آخر الأخبار
The news is by your side.

الاقتصاد السوداني يخضع لجراحة مؤلمة لازالة التشوهات

الاقتصاد السوداني يخضع لجراحة مؤلمة لازالة التشوهات

بقلم: وائل محجوب

• ما ذكره وزير المالية د. جبريل ابراهيم “في مؤتمره الصحفي بعد قرار رفع أسعار المواد البترولية” حول ان الاقتصاد السوداني يخضع لجراحة مؤلمة لازالة التشوهات داعيا الناس للتحمل والصبر، كان سيكون مقبولا في حال قامت الحكومة بتطبيق سياسة تقشف صارمة على منصرفات جهاز الدولة في أعلى مستوياته، بينما الواقع يقول انهم واصلوا بذات بذخ نظام البشير ونظام صرفه المالي دون تعديل، وبينما كانت البلاد تختنق وتعجز الحكومة عن توفير السيولة والعملات المطلوبة لتوفير الأدوية والمواد البترولية، كانت بعض الاجهزة السيادية تجتهد في صفقات لاستجلاب ما يتجاوز (٣٠٠) من السيارات الفارهة، التي تبلغ قيمة الواحدة منها اكثر من (٥٠) الف دولار، ولولا تسرب انباء تلك الصفقة لأكتملت من مال الشعب، وما زالت تلك العقلية حاضرة، ومظاهر الصرف البذخي ماثلة في مستويات الحكم المختلفة.

• إذا متلكت الحكومة الانتقالية ربع شجاعتها في اتخاذ القرارات التي تحاصر بها الناس، في اتخاذ إجراءات جذرية وحقيقية لاصلاح الاقتصاد، لكنا في وضع افضل من نذر الكوارث التي تواجه البلاد حاليا، بسبب تقاعس الحكومة ولجؤها الدائم لمعالجة الخلل الذي تواجهه على حساب المواطن.

• تقاعست هذه الحكومة التي على رأسها خبير اقتصادي في اصلاح التشوهات الحقيقية التي صنعها نظام الانقاذ وأقعدت بالبلاد سنينا عددا، بعدما خلقت اقتصادا موازيا كان بالكامل يصب في خزائن المؤتمر الوطني، ويدار بواجهات من عناصره ومؤيديه وما زال يتحكم في اقتصاد البلاد.

• ما زالت مثل هذه الشركات تتحكم في أهم موارد الدولة ممثلة في قطاعات البترول والذهب والثروة الحيوانية، وخدمات جهاز الدولة مثل الكهربا والاتصالات والصرافات المالية، وتركتها الحكومة كما هي بذات وضعيتها التي وجدتها عليها، علما بان هذه المجالات هي الاعلى مواردا.

• وبقيت الشركات التابعة للقوات والأجهزة العسكرية والأمنية والشرطية وغالبية المؤسسات والشركات الحكومية التي تجاوزت مجتمعة (٤٥٠) شركة، والتي تتحكم فيما يصل الى (٨٠%) من الإيرادات العامة، بحسب تقارير رسمية حكومية، ووفق ما صرح رئيس الوزراء نفسه من قبل، وتدور أموالها خارج سيطرة وزارة المالية ولا تخضع حساباتها للمراجعة المالية والمحاسبية بواسطة ديوان المراجع العام، بينما تتحكم الدولة فقط في (٢٠%) من الايرادات العامة، وما زال هذا الواقع مستمرا دون اتخاذ إجراء لعامين منذ استلام الحكومة لمواقعها، دون أن يتم تقدم يذكر لاستردادها ومراجعة حساباتها المالية.

• قامت الحكومة بتعويم الجنيه في مقابل العملات الأجنبية، دون أن توفر السيولة اللازمة لمقابلة احتياجات السوق، ودون أن تطهر نظامها المصرفي من العابثين والمضاربين في العملات، ومن بقايا نظام الانقاذ التي تواصل افعالها التخريبية دون حسيب أو رقيب، ودون أن تتخذ أي اجراءات أمنية لحماية قرارها، تترك الناس نهبا لفشلها في القيام بواجباتها، ليتحملوا كلفة التخبط والعجز وفروقات اسعار المواد البترولية مع تصاعد الدولار، الذي لم تتخذ لكبحه إجراءات سياسية وأمنية.

• هل يكلف أحد من صناع القرارات الاقتصادية هولاء نفسه بتحليل اوضاع الناس وقدراتهم المالية في مواجهة الغلاء الطاحن، هل يحللون قبل اصدار هذه القرارات اثرها على مختلف القطاعات، بما فيها القطاعات الحكومية نفسها وأثرها على المواطنين، هل هناك حكومة في اي مكان لا تضع قراراتها الاقتصادية على هدي من اوضاع مواطنيها، ودون أن تقدر تأثيراتها على حياتهم وتدرس انعكاسات ذلك على الأمن العام للدولة.

• أي حكومة قبل اصدار مثل هذه القرارات تقوم بدراسة حالة الأجور والوضع المعيشي للغالبية من المواطنين، والحالة السياسية العامة وهل تسمح بالقرار ام لا.. وبناء على ذلك اما عدلت عن قراراتها، أو وضعت اجراءات لتقليل حدة أثرها، أو وضعت خطة للتدرج في تنفيذها مراعاة للوضع العام وحفاظا على الأمن والاستقرار، وكل ذلك لم يحدث، إذ تصدر الحكومة قراراتها المزلزلة ولا يهمها الأثر المترتب عنها.

• هذه الحكومة لا تسمع أحدا ولا تحفل بمصائر الناس، ولا شغل لها خلاف تنفيذ اشتراطات المؤسسات المالية الدولية طالما كانت موجهة للمواطنين، بينما تتجاهل موجهات ذات تلك الجهات الدولية وتغض طرفها عن كل ما من شأنه أن يدخلها في مواجهة حقيقية مع المهيمنين على اقتصاد البلاد من المؤسسات الشريكة في الحكم.

• ستواجه الحكومة بعدما تراجع تأييدها الشعبي لأدنى مستوى، غضبة شعبية سياسية ومطلبية ومعيشية هي الأخطر من نوعها، إذ سيتحرك في مواجهتها مناصريها السابقين، وسينتهز السانحة اعدائها المتربصين الذين يتحينون الفرص لضربها، وهي وحدها كحكومة وتحالفها السياسي المختطف يتحملان كافة التداعيات التي سيفضي لها هذا القرار الذي يفتقد للحكمة والرشد والحس السياسي والتوقيت، ولا يلام أحد غيرها عن كل ما سيفضي له من تداعيات.

Loading

شارك على
أكتب تعليقك هنا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.