آخر الأخبار
The news is by your side.

هذا ثور وذاك حمار

هذا ثور وذاك حمار

بقلم: جعفر عباس

جاء في صحف مصرية ان رجلا قتل زوجته لأنها عصت أوامره بأن ترتدي قميص نوم أحمر اللون، ولكن الزوجة رفضت ذلك، ربما لأنها لا تحب اللون الأحمر، وربما لأن ذلك القميص كان متسخا.

ومن الواضح ان الزوج القاتل “ثور”، أو ثقافته “ُثَورية” عكس بقرية، وربما شاهد في مشاهد مصارعة الثيران كيف ان الثور يندفع نحو المصارع عندما يلوح له بقطعة قماش حمراء، فارتبط هذا اللون في ذهنه بالفحولة والهيجان، ولم يجد من يقل له ان الثيران تعاني من عمى الألوان وأنها تهجم على المصارع حتى لو كان يحمل قطعة قماش خضراء او صفراء. وعندما رفضت الزوجة ارتداء القميص الأحمر تصرف الزوج كثور أصيل وانهال عليها ضربا بالشومة على رأسها حتى فارقت الحياة. وهناك من قتل زوجته لأنها “تأخرت” في إعداد كوب الشاي، وثالت طلق أم العيال لأنها لم تطبخ له ما طلبه للغداء.

وهناك ملايين الرجال في الشرق والغرب الذين يضربون ويطلقون زوجاتهم لأتفه الأسباب، وتجالس هذه الفئة في المقاهي والأسواق وتسمع منها استنكارا للتدخل الأمريكي في أفغانستان والعراق، في حين أنها تجعل من أمريكا مثلاً أعلى لها في الشؤون الزوجية باللجوء الى الضربات الرادعة (الاستباقية) والعنف المفرط. وحتى الذين لا يمارسون العنف الجسدي ضد زوجاتهم يمارسون ضدهن عنفا معنويا مهينا وفظا، وأكاد أجزم أنه ما من قارئ لهذا المقال إلا وسمع شخصا يخاطب زوجته ب: يا كلبة، يا حيوانة، يا خبلة، يا هبلة، يا بنت الكلب، يا جزمة يا برطوش.. استأهل أنا اللي تزوجت حمارة (وهل يتزوج الحمارة إلا حمار؟)..

اسكتي الله ياخدك ويريحني منك! وتأتي الزوجة بخاطر كسير وتقول للزوج في أدب ورجاء: باقي أسبوع على العيد. ممكن تشتري لي فستان جديد؟ فيصيح عنتر زمانه: إن شاء الله الفستان الجديد يصير كفنك… في بيت أهلك كنتم أربع بنات تستخدمون فستانا واحدا والآن تريدين فستانا جديدا للعيد يا بنت الشحات! بعض الرجال لا يعتقد ان فيها “شيء” أن يهين زوجته أمام الآخرين، وقد تسمع في الأسواق رجلا يصرخ في وجه زوجته بالأوامر ويكيل لها الشتائم (كي يعرف الناس انه رجل مش سهل وعنده كلمة).

وإزاء كل هذا ارتفعت معدلات العنف النسائي ضد الرجال، فقد جاء في تقرير صحفي نشر مؤخرا أن نحو نصف الرجال المتزوجين في إحدى الدول العربية قالوا انهم يتعرضون للضرب على أيدي زوجاتهم، وبما اننا جميعا متفقون على أن المرأة أقل ميلا للعنف، فليس من الشطط الاستنتاج بان الرجال الذين يتلقون الضرب من زوجاتهم يكونون قد عملوا “عملة” غير مشرفة.. أو ضعاف الشخصيات..

ولكن وبالمقابل فان الرجل الذي يضرب زوجته ويهينها لأتفه الأسباب أيضا ضعيف الشخصية.. بل ان الميالين للعنف (حتى ضد الكلاب) مرضى بحاجة الى معالجة نفسانية.. وهناك من يحولون كل جدل الى مشاجرة ويعتقدون ان الشجار يحفظ لهم كرامتهم، في حين ان الشجار تفريط في الكرامة واحترام النفس.

كل التفا

Loading

شارك على
أكتب تعليقك هنا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.