آخر الأخبار
The news is by your side.

لماذا محمود في القلب … بقلم: جعفر عباس

لماذا محمود في القلب … بقلم: جعفر عباس

عايشت مطربنا الراحل مصطفى سيد احمد على نحو لصيق في أخصب سنوات حياته القصيرة، فقد أتانا في قطر في مطالع تسعينات القرن الماضي، ونهلنا كثيرا من ينابيع موهبته الموسيقية الضخمة، وحلمنا سويا بوطن شديد التعافي، وحلمنا بيوم يكون فيه ” ﺍﻷﻃﻔﺎﻝ ﻳﺎ ﻓﺎﻃﻤﺔ ﺑﻐﻨﻮ/ ﺍﻷﻓﺮﺍﺡ ﻻﺑﺪ ﻣﻦ ﺗﺮﺟﻊ/ ﺍﻷﺣﻼﻡ ﺍﻟﺪﻭﻧﻚ ﻓﺎﺗﺖ/ ﻟﻮ ﻭﺍﺻﻠﻨﺎ ﺻﺒﺎﺣﺎ ﺑﻴﻄﻠﻊ”
وبعد رحيل مصطفى الفاجع أغلقت أذني اليمني بالطين والأخرى بالعجين فيما يتعلق بالغناء والموسيقى بعد ان امتلأت الساحة بالحناجر الصدئة والمغنين المطاليق العارين من الموهبة، وبعد اضراب دام سنين عددا اكتشفت محمود عبد العزيز في شريط كاسيت يضم أغنيات لعمالقة فن الغناء، وأدهشني كيف بعث محمود الروح مجددا في أغنيات لم يجد غيره الشجاعة لأدائها، وهكذا ومن بين كتائب المغنين الذين احتشدوا في أثير الأغنية السودانية اصطفت أذني محمود ومن بعده نادر خضر (الله: كم حزنت لأن محمود ومصطفى سيد احمد ووردي وحميد ومحجوب شريف لم يشهدوا زوال كابوس الكيزان وهم الذين ظلوا يشحذون الهمم كي نبقى عشرة على الوطن)
وقد أسعدني الحظ بأن علاقات ود ومحبة ربطتني بوردي وهاشم ميرغني ومصطفى سيد احمد ومحمد كرم الله وحميد وهاشم صديق والقدال وأزهري وغيرهم من العماليق الشم الشوامخ، ولكنني لم أر محمود عبد العزيز إلا على الشاشة، وأذكر انني وعند وفاته كتبت نعيا له ولكنني استنكرت “هيجان” معجبيه عند وصول جثمانه من الأردن، فانهالت علي الرسائل تلعن خاشي (ولم أغضب لذلك لأنني لا أعرف ما هو خاشي)، وجعلني ذلك وما تلاه من وفاء الحوتيين لذكرى رحيله السنوية، أحرص على التنقيب في إرث وسيرة محمود فوجدته محمود السيرة، وأدركت أن الشباب أحبوا فيه “الإنسان” قبل المطرب، فقد كان محمود ابن بلد، لم يتعامل طوال حياته القصيرة مع الناس على أنه من المشاهير، بل لم يكن يرتدي على المسرح تلك الابتسامة البلاستيكية البلهاء التي تعلو وجوه المطربين والعازفين كلما اقتربت الكاميرات منها
انتمى محمود لأهله بقوة وجعل من كل السودانيين أهلا، وكان مدافعا صلبا عن كرامة الوطن والمواطن، وعانى في سبيل ذلك ما عانى، ولم يكن بالقطع من نسل الملائكة بل كحال معظم الشبان لم تخل حياته من عثرات، ولكنه وفيما يخص جمهوره ظل الطود الشامخ والشرف الباذخ، يغني لهم من القلب ويشاركهم أفراحهم وأتراحهم ولهذا بقي وسيعيش في القلب، ولم يكن مغلول اليد بل يوزع ما يصل يده من مال الى من هم أكثر حاجة منه له.
ولهذا فإن شعبنا العظيم المبدع يجعل في كل عام ذكرى رحيل محمود الحوت موسما للفرح الذي بذل حياته القصيرة لزرعه في وجدان انسان السودان
رحم الله محمود عبد العزيز ومبدعي بلادنا الشرفاء الذين رحلوا عن دنيانا

Loading

شارك على
أكتب تعليقك هنا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.