آخر الأخبار
The news is by your side.

الأحزاب والحركات السودانية ما بين الدساتير والظرف السياسي الراهن

الحقيقة المرة .. بقلم : د. عبدالقادر جاز
الأحزاب والحركات السياسية السودانية ما بين الدساتير والظرف السياسي الراهن…!!!

* السودان على مدى الحقب الأنظمة السياسية التي تلت الاستغلال، نجد أن مشكلتها تتمثل في وضع دستور الحزب الذي يحدد علاقة العضوية ووضعية الحزب بالدولة، وما يترتب على ذلك من تبعات، وفقاً للحقوق والواجبات التي تفصل فيها القوانيين المتحكمه في صيرورتها، من هذا المنطلق فإن أحزابنا منذ فجر الإستغلال إلى هذه اللحظة الفاصلة من عمر السودان السياسي نلاحظ غياب الرؤية لدي الأحزاب السياسية والبون الواسع بين دساتير الأحزاب والممارسة السياسية، هذه خاصية نفتقدها على امتداد نضالات الحركات التي تنادي بإعادة وهيكلة الدولة السودانية ومعالجة الاختلالات التي نجمت من الممارسات السياسية الخاطئة التي أرهقت كاهل العديد من الحكومات منذ الإستغلال إلى يومنا هذا.

* العديد من القوى السياسية المعارضة وحركات الكفاح المسلح التي وضعت في إعتبارها جملة من النقاط الجوهرية لمعالجة جذور الأزمة السودانية من خلال دساتيرها ووسائلها التي انتهجتها لتحقيق برامجها السياسية والاقتصادية والاجتماعية وغيرها، والبعض منها سنحت لها
فرصة حكم السودان والأخرى للمشاركة في السلطة، سواء كانت عبر التحالفات أو الائتلافات وخلافها، هذا واقع القوى السياسية التي تطمع في حكم البلاد.

* الملاحظ أن القوى السياسية تخطط لبرامجها السياسية في ظل غياب تام للرؤية من واقع أن الأزمة السودانية في كل يوم تضييق الخانق على الشعب دون أن تقدم هذه الأحزاب حلولاً تعالج الأزمة من جذورها، وهنا يطرح السؤال نفسه، إلى أي مدى استصحبت دساتير الأحزاب الحلول الناجعة للأزمات الممسكة بخناق الشعب؟

إن وجدت لهذا السؤال إجابة فلا عقده على المنشار.. ولكن في نهاية الأمر يستصدمون بجدار سميك عند التنفيذ والأغرب من ذلك يغضون الطرف تماماً عن عملية التقييم والتقويم للتعرف عن موضع الحلل، يرجع ذلك إلى النفسية العقلية للكادر السياسي، ربما ذلك لا ينفصل عن العادات والتقاليد السائدة في المجتمع، باعتبار هذه العقلية خرجت من صلب ورحب هذا الشعب، الذي يؤكد ذلك عندما تحدث أي عملية تقييم لأي نشاط أو برنامج سياسي أو خدمي وغيره، نجد أن الشخص الذي يُشخص القصور وموضع الخلل يصفونه بالمعارض أو الحاسد، السؤال كيف يتثنى لنا معالجة جذور المشكلة بهذه الوضعية التي تعشعش في عقولنا؟ إذا أردنا التغيير علينا الخروج من دائرة النمطية العقلية الرجعية والتصالح مع أنفسنا من أجل النظرة الفاحصة بما يدور بمحيطتنا.

*بالضرورة الإيمان بما يقضيه الدستور والعمل على إنفاذه وفق بنوده مهما كلف الأمر، والابتعاد عن شخصنة المواضيع والإنجراف إلى الجهوية والقبلية والمناطقية للكسب الرخيص الذي لا يغني ولا يثمن من تحقيق الأهداف والغايات النبيلة، أطلعني عبر الأسافير دستور مجلس الصحوة الثوري السوداني، فتلمسته من ذلك: في المبادئ والأهداف والوسائل بما فيها تشخيص مجلس الصحوة الثوري لجذور الأزمة السودانية، في مجمل هذه المقتضيات جلها ركزت تركيزاً على المشكلة، لكن السؤال أي هؤلاء من أي طينه يا ترى؟ هل أنهم اختلطوا بطينه أخرى أم عراك التجارب تمحضت بخلاف ذلك؟… هذه تساؤلات نقيف عندها وماذا ينكشف لنا في مقتبل الأيام القادمات يا ترى؟

* ندلف إلى ما احتواه دستور مجلس الصحوة الثوري السوداني بما يخص أهم المبادئ العامة: بأن السودان دولة مستقلة موحدة ذات سيادة، والمواطنة هي أساس الحقوق والواجبات. وهذه واحدة من المبادي التي تتوافق عليها القوى السياسية القديمة منها والحديثة، وهنا يطرح السؤال نفسه، إن كانت هذه الاشراقات واحدة من قناعات لدي القوي السياسية، لماذا تعدد المطامع والمصالح مشروع الوحدة الوطنية والتماسك المجتمعي؟ من الواضح أن تقاطع المصالح بين المكونات السياسية هو السبب الرئيسي في ضبابية المشهد السياسي وامتداد الأفق أمام النخب الحاكمة.

ومن مبادئ المجلس أيضا أن نظام الحكم فيدرالي وحرية العقيدة والإعتقاد والممارسة السليمة لكل المواطنين والعمل على محاربة كافة أنواع التطرف والإرهاب، بجانب إعادة هيكلة الدولة وفق أسس وترتيبات دستورية جديدة. وتعتبر هذه من المبادئ المتفق عليها في الدولة الحديثة والتي تؤيدها مبادئ الأمم المتحدة إن توافقت السلطة الحاكمة في السودان على تنزيل هذا المبدأ على أرض الواقع فنتوقع أن يتغير المشهد السياسي إلى الأفضل.

وكذلك أستقلالية القضاء وفصل السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية، والتداول السلمي للسلطة عبر الانتخابات حرة ونزيهة، والالتزام بالعهود والمواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان وحفظ الأمن والسلم الدوليين، وإتباع سياسات خارجية متوازنة قائمة على خدمة المصالح الوطنية العليا. من هذا المنطلق فإن التدرج من النظام الانتقالي الذي عليه البلاد في هذه المرحلة عبوراً إلى الانتخابات، فإن الدور الأكبر يقع على عاتق القوى السياسية وحركات الكفاح المسلح في تهيئة وترتيب بيتها من الداخل، بحيث تُعظم مبدأ تسريع الانتخابات، والشعب هو المراهن عليها في العملية الانتخابية. ولكي ما تحقق هذه النقطة الهامة لابد أن تعمل الأحزاب السياسية على تكريس جهودها وتوظيف قدراتها بربط الشعب بدستورها، ورهن مستقبل البلاد السياسي بالمبادئ والأهداف التي ترتكز عليها.

* ومن الأهداف التي قام عليها مجلس الصحوة الثوري: التأمين على وحدة السودان أرضاً وشعباً وصون السيادة الوطنية، إقرار الهوية الوطنية القومية السودانية، استغلال القضاء والتأكيد على مبدأ التحول الديمقراطي والتعددية السياسية وإعادة هيكلة القوات النظامية (الجيش،الشرطة، الأمن) وفق اتباع معايير القومية والمهنية والاحترافية لجهة شمول تمثيل كافة مكونات البلاد الاجتماعية والثقافية. من الملاحظات التي نبديها أن أهداف مجلس الصحوة الثوري فإن تقاطعت مع بعض أهداف القوي السياسية إلا أنها تفق مع الصوت الجامع بمدنية الدولة السودانية الحديثة، إلى أي مدى يمكن أن يكون هنالك قواسم مشتركة ما بين العسكر والمدنيين في جعل السودان دولة تتراضى على النظام التعددي وتحتكم للقانون وسيادة حكمه ولا تقاضى مع مبادئ الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي الذي يحرم ويجرم الإنقلابات العسكرية والحكم المفروض بالقوي على الشعوب.

* الملاحظ أن هذه المبادئ ترتيبها تسلسل منطقي وعلمي، وتوافقها مع الأهداف والوسائل معا، مما يؤكد أن هذا الدستور شخص المشكلة بجوانبها المختلفة، لكن السؤال يظل قائماً، هل المشكلة تتمثل في دساتير القوى السياسية أم المسألة في كوادرها؟

Loading

شارك على
أكتب تعليقك هنا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.