آخر الأخبار
The news is by your side.

مالك عقار بعيون شعبهِ ومشاهد من ذاكرة رحلة أولو

القائد مالك عقار بعيون شعبهِ ومشاهد من ذاكرة رحلة أولو

بقلم: سعد محمد عبدالله

إنتابني شعور من الشغف والسرور بعد أن أتيحت لي فرصة إستكشاف حياة جديدة في واحدة من أعظم بقاع النضال في السودان، وكنت في كامل الإستعداد لخوض رحلة مهمة تتعلق بمسألة تنفيذ أهم بنود إتفاقية جوبا لسلام السودان فيما يخص عودة النازحيين واللاجئيين إلي مناطقهم للمشاركة في الإستقرار والنمو الإقتصادي رغم تمدد الطبيعة وإلتحامها مناطقهم الأصلية، وكذلك مسألة إستكمال الترتيبات الأمنية لبناء جيش قومي ومهني موحد يعمل بعقيدة جديدة، وكشفت هذه الرحلة حقائق لا يعرفها الكثيرون، ونجدد القول أن قضايا الهامش لا يمكن مناقشتها من خارج الهامش، وأن السلام ليس مجرد “حبر علي ورق” يعبث به من يشاء بل هو نتاج نضالات وتضحيات جمة لا يعرفها من ينادون باسقاط السلام.

رأيت ذات ملامح الشقف والمسرة في أعين رفاقي الذين توافدوا إلي موقع إنطلاق الرحلة بعد إعلان قيادة الحركة الشعبية “الجبهة الثورية” أسماء أعضاء وفد المقدمة الذي سبق وصولهم إلي أولو زيارة الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة الإنتقالي والقائد العام للقوات المسلحة والرفيق الفريق مالك عقار رئيس الحركة الشعبية والقائد العام للجيش الشعبي لتحرير السودان-شمال وعضو مجلس السيادة الإنتقالي، وكانت الرحلة طويلة جداً بيد أنها ممتعة للغاية، ونزلنا ليلة 15 يناير 2023م في منطقة أولو باقليم النيل الأزرق، ومنذ طلوع شمس اليوم التالي، ورغم إرهاق السفر قادني شقفي للخروج إلي السوق ومقابلة المواطنيين والرفاق بعد إنقطاعنا مع الكثير منهم لأكثر من 15 عام بسبب حرب النظام الإسلاموعسكري.

كنت حريصًا علي عدم التقيد بنظام البرتكول كيما أتمكن من أن أكون وسط المواطنيين، ومما أثار إنتباهي روعة وجمال منطقة أولو وجبالها العتيقة والشامخة وعادات وتقاليد المجتمع والتعايش السلمي الذي كان واضحًا بين أطياف متعددة، والأكثر من ذلك الإحترام الذي كان يحظى به الرفيق القائد مالك عقار وسط أولئك الناس الذين أتو إليه وجالسوهُ دون قيود، وكان كبار السن والأطفال والنساء والشباب يأتون ليحدثوا مع القائد وتبدو علي وجوههم قسمات السعادة والعاطفة الجياشة ومحبة عظيمة تنساب من خلال سلوكهم وأحاديثهم في الشوارع والأسواق.

عندما ذهبنا لزيارة منزل القائد مالك عقار بمحافظة باو شاهدتُ الدموع تتدفق من أعين المواطنيين والرفاق عند مشاهدتهم حطام المنزل الذي دمرتهُ الحرب ولم تبقى منهُ شيئا، وكنت أسير بجانب القائد مالك عقار أحاول إستنطاق شعورهِ وهو يشاهد ما آل إليهِ وضع المنزل ويقرأ تلك العبارات المسيئة التي كتبها فلول النظام الإنقاذي المباد علي أسوار المنزل، وكان كلما قرئها يبتسم في صمت ويواصل التجوال في باحة منزله المدمر بفعل الحرب، وعندما خرجنا من هناك لاحظت الصمت والحزن المخيم علي وجوه الرفاق، وقلت في نفسي ما أبشع الحرب.

حينما وصلنا الدمازين كان في إستقبال الموكب الرفيق الفريق أحمد العمدة حاكم إقليم النيل الأزرق والوزراء والمحافظيين وقادة الأجهزة العسكرية والإعلام، وما علق بأذهان الجميع هو الخطاب الرهيب الذي ألقاهُ القائد مالك عقار اير في مأدبة عشاء بمنزل الحاكم؛ حيث كان خطابًا سياسيًا مشحون بأدب رفيع خالجهُ الشعر وتذكير الحضور بتاريخ الفن والجمال وداعيًا للسلام والتعايش السلمي وإحترام التنوع التاريخي والمعاصر وقدم وصاياهُ للجميع بعبارة ملهمة قائلاً “إذا المصالح ما جمعتكم المطامع بتفرقكم”، وقد توقفت كثيراً عند هذه العبارة التي إبتدر وختم بها حديثهُ، وفي رحلتنا إلي أولو أتيحت لي فرصة إجراء بعض المساجلات مع القائد مالك عقار وقادة الجيش الشعبي وكذلك الإستماع لحكايات الحرب ونضالات النساء والشباب من مختلف الأجيال، ومهما تحدثنا لن نستطيع نقل الصورة كما عايشناها، ولكن للحديث نهراً لا ينقطع عن التدفق، وذات يوم سنواصل حديثنا عن أولو وشعبها الصابر والصامد رغم قسوة الحروب ومشقة الحياة.

Loading

شارك على
أكتب تعليقك هنا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.