آخر الأخبار
The news is by your side.

مرسى فاطمة وحدة وجدان الحبشة والسودان

وحدة وجدان الحبشة والسودان

بقلم:  الصادق عبيدة


روح واحدة في جسدين،
أم شعب واحد في بلدين؟

إقرأ هذا المقطع من رواية ( مرسى فاطمة) للكاتب الإرتري حجي جابر ص 151 وتأمل الإرتباط الكبير بين هذين الشعبين الذين يتقاسمان نفس الوجدان والمزاج، عسانا نعي حجم هذه الوشائج، ونبادلها ما تستحقه من الوُد والمحبة.

“ترتَسمُ إبتسامة على مُحيا أمِ أواب وهي تتابعُ إغتسالي بصوت أحمد المصطفى ينهمرُ نقيًا كأول مرّة، حين كانَ يصدح في بيتِنا، بينما يُدندِنُ معه والدي وهو في إنتشاءٍ لا يلبَث أن يعمَ البيتَ كله.
” لو تراه.. في سماه .. النور كساه الجمال كنت تعلم كيف جهنم تحرق الجنب الشمال”.

لم يزور والدي السودان، لكن السودان بأسرِه كان يزورنا كل مساء عبر أحمد المصطفى، قبل أن يَستَقِر تمامًا، حين إستَقر شابٌ وسيمٌ بِربطَةِ عنقٍ أنيقةٍ واجهة غرفة والدي. لم يكن ذلك الشاب إلا أحمد المصطفى.

لم أكن أفهم سرّ عشق والدي لهذا المُطرِب، لم أكن مهتمًا أصلًا. لكني الآن ادركتُ أن صوت أحمد المصطفى كان يتسرب اليّ دون إدراك ويستقر في وجداني، إلى أن تأتي لحظةٌ كهذه لأعرف كمْ أحبُ هذا الرجل وهو يمتلكُ هذه القدرة لحشدِ صوتِه بكل أحبابنا الذين رحلوا. كان في صوت أحمد المصطفى حنين الى كلِّ ما لا يُمكن إستعادته. دون أن يكون قد فارَقَنا قَطْ.

لم يحدُث معي من قبل أن أحببت شخصاً بهذه الطريقة المباغِتة. كان أحمد المصطفى أشبهه بغيمةٍ مخاتلةٍ سرعان ما تمتلئُ دون مقدمات وتفرغنا عشقًا وحنينًا. في لحظة واحدة غرقتُ بأحمد المصطفى، بالقطرات تجمعت في دمائي حتى فاضت، بالذكريات، بصوتِ والدي، بقهقهاته التي تتجاوز غرفَتَه إلى الجيران، بلمعةِ الحُزنِ في عينيه، بخطوط يده العتيقة. كُل ذلك كانَ يستَوطِن صوت أحمد المصطفى ويتجلَّى بمجرد أن ينطق”.

Loading

شارك على
أكتب تعليقك هنا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.