آخر الأخبار
The news is by your side.

وقفات مع الرفيق الحركي والثائر السناري أحمد”حنفلة”

وقفات مع الرفيق الحركي والثائر السناري الضليع أحمد يحيى “حنفلة”

(3)

سعد محمد عبدالله

●توطئـــة:

•لحن وشجن ما بعد وداع مناضل:

صوتاً ما تجيش به عمائق أفئدتنا المُرتجفة؛ كأنه يردد أغنية موسم الحزن المموسقة باسم الرفيق ” أحمد يحى حنفلة”، وكلما دارة عقارب الساعة حولنا ينسدل الشفق علي وجه السماء المُحَّمرة، ونطبق بأيدينا علي جمر الصمت في عالم مُوحِش جدًا، ونحبس أنفاسنا بذكراه حين تدق من جديد ساعة النضال علي آذان الرفاق في طريق مشيناه سوياً ذات يوم وما زلنا عليه، واليوم يلوح رفيقنا “حنفلة” بشارة الوداع الأخير ليسكن باطن الأرض بسلام، وقبل ذلك “يقول لرفاقه الباقون علي سطح الكوكب” في تلك اللحظة المفصلية “لا تحزنوا؛ الفجر المأمول سيأتيكم، ولنواصل رحلة العبور نحو فضاء السودان الجديد؛ فكونوا كما عرفتكم وأتمناكم”، ونحن نجيبه في صمتنا الرهيب “أيا رفيق الدرب هذا الطريق شاق، والزمان أضحى ملبدًا بالشجون، وما أوحش الفراق وبؤس الفراغ؛ فكيف نسير بلاك؟”، ولكنا تعلمنا دروس الحياة والصمود أمام الرياح العاتية والآتية من جديد، ويملئنا السلام آمالاً لغدٍ نوره ينبلج علي بلادنا وشعبنا باسماً في ثياب الطهر والنقاء، ويحمل من قلبك كل البشريات لشعبنا في الريف والمدن المريفة، والكادحيين والنازحيين واللاجئيين جميعهم في إنتظار الإنتصار والإحتفاء مع رفاق الطريق الذين ناضلوا لجعل العالم أوسع وأزهر مما هو الآن، ومنهم من رحلوا من عالمنا العجيب كما رحل الرفيق “أحمد حنفلة” ذلك المناضل الحركي والثائر السناري الصنديد والصامد والحالم بميلاد السودان الجديد.

●رؤيـــة:

•تأملات علي دفاتر تاريخ المناضل:

نحن اليوم نحفر ذاكرة التاريخ من جديد بينما نمر علي ذكرى الرفيق “أحمد يحى يونس”، الذي رحل إلي عالم الخلود في صبيحة 13 فبراير – 2023م بالخرطوم، ونقطع تذكرة المرور إلي عوالم رفيقنا الذي يعتبر من أصلب المناضليين بولاية سنار، وعرفته الساحات والمحافل الثورية والسياسية السنارية مناضلاً طويل الباع وعالٍ الكعب وباذخ العطاء في سبيل التحرر والتغيير وبناء سودان السلام والديمقراطية والمواطنة المتساوية للجميع، وقد وهب حياته للكفاح مع المهمشيين والكادحيين من أجل إستعادة حقوقهم السياسية والمدنية وتحقيق تطلعاتهم في دولة السودان الجديد التي يؤمن بميلادها طال الزمان أم قصر، ورحل قبل أن يتحقق ما رام قلبه وعقله للسودان، ونحن هنا نودُ أن نفتح واحدة من صفحات كتاب الرفيق “أحمد حنفلة” لقراءة أسطر من سيرة مسيرته وتخليد ذكراه العطرة، ونقف عند أهم المحطات التي مر بها في حياته تلك، وتكوين فكرة عن شخصية سنارية عظيمة جدًا أعطتنا الكثير من القيم النبيلة في تمسكه بمبادئ السلام والإنسانية قبل كل شيئ كما مقاومة كل أشكال الدكتاتورية في عهود وأزمنة مظلمة ألجم فيها نظام الطغاة والبغاة ألسنة الكثيرين، ولم يستطيعوا إطلاقاً إلجام لسانه الطلق والمتحرر من كل القيود.

●سيـــرة:

•لمحات من السيرة الذاتية للمناضل:

ولد الرفيق “أحمد يحى يونس خميس المشهور بـ”أحمد حنفلة” عام 1975م في مدينة أبو حجار بولاية سنار، والتي عمل بها وعاش حياته، وتنحدر أسرته الكبيرة من محلية كبكابية باقليم دارفور، وهو متزوج، ولديه ثمانية من الأبناء والبنات هم “يحي والطاهر وأم كلثوم وحليمة ومحمد وموسى وفاطمة وحواء”، وتعلم منذ صغره السير في دورب الأعمال السياسية والإجتماعية والثقافية والرياضية، وله في كل درب بصمات لا تنسى، وقد عمل في مهن الزراعة والتجارة، وكان ممن تركوا آثار واضحة في النضال إلي جانب طيف واسع من الفقراء والكادحيين وصغار العمال بولاية سنار من أجل حقوقهم، وإنخرط في صفوف الحركة الشعبية لتحرير السودان في بدايات العام 2004م قبل التوقيع علي إتفاقية نيفاشا، وذكر في مذكراته معلومة قيمة تحصلنا عليها بعد وفاته أن إنخراطه في هذا التنظيم يرجع لمساجلات سياسية جرت بينه والرفيق إسحق إبراهيم أبكر، والذي أقنعه برؤية السودان الجديد التي وضعها الدكتور الراحل جون قرنق دي مبيور، وقرر “كمرد حنفلة” الإنضمام للحركة الشعبية آنذاك مع عدد من الرفاق من أبناء أبو حجار.

ويعتبر الرفيق “أحمد حنفلة” من الرعيل الأول الذي إلتحق بالتنطيم قبل توقيع إتفاقية السلام، وتدرج علي السلالم التنظيمة حتى أصبح عضواً بمجلس تحرير محلية أبو حجار ثم مجلس التحرير الولائي، وخاض مع رفاقه معارك سياسية كبرى من بينها مظاهرات قوى المعارضة ضد إجازة البرلمان السوداني للقوانيين المقيدة للحريات عام 2009م، وإستبسل في إنتخابات العام 2010م، والتي تلاها الإستفتاء علي خياري “الوحدة أو الإنفصال لشعب جنوب السودان”، وعندما وقع الإنفصال وقرر النظام الإنقاذي الإسلاموي محاصرة دور الحركة الشعبية لتحرير السودان وحظر نشاطها وشن الحروب علي جبال النوبة/جنوب كردفان والنيل الأزرق كان الرفيق “أحمد حنفلة” من أوائل المعتقليين السياسيين بولاية سنار مع عشرات الرفيقات والرفاق، وقاوم السجن والسجان بضراوة ودون أن ترمش جفونه أو يلين أمام الإستبداد والقهر الممنهج، وبعد إطلاق سراحه لم يستكين بل واصل مشوار النضال للتحرير والتغيير وبناء سوادن جديد ديمقراطي وموحد.

وفي هذا المسار واجه العديد من عقبات الإعتقالات والإعتداءات بكل صنوفها، وكان من أوائل الذين تقدموا صفوف الثورة مع ثوار لجان المقاومة بأبو حجار وكافة المناضليين المؤمنيين بالحرية والسلام والعدالة، وعندما إنتصرت إرادة الشعب السوداني وسقط نظام 30 يونيو الدكتاتوري حمل رايات التنوير والكفاح من جديد لتحقيق السلام الذي كان يحلم بميلاده في السودان الجديد، وظل يتابع أخبار المفاوضات حتى تم التوقيع علي إتفاقية جوبا لسلام السودان، وأبهج بذلك النصر الظافر، وقد قاد أول تظاهرة للتبشيير بالسلام في نهايات العام 2020م مع رفاقه من لجان المقاومة بأبو حجار، وتشرفت حينها بمخاطبة جموع الجماهير التي إحتشدت مع جميع المناضليين السناريين الذين أتوا لأداء فرضية السلام من محلية أبو حجار.

●خاتمـــة:

•دروس وعِبّر من حياة المناضل:

الحديث عن الرفيق المناضل “أحمد يحى – حنفلة” مثير للشجون، وفقده فقدًا لكنز ولا يعوض بثمن، وهو من الأبطال الشجعان الذين زرعوا بذور النضال علي جباهنا وقلوبنا وعقولنا، ونقرأ في سيرته الكثير من الدروس والعِبّر التي ينبغي علينا جميعاً الإهتداء بها إلي سبيل الكفاح من أجل تحقيق السلام والعدالة الإجتماعية والديمقراطية والمضي قدما نحو السودان الجديد، وفي هذا الطريق المحفوف بتحديات ومخاطر كثيرة يتوجب أن نكون قدر المسؤلية التي تحملها من قبلنا قادة كبار أفنوا حياتهم في نشر أفكار التحرر والتغيير الديمقراطي.

وعلينا أن نكون في تواصل روحي وفكري مستمر مع رفاقنا البواسل الذين تركوا صحائف مسطرة بأحبار السلام والديمقراطية والعدالة ورايات السودان الجديد، وتلك أحبار خالدة لا تجف مهما طال الزمان وتبدل الحال؛ ولنذكر ذلك العطاء المتدفق في كل خطواتنا وطريقنا الممتد إلي أن نضع أقدامنا علي أرض وطن محرر حدادي ومدادي، والذي ناضلوا من أجل أن تعيش فيه الأجيال القادمة بسلام، وبينما نتذكر جميع أبطالنا ونضالات وتضحيات رفيقنا المناضل “أحمد حنفلة” وفقيد ولاية سنار قاطبةً.

يجب علينا التذود بذكراه للعمل علي إستدامة السلام والتسامح والعيش السلمي المشترك بين أبناء شعبنا السناري والسوداني، وخير الذاد آمال وأحلام تتغذى بها أرواحنا في هذا الزمان كيما نستمر في النهوض بقضايا الحقوق العمالية والفقراء والكادحيين في شتى أنواع أعمالهم وتحقيق تطلعاتهم وآمالهم، وأيضاً علينا العمل علي تخليد كافة الأسماء المرتبطة بالنضال في ولاية سنار الفتية التي أنجبت قامات سياسية وثورية كبيرة أمثال الرفيق “أحمد يحى”، ولتكن ذكراه وسيرة حياته من العلامات الخالدة والباقية دوماً علي دفاتر التاريخ السياسي والثوري السناري والسوداني.

Loading

شارك على
أكتب تعليقك هنا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.