زيارة حميدتي الي موسكو ،،، هل أخطأ بذلك الجنرال التقدير

زيارة حميدتي الي موسكو ،،،
هل أخطأ الجنرال التقدير

كتب : الفاتح داؤد

رغم التسريبات الإعلامية الشحيحة حول الدواعي السياسية لزيادة حميدتي ، إلي روسيا، إلا أن سياق وتوقيت الرحلة ،قد فتح الأبواب أمام المحلليين والمراقبين لقراءة الحدث من زوايا متعددة،خاصة وأن الزيارة جاءت بالتزامن مع التطورات التي تشهدها العلاقات الروسية الغربية علي خلفية الأزمة الأوكرانية،التي حتما سوف تلفي بظلالها السالبة علي المشهد الداخلي ،وربما علي المستقبل السياسي لقائد قوات الدعم السريع .

مما لاشك فيه فقد إختار السياق و التوقيت الخطأ، حيث تبدو روسيا التي تقاتل في عدة جبهات مفتوحة ضد الغرب في حاجة إلى حشد التأييد في معركة كسر العظم التي تخوضها ضد الغرب ، الذي فرض عليها حزمة من العقوبات الإقتصاد، شملت تحجيم معاملاتها الإقتصادية والمالية مع أوربا والولايات المتحدة،فضلا عن سلسلة من الإجراءات الدبلوماسية لتجحيم نفوذها حول العالم ، من خلال توجيه حلفاء وأصدقاء الغرب الدوليين بعدم تقديم أي شكل من أشكال الدعم السياسي أو الدبلوماسي للحكومة الروسية.
لذالك لايمكن قراءة زيارة دقلو ، إلي مؤسكو، إلا في سياق سعي الرجل نحو بناء تحالفات جديدة تعبد الطريق أمام تطلعاته السياسية،وتساهم في تقديمه إلي العالم بعيدا عن شخصية أمير الحرب قائد المليشيا، رغم أن هذه الخطوة تشكل بلا شك مصدر إحراج سياسي بالغ لحلفاءه الخليجيين اكثر من غيرهم ، نظرا للمصالح الإستراتجية والإرتباطات التأريخية، التي تربط بين الولايات المتحدة الأمريكية والمنظومة الخليجية،التي ظلت تشكل الغطاء المالي والسياسي لقوات الدعم السريع.

كما ساهمت دول الخليج في قنوات الإتصال وهندسة التعاون بين قوات الدعم السريع والإتحاد الأوروبي في مجال مكافحة الهجرة غير الشرعية والإتجار بالبشر ، فضلا عن فتح فضاءها الإعلامي في تسويق القيادات العسكرية التي أطاحت بالبشير، لضمان بقاءها ضمن معادلة الشراكة السياسية،وفي مقابل ذلك سعي حميدتي ، إلي تعزيز وتوطيد التعاون مع محور (الإمارات – السعودية) واضعا قواته في خدمة التحالف الخليجي في حرب اليمن ، وقد أغدق عليه التحالف الأموال بسخاء،حتي تكونت للرجل إمبراطورية مالية ضخمة، قوامها الإستثمار في جميع القطاعات الإقتصادية،وفيما نجح إستغلال إنشغال الجيش والمنظومة الأمنية بالأوضاع السياسية، في بناء قواته وإعادة تموضعه في المواقع الإستراتجية ، حتي بات في موقع الندية وقوة موازية للقوات المسلحة ،رغم أنف قانون التأسيس الذي حدد صلاحياتها وشروط تسليحها،وقد ساعده وضع المؤسسة العسكرية الضعيف في فرض شروطه، ورفع سقوفاته السياسية،ولكن يبدو واضحا أن الفريق الإستشاري لدقلو ، لم يتحسب جيدا لردود الأفعال الغربية من زيارة موسكو التي علي الأرجح سوف تنحصر في تجفيف مصادر التمويل المالي ونزع الغطاء السياسي عن قوات الدعم السريع ،كما لايستبعد أن تسعي الولايات المتحدة وحلفائها إلي فرض مزيد من الضغوط السياسية والدبلوماسية، من خلال توجيه المنظمات الحقوقية في رصد إنتهاكات قوات الدعم السريع، إضافة إلى إعداد لائحة من العقوبات علي القبادات العسكرية ، أو الضغط في إتجاه دعم قيادة الجيش لقطع الطريق أمام طموح حميدتي ، الجارف للوصول إلي السلطة ، كما لايستبعد مراقبون أن حميدتي ، بهذه الخطوة قد وضع نفسه في معركة غير متكافئة سياسيا مع الدوائر العالمية والإقليمية المسيطرة على القرار العالمي،بعد أن أصبح سلوكه السياسي يشكل عبئا على حلفائه ،كما يبدو أن الرجل لايملك مشروع سياسي واضح يمكن التعويل عليه مستقبلا ،لأن كل السيناريوهات تمضي في إتجاه خروج الرجل من المشهد طوعا أو إجبارا، ،كما يبدو أن الرجل قد أخطأ التقدير في التعويل علي قوته العسكرية مقارنة بالجيش (قدرات وتسليح )، خاصة بعد أن فشل في زيارته السابقة إلي تركيا التي كان يرغب من خلالها ، في إبرام صفقات تسليح نوعية ، إلا أن طرف ما تدخل في إجهاض الصفقة.

عموما حميدتي ، فإن إختار لهذه الخطوة القفز في الظلام ،دون تقدير موطئ قدمه ، وأن كل السيناريوهات أمام مستقبله تبدو قاتمة ،لذالك تبدو الخيارات أمامه صعبة ،إما دمج قواته في الجيش مع وجود قيادة موحدة، أو تكوين تحالف سياسي عريض لدخول الإنتخابات القادمة ، أما إذا اختار سيناريو المواجهة،فان تلك معركة خاسرة و يبدو الثمن فيها باهظا ومكلفا .

شارك على
الجنرالحميدتيزيارةموسكو
Comments (0)
Add Comment