التعليم الديني في السودان/ بدر الدين العتَّاق
التعليم الديني في السودان
بدر الدين العتَّاق
تقديم وتعريف
يُقصد به التعليم غير النظامي في بلاد السودان بعامَّة والشمالي بخاصَّة وهو التعليم غير المدرسي النظامي المعروف؛ وأقصد بكلمة ” والشمالي بخاصة ” ؛ في إشارة لفصل جنوب السودان عن شماله في ٢٠١١ إذ كانت كلها رقعة جغرافية واحدة انتشر فيها التعليم غير النظامي ردحاً من الزمن وإن كان قد جوبه بتيار التبشير المسيحي في ذات الوقت وأدَّى من بعد لفصل الجنوب عن الشمال؛ رغم انتشار الإسلام في الجنوب حيث بلغ عدد المسلمين أكثر من اثنين مليون نسمة من جملة تعداد سكان الدولة الحديثة البالغ عددهم أكثر من عشرة مليون إنسان ” 10.75 مليون (2021) ” كما [ صدّر أحدث تقرير لمركز بيو للأبحاث حول الدين والحياة العامة من ديسمبر 2012 أنه في عام 2010، كان هناك 610.000 مسلم في جنوب السودان، يشكلون 6.2٪ من سكان البلاد ] ؛ ولم تكن هناك مناكفات بين التيارين المسيحي والإسلامي لكن نفوذ الدول الأوربية مثل بريطانيا والنرويج وغيرهما أثَّرا على التركيبة السكانية هناك فكانت الغلبة لهم وبالتحديد في التوجه السياسي للدولة لأطماع في الثروات الطبيعية وموارد الدولة ؛ وليس ههنا موضعها من التفصيل.
تعريف الخلوة
قال تعالى : { ثُمَّ قَفَّيْنَا عَلَىٰ آثَارِهِم بِرُسُلِنَا وَقَفَّيْنَا بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَآتَيْنَاهُ الْإِنجِيلَ وَجَعَلْنَا فِي قُلُوبِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ رَأْفَةً وَرَحْمَةً وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلَّا ابْتِغَاءَ رِضْوَانِ اللَّهِ فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا ۖ فَآتَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا مِنْهُمْ أَجْرَهُمْ ۖ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ } سورة الحديد.
وقال تعالى : { فَلَمَّا قَضَىٰ مُوسَى الْأَجَلَ وَسَارَ بِأَهْلِهِ آنَسَ مِن جَانِبِ الطُّورِ نَارًا قَالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ نَارًا لَّعَلِّي آتِيكُم مِّنْهَا بِخَبَرٍ أَوْ جَذْوَةٍ مِّنَ النَّارِ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ * فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِيَ مِن شَاطِئِ الْوَادِ الْأَيْمَنِ فِي الْبُقْعَةِ الْمُبَارَكَةِ مِنَ الشَّجَرَةِ أَن يَا مُوسَىٰ إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ } سورة القصص.
وقبل المبعث النبوي الشريف كان النبي صلى الله عليه وسلم يتعبد في غار حراء وهو جبل من جبال مكة المكرمة يختلي فيه بربه حتى اتاه الإذن بالتبليغ فبعث للناس جميعها نبيا ورسولا؛ وفي ذلك أشار القرآن حيث قال جل من قائل : { يا أيها المزمل * قم الليل إلا قليلاً * نصفه أو انقص منه قليلاً * أو زد عليه ورتل القرآن ترتيلا * إنا سنلتقي عليك قولاً ثقيلاً * إن ناشئة الليل هي أشد وطئا وأقوم قيلاً } حتى نهاية سورة المزمل.
ثم قُلِّدَ جميع الأنبياء وبالذات موسى وعيسى ومحمد عليهم الصلاة والسلام في قيام الليل وطلب الخلوة أملاً في الجلوة؛ قال تعالى : { إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَىٰ مِن ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطَائِفَةٌ مِّنَ الَّذِينَ مَعَكَ ۚ وَاللَّهُ يُقَدِّرُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ ۚ عَلِمَ أَن لَّن تُحْصُوهُ فَتَابَ عَلَيْكُمْ ۖ فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ ۚ عَلِمَ أَن سَيَكُونُ مِنكُم مَّرْضَىٰ ۙ وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِن فَضْلِ اللَّهِ ۙ وَآخَرُونَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ۖ فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ ۚ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا ۚ وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنفُسِكُم مِّنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِندَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا ۚ وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ ۖ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } ؛ مما يعني سيرورة الخلوة والتأمل بغية المعرفة وتقويم السلوك والأخلاق والمعاملة بلا منتهى إن شاء الله.
الخلوة؛ جذرها اللغوي كما جاء في لسان العرب لابن منظور ” مكان الانفراد كالنَّفس أو بغيرها ” ، أو من التفريغ والإختلاء؛ لكن في المصطلح الشعبي هي حالة اختلاء روحاني بُغية المعرفة الإلهية وتنزلاتها في الأشياء والأحياء فيرتقي صاحبها في مصاف المعرفة من المحدود إلى المطلق بلا منتهى؛ ووسيلة هذه المعرفة التعبدية الروحانية بالتحديد في هذا الصدد القرآن الكريم؛ أمَّا بالنسبة لغير المسلمين فهي روحانيات تطلب من الديانات السماوية الأخرى مثل اليهودية والمسيحية ثم الديانات الوضعية مثل الهندوسية والسيخية والزرادشتية والبوذية وما أشبه؛ لتمدهم بالطاقات الإيجابية المعرفية وتتجلي معارفهم في تنزيلها لأرض الناس ولتقويم السلوك البشري قاطبة كل حسب معرفته وطاقته الروحية.
الخلاوي؛ جمع ، مفردها كلمة خلوة؛ وهو اسم المكان الذي يقام فيه التعليم والتحفيظ؛ وهي منتشرة بكثرة كثيرة جداً في بلادنا لذلك نبَّهت لشموليتها ثم خصصت الحديث عنها حصراً في السودان الشمالي؛ وقد تعرف بــــــــ ” المسيد ” وهو ذات المكان للخلوة؛ وقد عُرِفَت بارتباطها في المساجد محل إقامة الشرائع والعبادات في الحرم الجامع لمصلي المسلمين داخله أو خارجه .
اتماماً للفائدة من العنوان؛ تحفيظ القرآن الكريم في الخلاوي ، وهي مرتبطة بالتعليم غير النظامي لا في السودان فحسب بل في غالبية الدول العربية أو التي تتكلم اللغة العربية باعتبار حفظ وتدريس القرآن هو من أبجديات المعرفة الضرورية لتعليم الناشئة أمور دينهم من طريق حفظ ودراسة القرآن الكريم وتجويده .
تاريخية الخلوة
الذين أرَّخوا لبداية ظهور الخلاوي في السودان منذ المك عجيب المانجلك بين سني ١٥٧٠ – ١٦١١؛ هو في تقديري تاريخ قريب وضعيف / راجع ما سبق بيانه / ؛ والصواب والأقوى إن شاء الله : إنَّ بدايتها كانت قبل ذلك بكثير جداً منذ عهد دخول العرب إلى السودان سنة ٦٥١ م إبَّان حملة عبد الله بن سعد بن أبي السرح لبلاد النوبة في الجزء الشمالي والشمال الشرقي من بلاد السودان وسيطرته عليها فيما عرف باتفاقية ” البقط ” سنة ٦٥١ م ؛ ثم تطورت رويداً رويداً أو قل : انتشر التعليم الديني منذ تلك الفترة حتى عهد السلطنة الزرقاء (١٥٠٥ – ١٨٢١) بحكم المصاهرة والتجارة واللغة والتقليد والترحال وما زال حتى يومنا هذا.
لكن التاريخ المذكور لبداية انتشار تعليم وتحفيظ القرآن الكريم في الميديا وفي أغلبية العقل الجمعي السوداني هو بعيد للغاية عن الحقيقة لأنَّ ذلكم التعليم كان بداية مباشرة لانتشار وتوسع الإسلام واللغة العربية في السودان فينبغي التنبيه جيداً لهذا الأمر.
الخلاوي في السودان
لعل من أهم وأكبر الخلاوي المنتشرة في بلاد السودان عموماً والشمالي خصوصاً هي خلاوي الغبش في بربر بمديرية نهر النيل والتي تأسست قبل خمسة قرون بالتقريب سنة ١٥٠٠ م؛ ثم خلوة أولاد جابر بالمديرية الشمالية التي تأسست سنة ( ١٦٥١ م – 1073 خ ) في قرية الصوارد بالتحديد وتقع بين جوير ود ضبعة والنوراب ؛ وأسسها الشيخ محمود عبد الرحيم؛ وخلفه فيها ابنه الشيخ محمد ثم حفيده الشيخ عبد القيوم؛ وأولاد جابر هم : عبد الرحيم وإبراهيم وإسماعيل وفاطمة وآخر ندَّ عني اسمه؛ والتي درس فيها الشيخ محمد الملقب بالقرَّاي العجمي التاكي الكبير المتوفى بقوز الفقراء سنة ١٦٨٩م؛ وانتقل محمد القرَّاي العجمي التاكي بن الشيخ إبراهيم الخوَّاض المنسوبة إليه طيبة الخوَّاض المعروفة حالياً قرب شندي ؛ وأسس خلوة بطيبة الخوَّاض وبها قبتان كبيرتان تعرفان بقبة الشيخ القرَّاي الخوَّاض الكبير الورَّانية وأخرى تعرف بالقبة القِدَّامية ثم انتقل تدريس وتحفيظ القرآن الكريم في الخلوة لابنه الشيخ إبراهيم بن الشيخ الخوَّاض وما زالت موجودة حتى الآن يقام فيها الدرس والتحفيظ وما إلى ذلك ومن نسله كاتب هذه الأسطر .
ثم خلاوي المجاذيب بالدامر والتي أسسها الشيخ عيسى بن قنديل بن عبد العال بن عرمان في قرية دَرُو ( الشعيديناب الآن ) الكبير؛ جد البروفيسور عبد الله الطيب المجذوب؛ والتي ذكرها هارولد ماكمايكل ( ١٨٨٢ – ١٩٦٩ ) في كتابه ” تاريخ العرب في السودان ” ؛ وأحسب أنَّ الذي ذكرها هو ماكمايكل وليس بيركهارت ( ١٨٧٤ – ١٨١٧ ) المؤرخ السويسري الذي زار بلاد السودان في القرن التاسع عشر صاحب كتاب ” رحلة بيركهارت في سوريا والديار المقدسة ” ؛ وليس كما ذكر البروفيسور عبد الله الطيب / راجع الميديا محاضرة الدروس الحسنية ١٩٨٦ قضية التعليم في إفريقيا / في المحاضرة سابقة الذكر؛ لأنَّه لم يصل إلى بلاد الدامر في مديرية نهر النيل فانتقل حتى حدود بحر القُلْزُم ومنها إلى الجزيرة العربية وبلاد الشام ثم عاد إلى مصر وتوفي بها وهو لم يزل حديث السن؛ وإنَّما الذي وصلها ووصفها وذكرها هو هارولد ماكمايكل في كتابه ” تاريخ العرب في السودان ” كما قلنا آنفاً .
ثم خلاوي الشيخ كدباس بشمال السودان أواسط القرن التاسع عشر؛ والفادنية بالمديرية الوسطى بالجزيرة والتي أسسها الشيخ أحمد مصطفى الفادني؛ وخلاوي الشيخ دفع الله الصايم ديمة بمديرية الخرطوم ويعود تاريخ إنشاء خلوة الصائم ديمه إلى عام 1954، وأسسها الشيخ دفع الله الصائم، أحد كبار شيوخ الطرق الصوفية في السودان .
ثم بالإقليم الشرقي والتي تعد من أكبر الخلاوي في تلك المنطقة الشرقية هي خلاوي همشكوريب والتي أسسها الشيخ علي بيتاي ( ١٩٣٠ – ١٩٧٨ ) سنة ١٩٥١ وخلفه ابنه الشيخ سليمان بن الشيخ علي بيتاي؛ حفيد المك عجيب المانجلك ؛ ومن أبرز الذين درسوا فيها إن لم تخني الذاكرة السيد محمد عثمان الميرغني؛ بن السيد علي بن السيد الحسن الميرغني الختم الكبير؛ رئيس الحزب الاتحادي الديمقراطي بالسودان الآن والسيد أحمد الميرغني بن السيد علي الميرغني رئيس مجلس الدولة السابق في عهد الديمقراطية الثانية ( ١٩٨٦ – ١٩٨٩ ) .
ثم الخلاوي بالسودان الغربي على امتداد القطر وبالتحديد إقليم دارفور الكبرى التي انتشرت وازدهرت فيها الخلاوي بشكل ضخم ومشرف للغاية كجبل مرَّة وغرير خلوة مبروكة وخلافه .
ثم مسيد أو خلوة الشيخ البرعي المُلَّقَبْ بــــــ ” راجل الزريبة ” وهو الشيخ محمد وقيع الله البرعي سنة ١٩٠٠ والموجودة حالياً في مديرية شمال كردفال وخلفه عليها ابنه الشيخ عبد الرحيم ثم ابنه الشيخ الفاتح الشيخ عبد الرحيم البرعي وما زالت موجودة حتى يومنا هذا.
تعد خلاوي الشيخ العبيد ود بدر بالعيلفون بمديرية الخرطوم منطقة الخرطوم بحري شرق النيل؛ من أهم وأكبر وأميز دُور العبادة وتحفيظ القرآن الكريم؛ والتي أسسها الشيخ العبيد ود بدر أو العبيد ود ريَّه ( ١٨١١ – ٢٩ / ١٠ / ١٨٨٤ ) سنة ١٨٤٨ في ” النخيرة ” أول الأمر ثم انتقل بها للمنطقة الحالية بشرق النيل؛ والذي له دور كبير للغاية ومشهود في حصار وتحرير الخرطوم من قبضة غوردون باشا حين حاصرها مدة طويلة من الزمن سنة ١٨٨٤ وحتى سقوطها في ٢٦ / ١ / ١٨٨٥؛ وخلفه من بعده أبناءه الخليفة أحمد ثم الخليفة مصطفى والخليفة عمر والخليفة حسب الرسول وخرَّجت أرتالاً مقدرة من حَفَظَةِ القرآن الكريم والتي يقصدها عموم أبناء الشعب من كل أطرافه وبقاعه والذين تبوؤا مناصب عليا في الدولة السودانية؛ وكذلك خلاوي أم ضُبَّان في ذات المنطقة ولا تقل عنها أهمية وأصلها ” أم ضوَّاً بان ” .
استطراد
وبهذه المناسبة؛ يطيب لي ذكر مقولة شهيرة قالها الأستاذ الشاعر الكبير عبد الله الشيخ البشير ( ١٩٢٨ – ١٩٩٤ ) ؛ عن تعريف كلمة ” أم ضوَّاً بان” وقد سمعتها منه مباشرةً في التلفزيون القومي بأنَّها : ( امتداد لنار موسي بن عمران عليه السلام التي رءاها في جبل طور سيناء حين كلَّمه ربه ) ذلك لأنَّ دارسي القرآن في الخلاوي يجعلون ناراً موقدة يصلُّون وينيرون بها عتمة الليل فيقرأون ويتهجدون بنورها حتى شروق الشمس ولا تنطفئ أبداً وتعرف عندنا بـــــــ ” التُقَّابة” وتوقد بالحطب من أي شجر كان.
في إشارة جيدة وواضحة لمعنى الخلوة الاصطلاحي وهي المدد والطاقة الروحانية بُغْيَة المعارف الإلهية اللدنية لصاحب الخلوة؛ وهناك مثل معروف يقول في هذا الباب : ( الخلوة فيها الجلوة ) بمعنى التجلي؛ من الجلال الإلهي والفيوضات الربانية ووضوح معارف الأشياء والأحياء بالنسبة للمختلي بالله في الليل البهيم؛ وللمتصوفة في هذا الصدد واردات عظيمة جداً ليس ههنا موضعها من التفصيل.
رجع الحديث
هذا ! تخرج الملايين من أبناء الشعب السوداني من الخلاوي في كل ربوع القطر بلا استثناء وشكلوا نواة معرفية وقاعدة عريضة وقوية في حفظ وتعلم القرآن الكريم منذ سن مبكرة وصاروا أعلاماً لا يُشَقُ لها غبار في جميع الأوساط الحياتية من سياسية واجتماع واقتصاد وشريعة إسلامية وخلافه ؛ ومما يجدر ذكره هنا هو الثقافة أو المرجعية الدينية بالنسبة لعامة الشعب السوداني هي ثقافة قرآنية أصيلة مما جعل نسبة ٩٥ ٪ من سوادهم يدينون بدين الإسلام وهي ميزة لا توجد في كثير من شعوب العالم العربي والإسلامي والعالمي أيضاً.
اليوم الدراسي في الخلوة
يبدأ اليوم في الخلوة حوالي الساعة الثانية للثالثة فجراً ويستمر بلا توقف وهو برنامج ثابت في اليوم والليلة على النحو التالي :
١ / يستيقظ الحيران من النوم وقت السحر أي قبل صلاة الفجر بقليل وبالتقريب حوالي بعد الساعة الثانية والنصف صباحاً ليبدأ يومهم الجديد بعد التجهيز وقضاء الحاجة فيتوجهوا لنقطة التجمع من مكان مبيتهم ، وتسمى بـــــ ” الدُغْشِيَّة ” .
٢ / يستمر الطلبة / ويعرفون بالحيران؛ جمع حُوَار ، وتنطق بالتخفيف ؛ والحوار هو فصيل الناقة الصغير الذي لم يفطم من أمه بعد؛ ويسمى الفصيل الصغير ولد الناقة بالحوار لملازمته أمه فترة الرضاعة فكأنَّ كلمة حوار أصلها من الحور وهو الالتفاف والدوران حول شيء معين؛ يُقال : حار في الشي أو احتار حوله أي : دار ولفَّ وجال ، ومنها الحور العين أي واسعات حلقة العين في شكل دائري؛ ومفردها حورية وحوراء / في التلاوة إلى ما بعد صلاة الفجر في شكل حلقات دائرية كلٌ يقرأ بخلاف صاحبه وتسمى بــــــ ” الرمية ” وهي أن يرمي الشيخ محفظ القرآن بداية الآية على الحوار كأن يقول : { والنخل باسقات لها… } فيكمل الحوار الآية ويستمر دون توقف حتى يعود إليه ثانية : { طلع نضيد } سورة ق؛ ثم يتوجه للذي يليه ويرمي عليه بغير الآية التي كانت لمن قبله من أي سورة هو واقف فيها مثلاً : { وأوحى ربك إلى النحل .. } فيكمل الطالب : { أن اتخذي من الجبال بيوتا ومن الشجر ومما يعرشون } سورة النحل؛ وهكذا دواليك.
٣ / تستمر حلقة الذكر بعد صلاة الفجر وحتى شروق الشمس على هذا المنوال وتسمى بــــــ ” الضحوة ” وتوقيتها قرابة الساعة العاشرة صباحاً؛ ويقوم فيها الشيخ بالتسميع أو ما يعرف في الخلاوي بـــــــ ” صحة القلم ” أو ” تصحيح الحفظ ” للجزء المفروض على الحُوَار / التلميذ؛ الطالب / حفظه وتجويده لآخر ما يجب عليه حفظه.
٤ / هناك فترة ما بعد فترة الضحوة أو ” الضَحَوِيَّة ” يأخذ فيها الطالب قسطاً من الراحة ويأكل ويشرب ويقضي حاجته وتسمى بـــــــ ” فترة المقيل ” وهي ما بعد الساعة الحادية عشر إلى ما قبل وقت صلاة الظهر بقليل .
٥ / ثم تأتي فترة ما بعد الاستجمام والراحة لمواصلة التلاوة والحفظ والمراجعة وهلم جرا؛ وتسمى بــــــــ ” الظُهْرِيَّة ” وتنطق في عامينا المحلية الدارجية بقلب الطاء المهملة للضاد المعجمة هكذا ” الضُهْرِيَّة ” وتستمر إلى وقت العصر والتي بدأت من بعد صلاة الظهر .
٦ / بعد أداء صلاة العصر؛ يتجمع الحيران على شكل مجموعاتهم المعتادة ويواصلون فرضهم في الحفظ والدرس وتسمى هذه الفترة بـــــــ ” المطالعة ” إلى ما قبل صلاة المغرب بقليل .
٧ / يعرض الحيران على مشايخهم أو الطلبة الذين هم متقدمون عليهم ويقومون مقام الشيخ في المراجعة والتحفيظ؛ ما كتبوه أو حفظوه خلال هذه الفترة وتسمي بــــــ ” العَرْضَةُ “؛ أي يعرض الحوار على شيخه الفرض المفروض عليه كتابة وحفظاً ووقتها قبل المغرب حتى وقت الصلاة وتعرف أيضاً بـــــــــــ ” العِشاء الأول ” .
٨ / تستمر هذه المراجعة أو العرضة إلى ما بعد صلاة العِشاء وتعرف بـــــ ” السُبُع” وتعرف أيضاً بـــــــــ ” العشاء الآخر ” ؛ يرددون ويكررون ما أعاده عليهم الشيخ أو من يقوم مقامه للتجويد والإتقان قال المجذوب يرثي الشيخ فرَّاج الطيب ويذكر والده الشيخ الطيب السَّرَّاج :
آسي لفراج الطيب السراج والموت سريع اختلاج
قد كان للضاد محباً وقد كان له في دولة الضاد تاج
كما أبوه كان من قبله لها محباً وبها ذا ابتهاج
كلاهما عوجل والعمر مكتوب وما منا من الموت ناج
وقف على قبر أبيك الذي قد كان يتلو السُبْعَ والليل داج
وهنا موضع الاستشهاد .
٩ / بعد حفظ القرآن الكريم كاملاً خلال فترة الخلوة التي تبدأ من سن الخامسة أو السادسة من العمر وحتى العاشرة ومنهم من يدخل في سن أبكر من ذلك ويحفظ في أقل من تلك الفترة كلٌ حسب مستواه الذهني ويتخرج في العاشرة من العمر أو أكثر أو أقل بقليل فتختلف من طالب لغيره لكن في العموم عادة لا تتجاوز فترة حفظ القرآن الكريم أكثر من خمس سنوات في الخلوة .
10 / تقام احتفائية أو احتفالية بالمتخرجين الحفظة تسمى بـــــــ ” الشَرَافَة ” في جمع عظيم / للشاعر محمد المهدي مجذوب – رحمه الله – ديوان شعر باسم ” الشرافة والهجرة ” طبعة سنة 1973 وديوان ” نار المجاذيب ” طبعة سنة 1969 مطلعه :
النار أوقدها عيسى وشاركني * فيها بن بيرق أقداسي وآمالي
/ ؛ يشهده أهل وأقرباء المتخرج؛ وغالباً ما تكون هناك وليمة أو ذبيحة وبالعدم يوزع البلح على الجميع؛ ثم بعد ذلك ينال تكريمه المستحق من الشيخ بوضع جِبَّة أو قفطان مثل العباءة تلبس على الجلابية دلالة على تشريفه بحفظ القرآن؛ وربما أعطوه شهادة بذلك حسب ما يراه المسؤولون.
الأدوات والوسائل التعليمية
قلم البوص ، يستعمل الحواريون [ يقال لأتباع أنصار عيسى بن مريم – عليه السلام – الحواريون لقوله تعالى : { فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَىٰ مِنْهُمُ الْكُفْرَ قَالَ مَنْ أَنصَارِي إِلَى اللَّهِ ۖ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنصَارُ اللَّهِ آمَنَّا بِاللَّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ } سورة آل عمران ] في كتابة القرآن الكريم قلم البوص العريض السن أو مقدمته خلاف الأقلام العادية حادَّة الطرف؛ وتصنع كل أدوات الكتابة والحفظ في التعليم من لِحاء الأخشاب أو أجزاء منها؛ ويتعهدها الحواري بالتثقيف والتهذيب والبري حتى تصل للعرض المطلوب بحيث يقدر على مسكها واستعمالها آن الكتابة؛ ويستعان على الكتابة بالحبر الأسود المصنوع من مسحوق الفحم والمبلل بالماء وإمَّا بالحبر المتنخل من عصارة القرض ومن صدأ الحديد وهو أجود أنواع الحبر .
اللوح؛ قال تعالى : { وَلَمَّا سَكَتَ عَن مُّوسَى الْغَضَبُ أَخَذَ الْأَلْوَاحَ ۖ وَفِي نُسْخَتِهَا هُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلَّذِينَ هُمْ لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ } سورة الأعراف ، من هنا جاءت فكرة اللوح في الخلوة أغلب الظن وإن كانت عند العرب موجودة ومعروفة .
يصنع اللوح من لِحاء الأشجار أو الساق ويكون قوياً جداً؛ وللحوار أن يمحو ويثبت ما يشاء من الكتابة ليكتب عليها مرَّات ومرَّات حتى اكتمال الحفظ .
استطراد
أذكر بهذه المناسبة؛ إني رأيت اللوح الخشبي الذي كان يكتب عليه والدي الشيخ إبراهيم العتَّاق – رحمه الله – وعليه سورة الطارق والبروج والانشقاق؛ والذي درس الخلوة وحفظ جُلَّ القرآن إن لم يكن كُلَّه في خلوة جده الشيخ إبراهيم الخوَّاض بن الشيخ القرَّاي العجمي التاكي بطيبة الخوَّاض مسقط رأسه ولقد رأيت خطَّه على الورق فإذا هو آية من آيات الفنون والخطوط لم يسبق لها مثيل في رسالة خطيِّة للزعيم إسماعيل الزهري سنة 1968 ؛ كما حفظ أبوه من قبل القرآن الكريم الشيخ العتَّاق عبد الرحمن محمد فضل سمساعة القرَّاي العجمي التاكي هو وأخوه الشيخ القرَّاي بن الشيخ عبد الرحمن بن الشيخ محمد فضل سمساعة القرَّاي؛ في خلوة الشيخ العبيد ود بدر بالعيلفون السابق ذكرها ؛ وأيضاً حفظت أنا – والعياذ بالله من أنا – تسعين سورة من القرآن الكريم منفرداً دون أن أدخل خلوة أو أدرس تعليماً غير نظامي وأنا في سن السابعة عشر من العمر تجويداً وحفظاً والحمد لله على ذلك .
وحتى لا يخلط القارئ الكريم في الأسماء ويصلها مع بعضها بالترتيب فأنبه بأنَّ أسلوب كتابة مثل هذا المقال يختلف عن غيره في طرق الكتابة المعروفة فكاتب الأسطر هو بدر الدين إبراهيم العتَّاق عبد الرحمن محمد فضل سمساعة القرَّاي بن إبراهيم الخوَّاض؛ المنسوبة إليه طيبة الخوَّاض بمديرية نهر النيل الواقعة غرب مدينة شندي على بعد مائة أربعة وسبعين كيلو متراً من الخرطوم راجع كتابي “طيبة الخوَّاض وما وراءها” من نبأ مطبوع القاهرة في ٢٠٢٠ لمزيد من المعلومات إن شاء الله .
رجع الحديث
التلقين؛ وهو من أهم الوسائل التعليمية؛ والمعروف كما سبق بيانه عاليه بـــــــ ” الرمية ” ففي عدد مقدر من الدوائر أو الحلقات الدائرية التي يجلسها الحيران يقوم الشيخ أو من ينوب عنه أو يقوم مقامه من الطلبة المبرزين في الحفظ والتجويد بالإلقاء على الحيران الفرض من الحفظ وكل حلقة تختلف عن الثانية في الفرض فتشكل لوحة من الذكر مهيبة للغاية ينطبق عليها قوله تعالى : { والذاكرين الله كثيراً والذاكرات } سورة الأحزاب؛ ولهم حركة تماوج أثناء الأداء والتلاوة وأصوات كأزيز النحل أو كغلي المرجل فتأمَّل أصلحك الله .
المحاكاة والتقليد ، وهو أن يرسم الشيخ الحرف أو الرقم على الأرض ذات الرمل بأصبعه ثم يقلده الحيران حتى يتقنوه جداً في عديد المرَّات وفيما بعد يكتب لهم على الألواح الكلمة والكلمتين بنواة التمر ، ثم يتحولون من نواة التمر إلى قلم البوص بعد المهارة والإجادة .
تمويل الخلاوي
هذا ! يستعين معلمو الخلاوي على إطعام الحيران على الدعومات الخارجية من أهل الخير والبر والإحسان أغلب الظن ثم أهالي الحيران برفدهم الدقيق والويكة والبُهارات وما أشبه .
والويكة لمن لا يعرفها هي المسحوق الناعم الناشف من ثمرة خضار البامية الذي يوضع على الشمس أياماً عديدة حتى يجف فيؤخذ بطحنه وسحنه من طريق المطاحن الآلية أو ما يعرف عندنا بالفنادق ومفردها فندق والمصنوع من جذوع الشجر الكبيرة كالنيم أو التبلدي وما إلى ذلك؛ ويفرَّغ من الوسط على شكل دائري وليس هو الفندق المعروف الآن بـــــــ Hotel الذي يستريح فيه الناس في عموم الدول ؛ فيوضع عليها ويُدَقُ بعود خشبي غليظ وسميك ومتوسط الطول وخفيف الوزن حتى يصير ناعماً ؛ وأشهر طعامين عندنا في السودان هما الفول المصري والبامية؛ وتدخل البامية في عدة صناعات غذائية شعبية منها ما يعرف بــــــ ” ملاح التقلية ” بعد أن تمر بمراحل التجفيف بالشمس والسحن آلياً أو يدوياً وهي لزجة جداً ويمكن طبخها ثمرة بحالها دون تعرضها للتجفيف والحرارة كما يمكن فركها؛ والفرك هو عملية خلطها بواسطة آلة خشبية رقيقة الصنع تسمى بـــــــ ” المُفْرَاكَة ” وتؤكل مع دقيق الذرة الناعم المطحون؛ والآن استبدلت بالالة الكهربائية وتعرف بــــــ ” الخلَّاطة” وهذه الوجبة الشعبية تعرف بــــــ ” ملاح مفروكة ” ؛ أيضاً يمكن استعمال ثمرة البامية في غير طعامي التقلية والمفروكة في طعام شعبي ثالث لذيذ وشهي وهو ” ملاح الويكة ” مع الكسرة الرهيفة المصنوعة من دقيق الذرة الأبيض الناعم جداً بإضافة بعض البُهارات إليها يكون فيها المسحوق بقدر متوسط تجنباً للتغلظ وشدة التماس فلا يسهل قطعها أثناء الأكل ؛ قال الشاعر محمد المهدي مجذوب :
في بيت الفحل أبي السُرَّه * جرو ربَّاه على الكسره
الله الله على الكسره * بيضاء تهيج لها الحضره
وأيضاً ذات الثمرة المسحونة الناعمة تدخل في عمل طعام شعبي قديم والآن غير موجود إلا في أضيق نطاق وهو ” ملاح أم شِعِيْفَة “؛ ذات الفكرة إلا أنه يضاف قليل جداً من مسحوق البامية للماء المغلي مع البهارات والمحسنات ويوضع على طبق أو قدح كبير مع الكسرة الرهيفة مع قليل من السمن البلدي المستخلص من لبن الحيوان بقر كان أو غنم ؛ فلا تنفك تأكله بنهم وشراهة وهو مشبع ومغني وهو لذيذ للغاية وفيه فوائد صحية جمَّة منها الألياف التي تساعد على الهضم ؛ قال المثل الشعبي السائر : (ملاح أم شعيفة؛ كيت المرة الضيفة ) يراد به بسرعة اعداده وطباخته أن يقدم للمرأة التي لا يرغب في وجودها بالبيت.
هذا ! يوضع الدقيق الناعم المطحون على قِدر كبير جداً في مكان مخصوص في الخلوة على نار ضخمة ويضاف إليه الماء فيقلَّبان في النار حتى يغلظ وتتماسك عجينة الذرة الفتريتة / نوع من أنوا الذرة التي تزرع في السودان ومنها طابت وقدم الحمام وخلافه / وتستوي وتنضج؛ وقبل أن تتصلب تستخرج من النار وتوزع على القِداح أو الأواني للأكل ويعرف بــــــ ” العصيدة ” ثم يوضع على قالب العصيدة هذا ” ملاح الويكة ” أو ” ملاح أم شعيفة ” أيُّهما كان ، وهذه وجبة الإفطار والغداء والعشاء طيلة فترة الحفظ ما لم يحدث خلاف ذلك كأن تأتيهم وجبة من الخارج مثلاً ؛ قال تعالى : { يعملون له ما يشاء من محاريب وتماثيل وجفان كالجواب وقدور راسيات؛ اعملوا آل داؤود شكرا وقليل من عبادي الشكور } سورة سبأ .
خاتمة
الحديث شجون وكبير وعميق لأبعد الحدود ومتشعب للغاية وله أن يتصل بمادة المديح النبوي أو الإنشاد العرفاني أو الطرق الصوفية أو الكيانات الدينية ، وله أن يتصل أيضاً بإضافة دروس غير التحفيظ للقرآن الكريم مثل علوم النحو والصرف والفقه والتجويد والرياضيات كما له أن يتصل كذلك ببقية العلوم الشرعية ، والتي اختلفت فيما بعد بنظام موازي لنظام الخلوة الديني وهو نظام تعليم رياض الأطفال ما قبل الدخول للمدارس الابتدائية وله إدارات مختلفة ومتعددة ومتنوعة ، وقد علمت آنفاً بمحاولة تطوير الخلاوي في السودان بإدخال التقنيات الحديثة كاللاب توب والآيباد والآيفونات والكمبيوترات والمكيفات والموكيت والسجَّاد بدلاً عن الرمل الذي يكتبون عليه ويمحون ويتعلمون ويقرأون وهلم جرَّا ، ولعمري لا تفيد ولا تعين هذه الحداثات على الاختلاء باللوح والدواية والبرَّاية لحفظ كتاب الله مع الجو الروحاني الذي تصبغه الخلوة على طلبتها والعودة للقديم أفضل من مثل هذا التطور الغريب المنكر والله أعلم .
تطورت الخلاوي على ذات النسق الدعوي والعلمي التلقيني لمعاهد وجامعات دينية متخصصة كجامعة إفريقيا العالمية التي يقصدها غالبية دول أفريقيا وجامعة أم درمان الإسلامية وجامعة القرآن الكريم بأم درمان والمعهد العلمي بأم درمان الذي أبرز رجالاته التجاني يوسف بشير والناصر الشيخ قريب الله والبروفيسور عبد القادر شيخ إدريس أبو هاله ، وليس معهد شيح يوسف إبراهيم النور بالملازمين ببعيد عن الأذهان الذي خرَّج آلاف من الطلبة والدارسين ولعله أُلحق بجامعة أم درمان الإسلامية فيما بعد وهو من الشهرة بمكان ، وكذلك الجامع الكبير بأم درمان جوار نادي الخرجين والجامع الكبير في الخرطوم قرب جامع أرباب العقائد وفيهم يدرس القرآن الكريم حفظاً وتفسيراً وتجويداً ومن أبرز الشيوخ في هذا المجال الشيخ المرحوم عبد الوَّهاب السّرَّاج والشيخ إسماعيل السَّرَّاج ومحمد صالح السَّرَّاج وهؤلاء إخوة أشقَّاء والدكتور المرحوم حسن أحمد حامد وخلافهم ، والمجال لا يتسع لذكرهم جميعاً وعسى الله أن يمدَّ في الآجال فأقف على الأمر تارة أخرى والله المستعان .