم الصوت .انظر الي مختلف دول العالم فلن تجد دولة محترمة يحكمها قانون العسكر اؤكد لكم بانكم لن تجدوا الا الدول التى هى بالطبع في اخر مصاف الدول واسف هنا اذا قلت ان السودان منهم بدون شك والبركة كل البركة في الحكومات العسكرية المتعاقبة ألتي تأكل كل شئ في طريقها الأخضر واليابس .

لماذا لا يعلم قادة تلك الدول العسكرية ان الحرب دائما مهما طالت مدتها هى فترة سوف تمضي كغيرها من الفترات ويعود الحال الي ماهو عليه كدولة كاملة لها قانونها الحاكم علي الكل وتحاول ان تبني دولتك علي مبدا الحقوق والواجبات ولا تستمر في حالة الحرب الا اذا كنت واهم بذلك كما حدث مع كل حكامنا من قبل .

اما نحن هنا فمنذ 58 ونحن في حالة حرب صامتة لاتعرف اين هى يحكمنا قانون الطوارئ والذي هو اشبه بقانون الاعدامات الاجتماعية ..عندما يقتل كل ما فيك من حرية بكل معنى فيها ..من حرية حركة .حرية كلام .حرية حب ..حرية ثقافة ..حرية تنقل .حرية فكر ..حرية ايمان .حرية عمل .حرية ابداع . حرية اعلام ……بل هى حرية وضع ما تشاء لها من معنى فسون تكون مناسبة لها ..لانك ببساطة وضعتها بحرية ولابد لها ان تكون بحرية . وفي الاخر تريد منى ان اكون مواطن صالح بكل المقاييس ….انت تقتنلي وتطلب منى العيش …….يا للعجب !!!!

هى حجة ضعفية المعنى والشكل والمضمون وضعتها الأنظمة العسكرية السابقة ان السودان دايما في خطر ..في تهديد من اعدائه ..في تهديد من الخارج والداخل … وبالتالي فلا تتكلم فنحن في حالة خطر . فعجبا لمن ينادون بوجود رئيس عسكرى اوحكم عسكرى أو عودة الجنرالات للسودان خلال الفترة المقبلة وكأنهم لم يقروا التاريخ علي مدار اكثر من 60 عاما من حكم العسكر بحجة ضبط الامن والامان في البلد وكأن الناس قد نسيت انهم في ثورة و انها تقبل اى فعل مهما كان قليل او شديد درجة الحدوث .

الحل الوحيد والبسيط لحالة السودان فى الوقت الراهن وفي وقت ليس الان فقط …هى فصل الجيش عن السياسة تماما .كن انت في مواقعك كما تشاء وتتدرب وراقب ولك ميزانية محددة لك تصرفها في شئون قواتك وعددك والآتك ..ولكن عندما يصل الامر الي شئون الحياة المدنية فقف جانيا ولا تتحرك ودعنا ننحكم انفسنا بانفسنا لان المدنى يعرف المدنى والعسكرى لا يعرف الا العسكرى …

الامر يطول شرحه ولكن هذه يكفي مؤقتا . فكل انسان جدير حقا بان يفكر في هذا الموضوع لانه في غاية الأهمية لانه ببساطة يقرر مصير دولتنا مستبقلا.

ولك الله ي وطن

 

osmanalsaed145@gmail.com

Loading

شارك على
أكتب تعليقك هنا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.