آخر الأخبار
The news is by your side.

الاقتصاد السياسي للسودان … بقلم: د. سبنا امام

الاقتصاد السياسي للسودان … بقلم: د. سبنا امام

الجيش هو احد اهم اركان دولة المصالح المتجذرة وهي الدولة التي لم تتمكن كل الثورات السابقة من إزالتها او إعادة هيكلتها على غرار ما حدث في تركيا على يد كمال اتاتورك.

دولة المصالح المتجذرة موجودة في كل الدول التي كانت يوما ما تحت الحكم العثماني وفي هذه الدولة جيوش أُسست على عقيدة الانكشارية وولاؤها للحاكم او من هو في مركز الدولة بغض النظر عن هويته السياسية .تحميه تدافع عنه وتسلط كل آلتها على من يتمرد عليه او يعارضه ولذلك كان قتل المحكومين لمصلحة الحاكم اشبه بالعقيدة الراسخة في الجيش منذ ان كان الجيش يخدم التركية مرورا بالحكم الثنائي وانتهاءاً بالديكتاتوريات الوطنية.

وهي استراتيجية البقاء survival strategy التي اعتمدتها هذة المؤسسة للبقاء والاستمرار والمحافظة على مكتسباتها داخل جسد الدولة الذي انهك اقتصادياً وسياسياً من استنزافها ولكن هذا الولاء ليس مطلقا ومرتبط بقوة من هم في المركز اذ لا يتردد الجيش في التخلص ممن هم في المركز بمجرد استشعاره ضعفهم وعدم قدرتهم على الاستمرار في اداء المهمة فيما يعرف خطأً في ادبيات السياسة “بإنحياز الجيش للشعب” .

بل هو انحياز الجيش لاستمرار دولة المصالح المتجذرة التي تنتقل السلطة فيها بالانقلابات ويقوم اقتصادها على clientelism. فدوره اصيل في هذة الدولة وهو عملية نقل السلطة لذلك لن يسمح بقيام مؤسسات ديمقراطية راسخة تتولى عملية انتقال السلطة في السودان لأن ذلك ببساطة سيخرج الجيش تماما من معادلة السلطة وعندها سيكون وجوده مرهونا بحماية هذة المؤسسات بدلا من ان يكون وجوده مرهونا بتقويضها كما هو عليه الحال الان.

ما نحتاجه اليوم هو تغيير جذري في عقيدة هذه المؤسسة لتحمي دولة الحريات والمواطنة والديمقراطية وهو احد اهم مطلوبات الفترة الانتقالية ليس اعادة هيكلة الجيش بل democratization of Military Forces لتصبح قوات تؤمن بالحكم الديمقراطي وتحميه بل وتخوض حروبا عابرة للحدود لتوطيد الديمقراطية والحريات على غرار الجيش الامريكي والجيوش الأوروبية.

لن يكون الامر سهلا ولكنه ممكن ويمثل شرط الضرورة لاستدامة الديمقراطية وبناء دولة القانون والحريات.

Loading

شارك على
أكتب تعليقك هنا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.