آخر الأخبار
The news is by your side.

التكلس اليساروي: مفهوم اليسار العريض (22) … بقلم: النور حمد

التكلس اليساروي: مفهوم اليسار العريض (22) … بقلم: النور حمد

كتب عاطف عبد الله في كتابه “طائر النوء: قطار الشهيد عبد الخالق محجوب: مدخل إلى التجديد”، الصادر عن دار الياسمين (2015)، يشرح جانبًا من فكرة اليسار العريض مشيرًا إلى “برنامج الحزب الاشتراكي “1966 و”برنامج التحالف الديمقراطي “، 1986 قائلًا إنهما، تقريبًا، يمثلان برنامج التحول الديموقراطي نفسه، الذي وصفه بأنه “لا يزال عالقًا حتى الآن”.

ويرى عاطف أن من الممكن أن يُطلق الشيوعيون والديمقراطيون الثوريون من خلال هاتين

التجربتين ما أسماه “قطار عبد الخالق محجوب”، الذي يحمل، حسب وصفه، تحالف الشيوعيين

والديموقراطيين الثوريين والمثقفين العلمانيين وكافة تحالف قوى اليسار، من أعضاء المنظمات

الديموقراطية في الأحياء والمؤسسات التعليمية ومراكز العمل، إضافة إلى مواقع العمل

والمؤسسات التعليمية.

لكن، لكي يتحقق كل ما تقدم، يرى عاطف، لابد أولا: من، “قيام حزب ليبرالي يضم ويجذب مختلف القوى الليبرالية والديموقراطية باسمٍ جديدٍ وبرنامجٍ جديد، وبعضوية تضم أعضاء الحزب الشيوعي الحاليين والديموقراطيين وأصدقاء الحزب والموالين له، حزب علني بدون أسماء حركية، ويعمل في العلن وفي ظل القانون، وبأهداف لا تخرج عن تحقيق الديموقراطية الليبرالية والعدالة الاجتماعية وبسط الحريات الأساسية”.

أي، ما أسماه عاطف (تحقيق برنامج التحول الوطني الديموقراطي) . أما ثانيًا، فإن عاطف يري لابد من: “العمل على إعادة بناء الحزب الشيوعي على أسس ماركسية لينينية عبد الخالقية، مع الأخذ في الاعتبار المتغيرات العالمية والنظريات المتجددة في مجال تطور قوى الإنتاج في ظل الثوة العلمية التكنولوجية حيث الثروات تتراكم من الحقوق الفكرية ومن ناتج المجهودات الذهنية والبرامج الحاسوبية أضعاف، أضعاف ما تراكم من بيع الجهد العضلي وفائض القيمة”، (ص ص 216 -217).

إذن، الحديث عن ضرورة تشكيل تحالف يساريٍّ عريض فكرةٌ داعبت عقول عدد من المنتمين إلى الحزب والعاطفين عليه، سواء بسواء. لكن مما يمكن ملاحظته في عجالةٍ على طرح الأستاذ عاطف عبد الله، أنه بعد أن تحدث عن ضرورة خلق تحالفٍ يساريٍ عريضٍ، عاد مرَّةً أخرى ليتحدث عن: “العمل على إعادة بناء الحزب الشيوعي على أسس ماركسية لينينية عبد الخالقية”. وهكذا، وكأننا يا بدر لا رحنا ولا جئنا، وكما يقولون فإن الطبع يغلب التَّطَبُّع. فالماركسية اللينينية لم تطرح الديموقراطية الليبرالية نهجا للتغيير، وإنما دعت إلى تحقيق “ديكتاتورية الطبقة العاملة” عبر العنف الثوري.

وعبد الخالق الذي يراه الأستاذ عاطف صاحب تطويرٍ سودانيٍّ للنظرية الماركسية اللينينية لدرجة أنه قال: “على أسس ماركسية لينينية عبد الخالقية”، هو نفس عبد الخالق محجوب الذي انتهج أسلوب الانقلاب العسكري، عندما انقسم حزبه، وعندما قامت مجموعة أحمد سليمان ومعاوية سورج ومنصور محجوب ورفاقهم بوضعه وحزبه على الرف. تمامًا مثلما فعل الإسلامويون بمرشدهم الدكتور حسن الترابي، عقب المفاصلة.

إن وضع إخوتنا الشيوعيين وضعٌ موسفٌ حقًا. فهم كلما حاولوا فك أقدامهم من قيد هذه التجربة المضطربة المتناقضة، نراهم يعودون إليها من جديد وهم أكثر شوقا ووجدا. ويبدو أن الإديولوج لا يخرج من قبضة حتمياته “المحفوظة”، “بأخوي وأخوك”.

يتهموننا بالانحياز للرأسمالية المتوحشة وبكل الموبقات الموصوفة في أدبياتهم التكفيرية، ولا يتوقفون هنيهةً لمعرفة حقيقة ما نقول. فهل يا ترى قرأوا الكتاب الذي حرره الدكتور صديق الزيلعي حول إمكانية تجديد الحزب الشيوعي السوداني؟ وهل وقفوا على ما طرحته الأقلام التي أسهمت بالمواد التي ضمها ذلك السفر القيِّم؟ عمومًا، سوف لن نتوقف عن دك معاقل التشنيع والتخوين والتخويف ولن نكف عن تكسير صنم هذه الكهانة العلموية المخربة للعقول والمعيقة لتخلُّق يسارٍ سودانيٍّ معتدلٍ فاعلٍ. فطالما عطلت البلاد بنرجسيتها النضالي وعبادتها لماضيها ونزقها و”مشاترتها”.

التيار

Loading

شارك على
أكتب تعليقك هنا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.