آخر الأخبار
The news is by your side.

احتفالات “الساحة الخضراء”.. ومشاهد مبعثرة من فيلم: ” البؤساء وداحس والغبراء”

احتفالات “الساحة الخضراء”.. ومشاهد مبعثرة من فيلم: ” البؤساء وداحس والغبراء”

عايشها د. فخرالدين عوض حسن عبدالعال

* مشهد 1 :
ايام الانتخابات افادنى احد قادة احد الاحزاب .. بانهم ذهبوا الى منطقة اصابها الجفاف والتصحر وجف الضرع وغاب الزرع ..ذهب احدهم الى حيث الماشية واحضر شوال لبن بدرة خفية من سيارته واذابه فى ماء بمساعدة احد شياطين المنطقة وبمقابل جنيهات قليلة..وجاء به الى المحتشدين واخبرهم ان ضرع ماشيتهم قد امتلأ بدعاء وبركات السيد ..وبالتالى عليهم ان يدلوا باصواتهم لمرشح “السيد”!

* مشهد 2 :
جمعنا الحاج الموز مراسل جريدة البيان الاماراتية فى مكتبها بالعمارة الكويتية فى الخرطوم لندوة صحفية عن خلافات الاتحاديين ..وقتها كنت رئيس لجنة تحديث الحزب الاتحادى ” تحدى” ..وشارك فى الندوة استاذنا عبدالوهاب خوجلى وهو متابع لهذه الصفحة وسيد هارون واحمد على ابوبكر والشيخ ابوسبيب رحمة الله عليه وغفرانه والمحامى على السيد الذى رفض مداخلتى جملة وتفصيلا وفى تبريره ان الحداثة ليس هذا زمانها ومكانها!! ..فرديت عليه بقصة وقعت احداثها باحدى قرى اليمن حيث كان يعمل هنالك مدرس سودانى واخر مصرى ..وكان السودانى مخلصا ومجتهدا فى عمله على عكس المصرى ..والذى اراد ان ينصح السودانى فقال له: الطالب اليمنى تدخله المدرسة دحش وتطلعه منها حمار ..لا تتعب نفسك..اصرف ماهيتك ..ولا تصرف مليما منها..اطلب من طالب ان يحضر لك خبز يوميا ومن اخر بصل وهكذا تجمع مؤونة الشهر دون ان تصرف مليم من مرتبك!

* مشهد 3 :
تم اعداد قاعة الاحتفال فى لندن من قبل فرعية الحزب الاتحادى فى بريطانيا والمملكة المتحدة وقد كنت وقتها رئيس المكتب السياسى وشؤون وحدة الحركة الاتحادية ..ودخل السيد الميرغنى الى قاعة الاحتفال ..فتهتف البعض: عاش ابوهاشم ..فاشرت لهم بالصمت وان الخلود للاوطان وانهم فى ارض ديمقراطية عريقة تخطت مثل تلك الهتافات والشعارات ..والغريبة اننا بعدها بايام قليلة كنا فى اجتماع مع السيد محمد عثمان الميرغنى متعه الله بالصحة والعافية ..اصر لحظتها بعض اعضاء الحزب ومنهم رئيس الاجتماع وهو لواء جيش سابق، على انه لا يجوز ان يجلس قرب السيد فى كرسى وجلس ارضا ..فتم اختيارى بديلا عنه لادارة الاجتماع الحزبي!! وقتها تحدث فى الاجتماع احد قادة الجبهة الثورية الان ..رافضا اى حديث عن المؤسسية والديمقراطية ..وان السيد هو المؤسسة ويرى ما لانراه اجمعين ومن حقه اتخاذ القرارات دون مشورة احد لانه قيادة “ملهمة” وحقه “مقدس” واى حديث عن الديمقراطية والمؤسسية والشفافية كفر بواح لا يجوز ..فى حق قيادة هى هدية السماء لنا!!

* مشهد 4 :
اتصل بي احد قادة الحزب الاتحادى من ابناء دارفور واخبرنى انه حصل للحزب وبمجهود منه على تذاكر طيران واستضافة فندقية ومصروفات يومية لعدد 6 من عضوية الحزب لحضور مؤتمر للمهمشين فى مدينة فرانكفورت بالمانيا ..اخبرته باننا لن نقبل اى دعوة دون معرفة الجهة والاجندة ..ولماذا ومن وراؤها ..واسئلة عديدة تحتاج الى الاجابة قبل البث فى قبول الدعوة من عدمه ..فاشتاط غضبا واتهمنى بالعنصرية: ” انتم معشر الجلابة استعلائيون” واثرت عدم اجابته…

* مشهد 5 :
الساعد الايمن للسيد الميرغنى حاتم السر وهو بجوار المخلوع لمخاطبة جماهير غفيرة فى الساحة الخضراء فى بلد جدباء ..سألت احد السماسرة عن سر تلك الحشود والبلد يسودها الغضب والفقر ..فقال لى ان للحشود اسرار اهمها المال ..وانهم قد جلبوا تلك الحشود من مناطق يسودها الفقر والجهل مقابل عراقى ( لبس) لكل مشارك والف جنيه “يقطم” السماسرة جزء كبير منها ..ووجبة افطار تتناقص بفعل تجار الحشود فى داخل وخارج حزب المخلوع..

* مشهد 6 :
بعد انتشار الفقر فى البلاد لاحظت ان كثير من موائد الافراح والاتراح فى السودان يحرص عليها من لا علاقة له باصحاب المناسبة!

* مشهد 7 :
قائد مليشيات انشأها المخلوع لاغراض عنصرية بغيضة ..وقد كان المخلوع البشير وزمرته كل مسيرتهم عبر سياسة ” فرق تسد” ..وكانت وظيفة تلك المليشيات القتل والحرق والاغتصاب! وبعدها “حمايتى” للرئيس المخلوع ..وارسالهم مرتزقة فى حروب لاناقة لنا فيها ولا جمل ..فى غفلة من الزمان ونتيجة لحسابات شخصية للفريق خلا قائد تلك المليشيات التى يملكها واسرته وينوب عنه فى قيادتها شقيقة ..وقد ذهب هنا وهنالك ايام عنفوان الثورة يبحث عن تأييد يمكنه من حكم البلاد ..فكانت رحلته مثلا الى منطقة قرى وخطاب ياسر العطا المايع فى الحشود التى جمعها الكوز اللواء نور الدين هلال احد اهم الضباط الاسلامويين ..وسفره للسعودية ومن خلفه الكباشى وكأنه جرو ..ومنافسه البرهان ايضا يقوم بجولات مكوكية بطائرة لا تنام جابت بلاد العرب والعجم.. حالما بوضع يده على البلاد وكأنه فد ورثها من اجداده ..بعد ان “فض” هو وقائد المليشيات ..بكارة عذراء القيادة فاطنة السمحة اغتصابا، ومثل بجثث اخوتها ورماهم فى النيل وجروحهم تنزف ..واصبح البرهان رئيسا وقائد المليشيات نائبا له!! فى اكثر مشاهد الفيلم بؤسا وقبحا وظلاما ..

* مشهد 8 :
والشعب فى انتظار “جودو” هبط طائر الاحلام حمدوك ..وبشرنا باننا لن نتسول لقمتنا ..واننا شعب قوى بارادتنا وعزيمتنا ..ومواردنا بكر وكثيرة وسوف نستثمرها ولن نصدرها خام بعد الان ..وان الحساب قادم لكل من سفك الدماء ..ونام الشعب على حلم نبيل وجميل وافاق منه على ان جسر التنمية يمر بالتطبيع مع الصهاينة وانه بدون رضاء الكاوبوى الاميركى لن نحقق طموحاتنا وامالنا !! وكل يوم يدخلنا من نفق الى اخر حتى ساد ” الظلام”!! وانعدمت الرؤية والرؤي والشفافية وتوارت دولة العلم والمنهج التى نحلم بها خجلا ..امام الطوفان والضعف والهوان وسيطرة الجهلاء..

* مشهد 9 :
وكان الحلم كبيرا وعظيما لان ميثاق قوى الحرية والتغيير تم توقيعه من اغلبية القوى السياسية والمدنية ..ومن ضمنها ..واكرر من ضمنها كتلة “نداء السودان” والتى تضم الجبهة الثورية …يعنى بوضوح كده وبدون لف ودوران الجبهة الثورية جزء من قوى الحرية والتغيير ومن الموقعين على ميثاقها ..وسبب ابتعادهم عن “قحت” هو المخاصصات وقسمة السلطة فى الاساس ..وليس قضايا الوطن..

* مشهد 10 :
اعتادت كل منظومات السودانيين وليس فقط الاحزاب السياسية على التشرذم والانقسام ..بداية من البيت الواحد الى اهل الحى وشهدنا ذلك فى الجاليات السودانية بالخارج بوضوح ..فان جرثومة الاختلافات دوما تتوالد فى اوساط السودانيين الذين يكرهون النظام والمؤسسية ويميلون الى الفوضى والسبهللية فى كل شئ ..لذلك اصبحت كل الحياة صراع حتى فى صفوف الخبز والوقود ..وعقب موت الاب!!
ان ثورة ديسمبر المجيدة كانت نتاج تكاتف وتعاون ومحبة بين الجميع ..ما لبث ان تبعثر عقدها الفريد ..بداية من تجمع المهنيين ..وهذه كما اسلفت ” جرثومة” ولدت وصنعت وتربت فى السودان ونحتاج الى منهجية وعلمية ومن ثم ارادة وعزيمة للقضاء عليها …والا فانها سوف تقضى علينا ؟؟

* مشهد 11:
الاستثمار فى الفقر والجهل ..وفرق تسد: كتاب يحرص على قراءته بجد ومثابرة معظم تجار السياسة وامراء الحروب فى السودان ..وكل من يحرص على الامارة رغما عن تضائل خبراته وقدراته ..فقد رايت كثيرين من الطامحين والقادة السياسين لا يجيدون حتى الكتابة والقراءة ويرون انفسهم الاحق بالقيادة!! ..
كما ان المجتمع القبلى الطائفى الذى يسود فيه الفقر والجهل يسهل اختراقه ودفعه للكراهية والبغضاء باثارة النعرات والعصبيات ..وادعاء تلك القيادات الدفاع عن مصالح اهل دارفور او الشمال او الوسط وغيره ..ومن ثم “الصعود” على الركام والجماجم وانهارالدماء!! والهبوط بالوطن الى درك سحيق ..وتمدد رقعة الفقر والجهل!!

* مشهد 12 :

صحفى سودانى مقيم فى دولة عربية ..كتب عقب عودة قادة الثورية قائلا بانه ولاول مرة منذ نهايات القرن الثامن العشر يحكم البلاد المهمشين وهم اصحاب الحق..وهو يشير الى عصر الدولة المهدية والتى رغم الثقوب والعيوب الكثيرة التى صاحبتها ..الا اننى اراها اول محاولة ايجابية لتكوين الدولة الوطنية السودانية بكافة اطيافها ..وانها فى بداياتها كانت ثورة على العنصرية واول محاولة جادة لدمج السودانيين فى بوتقة واحدة ..

* مشهد 13 :

وزارة الصحة السودانية تصدر بيانا تحذر فيه من التجمعات والحشود وخطرها على انتشار فايرس كورونا الذى يجتاح البلاد وقد صنفت بعض المنظمات الصحية العالمية الخطر فى السودان بانه كبير high
وكل الوسائط اسودت باخبار وفيات زادت عن معدلها الطبيعى وفى ظل غياب دولة تنتهج العلمية!!

ورغم ذلك لم يكترث قادة الثورية وقادة الحكومة بالامر ..فان سكرة السلطة وشهوتها اكبر من مصلحة المواطنيين ..وكان سقوط اخلاقى مريع للحكومة والقادمين للمشاركة فيها ..مما يؤكد بان الطرفين غير جديرين بالمسؤلية ولا يجب ان نأمنهم على البلاد والعباد ..

* مشهد 14 :

عقب الثورة والتى شارك فى التوقيع على ميثاقها الجبهة الثورية ..كان المفترض حضورهم للبلاد ومناقشة كافة قضايا الوطن والوصول الى حلول لها لا تترك حتى للرافضين مناصا للعودة والمشاركة فى نهضة وبناء الوطن …ولكنهم اثروا مفاوضات برعاية خارجية وتدخلات اجنبية ومصروفات بذخية وطائرات وفنادق خمسة نجوم وسيارات فخمة وبيوت ..وبمناسبة البيوت اترحم على العالم النابغة البروف. ابوسليم ..وقد كان حريصا على حفظ الوثائق القومية ..الا ان القائد مناوى وبعد ان اصبح احد كبار مساعدى المخلوع البشير ..اصر على تحويل دار الوثائق القومية الى سكن له واسرته!

ان شعبنا خرج على الديكتاتور السفيه البشير وعصابته ..رافضا للفساد والمصروفات العبثية والبذخية على حساب شعب يموت اطفاله من العطش والجوع ..
فهل تغيرت فقط الوجوه وبقيت نفس المظاهر والسياسات؟
واين الشفافية والتقشف الحكومى الذى نادت به الثورة المجيدة التى خضبها شبابنا بدماؤهم الذكية؟ واين التضحية ونكران الذات.. التى كان ينتظرها الشهيد عبدالعظيم وهو ينظر الى ساعة معصمه …فى معركة راها فاصلة بين الحياة والموت ..دون التقاط الانفاس!

* مشهد اول واخير:
خرجت جموع شعبنا تردد فى كسلا ومدنى وسنار وعطبرة والابيض ودنقلا والفاشر ونيالا وكافة مدن وقرى السودان:

يا عنصرى يا مغرور كل البلد دارفور

لان البشير وزمرته من المغول جثموا على صدورنا ثلاثة عقود عضود باشعال نيران العنصرية والبغضاء فى كافة انحاء الوطن الذى كان اخضر ونريده ان يعود….

فيا ابن الفاشر ضع يدك فى يد ابن دنقلا وكسلا وسنار والابيض وكوستى ..وانهضوا بالوطن سويا بالحب والجمال..ولا تدعوا الساسة وتجار الحروب الذين لا يهمهم غير مصالحهم ..ان يشعلوا نيران جاهلة ..سوف تحرق حينها الجميع.

حرية
عدالة
مساواة

Loading

شارك على
أكتب تعليقك هنا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.