آخر الأخبار
The news is by your side.

للعطر افتضاح  … بقلم: د. مزمل أبوالقاسم  .. هدف عكسي جديد

للعطر افتضاح  … بقلم: د. مزمل أبوالقاسم  .. هدف عكسي جديد

* القرار العجيب الذي صدر من وزارة الصحة الاتحادية، وقضى بإعفاء مدير عام وزارة الصحة في ولاية الخرطوم من منصبه يمثل مصيبةً كبيرةً، لا لأن المعني به لا يستحق الإقالة، ولكن لأنه صدر من جهة غير مختصة، لا تدرك حدود صلاحياتها، ولم تكلف نفسها عناء الاطلاع على الوثيقة الدستورية التي تحكم الفترة الانتقالية، مع أنها تحوي ست عشرة صفحة لا أكثر.
* قرار سليم صدر بطريقة خاطئة، عواره ظاهر حتى للمواطن العادي بالعلم العام، إذ لا يوجد من لا يعرف أن السودان يُحكم لا مركزياً، وأنه مقسم إلى ولايات، تُدار كل واحدة منها بحكومة يقودها والٍ، يباشر مهامه بمساعدة وزراء ولائيين، يعينهم الوالي، وليس المركز.
* سلطة تعيين مدير ووزير الصحة الولائي معقودة للوالي، لا لوزير الصحة الاتحادي، لذلك استغربنا صدور قرار الإقالة من الوزارة الاتحادية، التي تجاهلت كل الترشيحات التي وردتها لمنصب الوكيل، وأسندته لمن لا تستحقه.
* كثيرون كتبوا عن الأخطاء التي يرتكبها بعض مسؤولي حكومة د. حمدوك، ويستغلها معارضوها لوصمهم بقلة الخبرة، وضعف الكفاءة، ونجزم أن القرار الذي عرضنا إليه في هذا المقال يقدم لشانئي الحكومة ومترصديها هديةً ثمينة، يدللون بها على صدق ما نسبوه لحكام الفترة الانتقالية.
* من تلك الهفوات تصريح وزير الشؤون الدينية عن عودة اليهود السودانيين، وإقدام وزيرة الشباب والرياضة على افتتاح دوري كرة القدم النسائي، ومبادرتها بزيارة المدينة الرياضية لأخذ مقاييس الملعب بصحبة حكم متقاعد، وتصريح وزيرة التعليم العالي عن (الكنس والمسح)، وتصريح وزير المالية حول بيع مقرات حزب المؤتمر الوطني قبل حله، وتكليف لجان المقاومة بمراقبة توزيع السلع الأساسية، وما إلى ذلك من (جلطات)، تشبه الأهداف العكسية التي يسجلها المدافعون في مرماهم، بما يسمى (النيران الصديقة) في عالم كرة القدم.
* حمل القرار توقيع الوزير، لكن حرف العين الذي سبق التوقيع دلَّ على أنه صدر من وكيلة الوزارة، التي تشير سيرتها الذاتية إلى أنها تخرجت في كلية الصيدلة عام 2005.
* ضعف الخبرة وعدم المعرفة بالنهج الذي تحكم به الدولة واضح من سياق قرارٍ مارست به الوكيلة سلطةً لا تنعقد إليها، وارتكبت به خطأً ساذجاً، يدل بدءاً على خطل الاختيار، وعدم التدقيق في اختيار من يشغل أقيم منصب إداري، في أهم الوزارات الخدمية.
* هناك عُرف اكتسب قوة القانون، ظل مرعياً في وزارة الصحة باستمرار، وقضى بإسناد منصب الوكيل لأحد أقدم اختصاصيي الصحة العامة في الوزارة، للاستفادة من خبراته في مجالي الطب والإدارة معاً، ولكي تكتسب قراراته الاحترام اللازم من كل العاملين في المجال الصحي، واختيار الوكيلة الحالية انبنى على مجاملة وترضية سياسية الطابع، ومعلومة الدوافع.
* تجاهل ذلك العرف بإسناد المنصب لغير مستحقه تسبب في الحرج الذي تعرضت له الوزارة، علماً أننا نثق تماماً في أن والي الخرطوم المكلف ما كان سيعارض إعفاء مدير عام وزارة الصحة بولايته، لو خاطبته الوزارة الاتحادية بالمآخذ المحسوبة عليه.
* بابكر محمد علي، ومحمد عباس فوراوي وبقية أفراد (فريق حميدة) الفاشل في وزارة الصحة بولاية الخرطوم، يستحقون أن يلحقوا من أتى بهم إلى مناصبهم، بإقالة تلبي مطالبات غالب العاملين في الحقل الصحي بالولاية، وتتناسب مع إخفاقاتهم الكبيرة، ودفاعهم المستميت عن وزيرهم المستثمر ومؤسساته، وقد سبق للوزارة في عهدهم أن نشرت إعلاناً مدفوع القيمة في الصحف، تبشر فيها بشطب دعوى قضائية رفعتها ضد جامعة مملوكة للوزير، بعد أن بادروا بالدفاع عنها حتى ظننا أنهم يعملون في الجامعة لا الوزارة.
* يستحقون الطرد من مناصبهم، لكن إقالتهم يجب أن تتم بطريقةٍ صحيحةٍ، وبأمر الجهة المختصة، لا بواسطة وكيلة وزارة تفتقر إلى الخبرة، وتجهل أن الدولة التي تحتل أحد المناصب الحساسة فيها تُحكم لا مركزياً، وتلك مصيبة في حق حكومة حمدوك، برغم اجتهاد رئيس وزرائها في ستر عورة القرار الأشتر، بتفويض سلطة إعفاء مديري الصحة في تسع ولايات إلى الوزير الاتحادي، الذي تجاهل كل الترشيحات التي وصلته لمنصب الوكيل، ومارس مجاملةً كلَّفته هدفاً عكسياً، استلزم من حمدوك التدخل لمعادلته في الزمن الصعب.

Loading

شارك على
أكتب تعليقك هنا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.