التمييز الإيجابي في المظالم التأريخية وآليات البحث الحلول بجنوب دارفور

التمييز الإيجابي في المظالم التأريخية وآليات البحث الحلول بجنوب دارفور

تقرير: حسن إسحق

أقامت منتديات معهد دالي بولاية جنوب دارفور ، السبت ، الحادي والعشرين من يناير الماضي ، منتدي لمناقشة كتاب التمييز الإيجابي في المظالم التأريخية.

يقول المتحدث الرسمي المحامي عبدالباسط ، أن التأريخ السياسي السوداني منذ ما قبل الإستقلال، شابته العديد من التجاوزات والظلم الذي تأسس علي أساس العرق واللون والمناطقية أيضا، والدولة المركزية مارست التهميش الممنهج ضد المجموعات التي لا تنتمي الي الآيدولوجية الإسلامو – عروبية، وعملت علي إبعادهم من كل مراكز إتخاذ القرار ثم المشاركة في صناعته، هي أولي البذور لإندلاع الحرب الأهلية في جنوب السودان قبل عام من إستقلال السودان من التاج البريطاني، والدولة تمارس التمييز الواضح ضد أبناء الوطن في العديد من مؤسسات الدولة المتمثلة في عدد من الكليات البارزة، والدولة ترفض قبول كل تنوع المجتمع السوداني.

أوضح المتحدث ،أن مشكلة وأزمة السودان الرئيسية تكمن في جامعة الخرطوم، والسودان ليس له جيش وطني حتي الآن، بل مجرد بيوتات لها مصالح مشتركة من الناحية السياسية والإقتصادية.

يوضح أن المؤسستين في إشارة إلي الكلية الحربية وجامعة الخرطوم، تسببت في الإختلالات المؤسساتية والتنموية، وغيرها من المشاكل الأخري، وكان هناك غياب واضح للرؤية في كيفية إدارة السودان بعد خروج الإستعمار،  ،أن مفهوم التمييز الإيجابي قائم علي إيجاد فرص للمهمشين في هذه المؤسسات.

يضيف المتحدث في ذات السياق أن المؤسسات الأخري للدولة تمارس الإقصاء المتعمد والتهميش وإستبعاد ناس معينين  حتي لا يصلوا إلي مراكز إتخاذ القرار، علي أساس جهوي وعرقي وإلي آخره، ومشكلة الدولة في عكس تنوع وتعدد السودان، والتلفزيون لا يساعد في نشر ثقافة إنسان الإنقسنا، لكن يساهم في نشر ثقافة الوسط، هذا يمثل نشر أحادي التوجه في التلفزيون القومي، وهذا جعل السودان، من الناحية الوجدانية ليس متوحدا، ويطرح سؤال، كيفية إيجاد معالجة لكل هذه الإختلالات والمشاكل؟.

يعتقد أن هذا هو السؤال الذي يجب أن يجد حظه في المناقشة، يوضح أن مشكلة السودان متوارثة، والمعالجات في برنامج التمييز الإيجابي تقوم علي معالجة الإختلالات مع المظالم التأريخية التي تعرضت لها هذه المجموعة المهمشة تأريخيا في السودان، وشكل الظلم والإضطهاد شكل الإستبعاد المتعمد من جهاز الدولة، ثم معالجة الإختلالات علي مستوي السلطة،  وأن الفرز الثقافي والإثني داخل مؤسسات الدولة، حتما يقود إلي تقليل الفرض والوظائف لسكان الأقاليم الاخري، ويؤدي إلي عدم العدالة في التوظيف، وكرر لا توجد عدالة في توزيع الفرص الوظيفية في السودان، بالأخص وزارة الخارجية والداخلية والكلية الحربية إضافة إلي وزارة العدل، مشيرا إلي إنتهاكات أفراد جهاز الأمن والمخابرات العامة في العهد السابق، وصفه بالجهاز الجهوي الذي يستخدم موارد الدولة في إنتهاك حقوق الذين يعارضون هذه الحكومة الظالمة.

الجيش السوداني علي منهج كلية كتشنر:

في هذا المنتدي إنتقد المحامي  والمدافع عن حقوق الإنسان عبد الباسط الحاج ، مؤسسات الدولية الرسمية في ممارسة التمييز علي أساس العرق والثقافة وتنتمي إلي جهات جهوية معروفة للجميع، يعتقد أن ذلك ساهم في تعقيد المشكلة السودانية، ما أدي إلي إنفصال جنوب السودان، وكذلك إندلاع الحرب في إقليم دارفور، وأعطي مثالا لتلك المؤسسات، الكلية الحربية وكلية الشرطة وأيضا وزارة المالية ووزارة الخارجية، ويشير إلى أن الدولة ترفض قبول كل تنوع المجتمع السوداني في هذه الوظائف، وعزي ذلك إلي إحتكار مجموعات لهذه المؤسسات تربطها مصالح إجتماعية -إقتصادية وثقافية التي ساهمت في تشكيل نموذج الدولة القائم الآن، ويضيف أن هذه السياسات وضعت، في حال تخرج الفرد من كلية العلوم بجامعة الخرطوم، إذا لم يكن من جهات جغرافية محددة أو ينتمي إلي عرقيات معينة، حسب التصنيف المعروف منذ عقود، لن يتم قبول الفرد، ما لم تتوفر للفرد ’’ الواسطة‘‘، ويكرر أن القبول في الكلية الحربية والشرطة لا يتم إلا بالواسطة، في الكلية الحربية، أسر معينة يجب أن تسيطر علي الكلية الحربية، وبنفس الطريقة أسست جامعة الخرطوم، كلية غردون التذكارية.

يعتقد أن مشكلة السودان تكمن في جامعة الخرطوم والكلية الحربية، ونظام الجيش يعمل علي غسيل أدمغة الطلاب الحربيين علي أنهم الأفضل والأجدر في قيادة البلاد، بدل المدنيين العاديين، ونواة الجيش الحالي أسست علي طريقة منهج كلية كتنشر، ويري أن السودان ليس له جيش وطني حتي الآن، ويكرر بل هي بيوتات له مصالح مشتركة إقتصادية واجتماعية فيما بينهم.

تغطية الفراغ في الوظائف الحكومية:

يضيف عبد الباسط ، أن طالب الكلية الحربية يعتقد أنه افضل من مدنيي جامعة الخرطوم، والطالب الحربي يعتبرهم مجرد ’’ ملكية ساي‘‘، بنفس الطريقة، طالب كلية غردون التذكارية الذي تمثله جامعة الخرطوم  الحالية، فاشل من الناحية السياسية، إلا حالات نادرة للغاية، والراحل حسن الترابي ، الذي سبب كوارث في السودان، هو خريج جامعة الخرطوم، وكان الغرض من كلية غردون تغطية الفراغ في الوظائف الحكومية التي تركها ذهاب المستعمر عام 1956، ويشير إلي أنهم أصحاب دواوين فقط، ونظرتهم للسودان كانت قاصرة، مبنية علي حسب توجهات المستعمر البريطاني، وهي نفس العقلية التي كان يتعامل بها مع بقية مناطق السودان، ورثت إلي النخب السودانية التي شكلت الأحزاب السياسية والدولة ومؤسساتها، يوضح أن المؤسستين في إشارة إلي الكلية الحربية وجامعة الخرطوم، تسببت في الإختلالات المؤسساتية والتنموية، وغيرها من المشاكل الأخري، وكان هناك غياب واضح للرؤية في كيفية إدارة السودان بعد خروج الإستعمار، لذلك في إعتراض علي إعادة هيكلة الجيش السوداني، ومن الناحية المبدئية الجيش السوداني ليس جيشا قوميا، وعقيدته ليست عقيدة وطنية، خلال الست عقود، لم يحارب السودان خارج حدود الوطن، إلا في الحرب في الفشقة مع الجارة إثيوبيا، هي لم تؤسس كي تلعب الدور الأساسي لها، بل هي مؤسسة تعمل من أجل الإستمرار في الحكم، تزاحم الأحزاب في ممارسة السياسة، وتمارس سياسة أكثر من الأحزاب والمدنيين أنفسهم.

التهميش والإقصاء في مؤسسات الدولة:

في ذات السياق يوضح عبدالباسط ، أن المؤسسات الأخري للدولة تمارس الإقصاء المتعمد والتهميش وإستبعاد ناس معينين  حتي لا يصلوا إلي مراكز إتخاذ القرار، علي اساس جهوي وعرقي وإلي آخره، ومشكلة الدولة في عكس تنوع وتعدد السودان، والتلفزيون لا يساعد في نشر ثقافة إنسان الأنقسنا، لكن يساهم في نشر ثقافة الوسط، ويري أن هذا يمثل نشر أحادي التوجه في التلفزيون القومي، وهذا جعل السودان، من الناحية الوجدانية ليس متوحدا، ويطرح سؤال، كيفية إيجاد معالجة لكل هذه الإختلالات والمشاكل؟، يعتقد أن هذا هو السؤال الذي يجب أن يجد حظه في المناقشة، يوضح أن مشكلة السودان متوارثة، ويضيف هذا ما وقعت فيه التنظيمات السياسية بعد ثورة ديسمبر، وبعض الأحزاب السياسية تنظر إلي الأزمة السودانية، ما بعد سقوط الرئيس الأسبق عمر حسن البشير، وتعتقد أن بسقوطه، الأزمة إنتهت، ولا تري أن خلل للنازحين في معسكرات النزوح واللاجئين في الخارج، ولا تتطرق إلي المشاركة السياسية العادلة، وأوضح أن المعالجات في برنامج التمييز الإيجابي تقوم علي معالجة الإختلالات مع المظالم التأريخية التي تعرضت لها هذه المجموعة المهمشة تأريخيا في السودان، وشكل الظلم والإضطهاد شكل الإستبعاد المتعمد من جهاز الدولة، ومشيرا إلى أن من الإشكالات الرئيسية، هو عدم توفر فرص تعليمية متساوية لكل السودانيين، وعدم إتاحة الفرص المتساوية عدم مؤسسات الدولة السودانية، وهذا يتطلب معالجة الإختلالات علي مستوي السلطة.

الفرز الثقافي والإثني داخل المؤسسات:

يقول عبد الباسط في إشارة إلي سياق المؤسسات التعليمية، يجب وضع السودانيين في مستوي يجعلهم يتنافسون بالتساوي، مثل أقرانهم في مدارس الخرطوم، مع توفير بيئة دراسية وسهولة الوصول إلي التعليم بطريقة مجانية، وفرص مخصصة لهذه الادأقاليم في مؤسسات الدولة، وحسب إستراتيجية الدولة في محاربة في هذه الفوارق في كل المؤسسات القومية في البلاد، ويرفض أن يفرض المركز سياسته المركزية في دارفور، سواء كان علي مستوي مؤسسة الشرطة من ناحية الرتب العليا وفي الجيش، وهذا دليل علي عدم التمثيل العادل، أن الفرز الثقافي والإثني داخل مؤسسات الدولة، حتما يقود إلي تقليل الفرض والوظائف لسكان الأقاليم الأخري، ويؤدي إلي عدم العدالة في التوظيف، وكرر لا توجد عدالة في توزيع الفرص الوظيفية في السودان، بالأخص وزارة الخارجية والداخلية والكلية الحربية إضافة إلي وزارة العدل، مشيرا إلي إنتهاكات أفراد جهاز الأمن والمخابرات العامة في العهد السابق، وصفه بالجهاز الجهوي الذي يستخدم موارد الدولة في إنتهاك حقوق الذين يعارضون هذه الحكومة الظالمة، وهي سياسات نظام، يطالب عبد الباسط بتغيير هذا النظام، وبدون ذلك لن يحدث إستقرار في السودان اطلاقا، يوضح النظام الموجود منذ عام 1956 وحتي اليوم، في حال عدم حدوث أي تغيير فيه، وبعده تتشكل مؤسسات بحسب تطلعات الجيل السوداني المتعطش للديمقراطية والمواطنة المتساوية ثم المساواة وإلي آخره، من دون تستوعب الدولة هذه القيم، لا يمكن أن تتحقق دولة وطنية في السودان.

تفكيك العنصرية دخل المؤسسات :

يتساءل عبدالباسط، أين هذه  المؤسسات التي من خلالها التي تنفذ مثل هذه السياسات، وهل العنصرية المؤسسة داخل السودان، وجد القائم علي الأمر حلولا لها؟، ويطالب أن تفكك المؤسسات التي ساهمت في تأخير السودان، يستحيل الحديث عن تطبيق برامج سياسية، وتنفيذ برنامج وطني، أن مفهوم التمييز الايجابي قائم علي إيجاد فرص للمهمشين في هذه المؤسسات، وكذلك وضع مقاعد معينة في هذه المؤسسات لصالح المجموعات التي تم إستبعادها وتهميشها من ناحية تأريخية، يري أن التمييز الإيجابي في الولايات المتحدة الأمريكية التي شهدت تمييزا عنصريا ضد السود، وتم إستبعادهم في العديد من الكليات ومؤسسات الدولة في الوقت نفسه، الولايات المتحدة عينت وزير في الداخلية من السود العام الماضي، منذ 1965، وهذا ما كان ليحدث، لو ما طبق برنامج التمييز الإيجابي، وساهم مارتن لوثر كينج في إيجار الحكومة الأمريكية في إلغاء قانون التمييز العنصري، ورفع مستوي التعليم بين هذه الأقليات، بعناصر ذات كفاءة عالية، وإستطاع الأمريكان طوال هذه العقود إيجاد معالجة لهذه المشاكل المتمثلة في الإختلالات داخل مؤسسات التعليم والوظائف الحكومية، وهذا لا يعني أنهم عالجوها بشكل جذري، وأشار إلي مقتل الأمريكي الأسود جورج فلويد، وهناك مناقشات تدار، هل توجد سياسة التمييز حتي الآن الولايات المتحدة الأمريكية؟، في أحياء لا يسكنها إلا البيض وحدهم، ومجموعات كبيرة من السود لم يصل إلي التعليم، ومشاكل التفكك الأسري، يري عبدالباسط أن الحكومة الأمريكية إستطاعت أن تعمل موازنة إلي حد ما.

المشاكل العنصرية والتمييز :

يضيف عبد الباسط الوضع الأمريكي مع السودان متشابه من حيث التعدد والتنوع الإثني والعرقي والمجتمعي في السودان، في ظل تراكم المظالم، ربما يقود إلي المجموعات الأخري إلي المطالبة بالإنفصال، كما إختار جنوب السودان الإنفصال، في ظل معاناته من المشاكل العنصرية والتمييز، ويناشد بوضع سياسة تعالج مثل هذه المشاكل في الدولة السودانية القادمة، يستحيل التأسيس لوحدة حقيقية، ويطالب بإستمرار سياسة التمييز الإيجابي، وتستمر بحسب ظروف الدولة، وتطبيقها يتطلب الرجوع إلي سجل التوظيف منذ 1956، وكذلك فرص التعليم، أشار عبدالباسط إلي أربع أساسيات في برنامج التمييز الإيجابي.

العنصر الأول فيها الإرادة السياسية، والإصرار علي قضية توزيع الثورة التي تكدست في أيادي جهات معروفة، والطبقة الحاكمة تضع في إهتماماتها برنامج التمييز الإيجابي في الإعتبار.

أوضح العنصر الثاني يتمثل في الإنتقال السياسي، وانتقال من جميع الأطراف، بما فيها المؤسسات العسكرية صاحبة هذا الخلل، وأن يكون لها إرادة تحقيق الإنتقال في السودان.

والعنصر الثالث يتمثل في المشاركة السياسية، وكل الثورات التي قامت في السابق، أسقطت عامل المشاركة السياسية لكل الضحايا وأصحاب المصلحة، ويتساءل أين النازحين من العملية السياسية الجارية الآن؟، والنخب تضع في إعتبارها ما يريده أولئك، ويشاركوا بشكل مباشر أو غير مباشر للتعبير عن مصالحهم، وأن تكون عادلة.

والعنصر الرابع، برنامج البناء الوطني، يتوافق عليه الجميع، هذا البرنامج يساهم في إعادة بناء الدولة تعبر عن التنوع السوداني العريض.

شارك على
آليات البحث الحلولالتمييز الإيجابيالمظالم التأريخيةجنوب دارفور
Comments (0)
Add Comment