آخر الأخبار
The news is by your side.

رؤياي ورأي الأن  … بقلم: سعد محمد عبدالله .. السلام ضرورة إنسانية

رؤياي ورأي الأن  … بقلم: سعد محمد عبدالله .. السلام ضرورة إنسانية

ضرورة السلام لإنهاء معاناة النازحيين هنالك ضرورة إنسانية قبل أن تكون سياسية لوقف الحرب وتحقيق السلام الشامل في دارفور وجبال النوبة/جنوب كردفان والنيل الأزرق لكونها المناطق التي شهدت قتالا عنيفا في فترة الحكم الإنقاذي وكانت الأكثر تهميشا علي إمتداد تاريخ السودان الحديث، فالحروب التي قسمت السودان إلي دولتيين تكررت بشكل أعنف ضد السكان العزل في تلك المناطق المأزومة إقتصاديا وإنسانيا، ومن ينظر فقط لتقارير الهيئات الأممية والمنظمات الإنسانية حول عدد النازحيين السودانيين المهجريين قسرا بفعل الحرب من مناطقهم حتما سيشعر بآلامهم ومأساتهم التي وبكل تأكيد تزيد أكثر بكثير علي أرض الواقع مما يتصوره المرء بقراءة تقارير المنظمات الحقوقية والإنسانية ومطالعة “مانشيت” عريض علي صحيفة ورقية او إلكترونية مهتمة بمسائل إنتهاكات حقوق الإنسان، فالأمم المتحدة وفي تقرير العام 2018م ذكرت تزايد عدد النازحيين جراء إشتداد الحرب وقد تجاوز العدد (24) ألف نازح شردتهم الحكومة بقصف طائرات الإنتينوف والدبابات والرشاشات وهذا التعداد جزئي وليس كلي في إعتقادي ونظرتي لموضوع النزوح الجماعي، وكان النظام يتعامل وكأن تلك المناطق لا صلة لها بخارطة السودان وليس لشعبها حق الحياة والإنتماء لهذا الوطن وإن كانت الإبادة الجماعية في الأصل والعرف الإنساني والمواثيق الدولية تمثل جريمة كبرى تستوجب أن يحاسب مرتكيبيها مهما كانت رتبهم، ولا حق لحكومة علي إمتداد العالم أن تقتل شعبها وتشردهم وتنكل بهم وتحول حياتهم من الأمن إلي الفوضى ثم تأتي بعدها حكومة تعيق تقديم الجناة للعدالة الدولية، والإنقاذيين الإنقلابيين فعلوا كل تلك الممارسات السيئة دون أدنى مراعاة لحقوق الإنسان الأخلاقية والكونية فقط هدفهم تثبيت الحكم الإستبدادي والإيدلوجية الإسلاموية الظلامية القائمة علي التسلط وقهر الإنسان، فالذين قاموا بتوزيع صكوك “الحياة والموت” لإرضاء رغباتهم السلطوية بعقليات “مصاصي الدما” لم يتم القصاص منهم بعد، وضحاياهم ما زالوا يفترشون الأرض وينامون داخل “الخيام إن وجدت” والتي لا تتسع لحمل أحزانهم الثقيلة وعند إسيقاظهم يربطون علي بطونهم ليدخلوا في معركة ضارية مع الجوع والعطش إضافة للأمراض المتفشية داخل معسكرات النزوح، وظل النظام البائد يعطل “عن قصد” عملية المفاوضات ويمنع الغوث الإنساني عن هؤلاء المحروميين طوال الفترة الماضية وقد قام بطرد المنظمات الإنسانية وحجب الإعلام الحر لتضليل العالم عن جرائمهم ومأساة أولئك الناس، وفرح النازحيين بقيام ثورة ديسمبر المجيدة وشاركوا فيها رغم معاناتهم من أجل رد حقوقهم القانونية وصولا لبناء دولة المواطنة بلا تمييز التي لا يقتل فيها أحد، لكن يبدوا أن الجهات المعادية للسلام لا تكف عن وضع المتاريس علي دروب النازحيين والمهمشيين لمنعهم من بلوغ أبسط أحلامهم.

إننا أمام كوارث إنسانية كبيرة جدا وشديدة الخطورة علي مستقبل الشعب السوداني، فقد أنتج التهميش حربا أدت لنزوح الملايين وأفرزت حالة إنسانية متدهورة في مناطق الحروب، وهنالك أطفال ونساء وكبار سن باتوا خارج صياغ التاريخ وتحت خطوط الفقر والجهل وقسوة الحياة المعيشية وسط مساحات مفخخة بالقنابل، وما زالت العملية التفاوضية رهن “زمن إضافي ومطاطي” وليس التأخير في صالح النازحيين ولا الوطن مع إنشغال بعض القوى السياسية بتقاسم مقاعد الحكم الإنتقالي، ونحن علي أعتاب أول أعياد ثورة ديسمبر المجيدة التي ساهم فيها النازحيين مع كافة المهمشيين علي طول وعرض السودان يحق لنا أن نوجه سؤال هل تحقق حقا شعار الثورة “حرية سلام وعدالة” بعد أن مر عام “بالتمام والكمال” علي ثورة ديسمبر؟ والرد علي هذا السؤال يجب أن يكون صريح من قبل الثوار الحالميين بسودان جديد حر وديمقراطي والحكام المنوط بهم وضع حل سياسي لمشكلات المواطنيين، فالسلام هم يشغل أذهان النازحيين والمهمشيين قبل كل شيئ، ولا يمكن الوصول لسلام شامل إذا لم تتحرك حكومة السودان الإنتقالية والإتحاد الافريقي والإتحاد الاوروبي ومجلس الأمن الدولي والولايات المتحدة الأمريكية وكافة الوسطاء والشركاء المحليين والإقليميين والدوليين، فحياة النازحيين علي المحك، وعملية التغيير تسيير ببطئ، والثورة المضادة تحدق بالسودان وتهدد مستقبل ضحايا الحكم الإنقاذي وهي لا تقل خطورة عن طائرة تقصف وتحصد أرواح العشرات في أقل من “دقيقة” ويجب أن نتذكر أن الإنسانية أقدس من السياسة، وأن الخطر الذي تواجهه مناطق الحروب قد ينتهي بكارثة جديدة فوق الكوارث الحالية، وكان بالإمكان تجنيب السودان حالة الضعف التي يعيشها إذا تم التوصل لسلام عاجل، لكن رغم كل ما حدث في عام الثورة الذي عشناه نرى أن الفرصة ما زالت متاحة أمام جميع السودانيين لتحقيق تسوية تاريخية شاملة لمشكلات الدولة السودانية، وآمال السودانيين خاصة النازحيين معلقة فوق سماء مدينة جوبا عاصمة جمهورية جنوب السودان التي تحتضن منبر التفاوض الذي من المتوقع أن يعاود جلساته مطلع الشهر القادم، وفي شهر الثورة وعيد ميلادها الأول علي كافة أطراف العملية التفاوضية النظر بجدية فقط فيما ينتظره الفقراء والكادحيين والنازحيين كأولوية في أجندة السلام، وحل القضايا الإنسانية هو الأساس الذي يسهل الحلول السياسية ويقود الثورة إلي غاياتها، وظللنا نردد أن تجنيب القضايا وعزل قوى الكفاح المسلح سيزيد من تضخم الأزمة الوطنية، وأن لا حل لمشكلة السودان إلا بمخاطبة جزور الأزمة وإزالة كافة مسببات الحرب والدخول في سلام حقيقي يستجيب لمطالب المهمشيين، وكنا نأمل في الإحتفاء بالذكرى الأولى لثورة ديسمبر وبلادنا في رحاب السلام الشامل والعدالة والديمقراطية، لكن الحلم الذي فينا لا يندثر مهما أظلم الليل وطال.

إن السلام الذي ننشده لا يتوقف عند حدود وقف إطلاق النار وتوفير الغوث الإنساني من الغذاء والماء والدواء والتعويضات الفردية والجماعية وإعادة توطين المهجرين قسرا في مناطقهم الأصلية وإطلاق سراح المعتقليين وتأمين مسارات ومواقع الرعي للرحل وضمان عدم تصادم الراعي والمزارع ونقل خدمات المدن للأرياف وبناء المصانع في مواقع الإنتاج والمشاركة السياسية في إدارة السودان فقط رغم انها حقوق واجبة التحقيق ولا تنازل عنها، بل نأمل في الوصول لسلام إجتماعي وعدالة الدولة تجاه مكوناتها لننهي ظاهرة العنصرة المنتشرة في الفضاء العام والخاص، فما حادثة إستقالات طلاب دارفور بدنقلا إلا تجلي للعنصرية في بداية عهد “سودان الثورة” وقد أعادة للأذهان صورة “طبق الأصل” من حادثة إستقالات طلاب دارفور من بخت الرضا بسبب عنصرة المؤسسة التعليمية المسيسة في عهد الإنقاذ الإستبدادي، فعنصرية الفرد تشوه الدولة والعكس كذلك، ويمكن أن نطلق علي ظاهرة العنصرة وصف “طاعون العصور” ولن تتقدم البلاد إلا بالإعتراف بالتنوع وإحترامه والإعتزاز به، وهنا لا بد من إلإستشفاء من داء العنصرة بمشروع وطني جديد يحدث تغيير في البنية الإجتماعية والثقافية والدستور لصالح ترسيخ قيم السلام والتسامح، وكما قال القائد الثوري الحكيم جون قرنق “قبل كل شيئ علينا أن نتقبل أنفسنا كسودانيين أولا” وقد أثبتت الأحداث الآنفة والآنية بأن مفهوم “السودانوية” هو الحل الذي يسطيع أن يوحد السودانيين بمختلف أجناسهم وثقافاتهم وأديانهم وتوجهاتهم الفكرية والسياسية، وأن التمايز العنصري وخطاب الكراهية هو السبب الذي أجج الصراعات العرقية والجهوية وبموجبه ظهرت التيارات القومية الإنفصالية التي تتعامل مع الواقع السوداني بفكرة “الفعل وردة الفعل” دون أن تطرح حلول موضوعية تعالج الخلل الحاصل ما شكل خطرا حقيقيا علي وحدة الشعب والسودان، والحكومة الحالية مطالبة بتمهيد أرضية بناء دولة السلام والعدالة والمواطنة بلا تمييز، والتقصير في مسألة ربط التحولات الديمقراطية بحل مشكلات النزوح والتهميش بسلام مستدام ستكون عواقبه وخيمة علي حاضر ومستقبل دولة السودان، فالثورة قد نجحت في إسقاط نظام الفساد والإستبداد والمرحلة الحالية تحتاج لخطط جديدة تعيد بناء السودان بالأسس الصحيحة التي لا إقصاء فيها، ونتوقع نجاح المفاوضات المنتظرة في تلبية تطلعات وأشواق السودانيين والنازحيين الذين لا يستطيعون تحمل الشقاء أكثر من ثلاثيين عام خلت وعام طويل بعد الثورة، وفرصة الوصول إلي السودان الجديد متاحة أمامنا ويجب إغتنامها، وسنعمل بكل طاقاتنا لبلوغ الأحلام “الديسمبرية” التي هتفت من أجلها الجماهير في مواكب المجد وساحة إعتصام القيادة العامة وقالوا “الشعب يريد بناء السودان الجديد” وهو سودان السلام والحكم المدني الديمقراطي والوحدة في التنوع.

Loading

شارك على
أكتب تعليقك هنا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.