آخر الأخبار
The news is by your side.

لا خط أحمر ولا بمبي

لا خط أحمر ولا بمبي

بقلم: جعفر عباس
صدر في الآونة الأخيرة بيانان عن القوات المسلحة فيهما الوعيد والتهديد تلميحا وتصريحا، وكان أولهما تهديد كل من يسيء اليها ويشهر بها بالملاحقة القانونية.

مع التذكير بأن الجيش شكل كتيبة الكترونية لتلك الغاية، ولم تكن هناك حاجة الى اصدار مثل هذا البيان، فمن حق أي شخص طبيعي او اعتباري ان يقاضي من يسيء اليه او يشهر به او يفشي اسراره.

وبالتالي ليس من العسف استنتاج ان الغاية من البيان هي إعطاء العين الحمراء لكل من ينتقد الجيش بالحق او الباطل، بينما الجيش كمؤسسة ليس معصوما من الخطأ، وينبغي أن يكون ملكا عاما للشعب، ومن حق الشعب ان يتنقد بعض الأمور فيه دون التجريح وافشاء الأسرار.

وعلى كلٍ لم يتعرض جيشنا “كمؤسسة” للتجريج قط من قبل المواطنين ولكن كثيرين من قادته الكبار تعرضوا له لأنهم قاموا بتجريح الدساتير والقوانين، ومشكلة هؤلاء القادة الذين يخرقون القوانين العسكرية ويتوغلون في حقول الألغام السياسية أنهم يعتبرون المساس بهم مساسا بالجيش، ويسخرون إمكانات الجيش لتلميع أنفسهم وتكميم أفواه منتقديهم.

وكان البيان الثاني متعلقا بتعرض الفريق شمس الدين كباشي لإساءات جارحة خلال عطلة العيد من نفر من شباب منطقة الحتانة بام درمان، واعتبر البيان ان في ذلك مساسا بالقوات المسلحة، وتوعد من صدرت عنهم تلك الاساءات بالمقاضاة؛ فهل الإساءة الشخصية الى شخص ينتمي للمؤسسة العسكرية إساءة لتلك المؤسسة؟ وهل تعرض كباشي للعنف اللفظي لأنه عسكري؟ واي قضاء هذا الذي سيسمح للجيش ان ينوب عن شخص حي يسعى في أمر مقاضاة من اساءوا الى ذلك الشخص؟ الإساءة الجارحة لكباشي لم تكن إساءة للجيش بل إساءة لكل مواطن في هذا البلد، وقد استنكرها الملايين الذين يستنكرون وجود كباشي في أي هيكل من هياكل سلطة ما بعد ثورة ديسمبر، وكباشي ليس قاصرا كي تنوب عنه مؤسسة حدادي مدادي أمام القضاء.

وكلمة حول ما يتردد من بعض العسكر والمدنيين بأن الجيش خط أحمر، ويعنون بذلك ان الجيش فوق النقد، ومن يقولون بذلك يعتبرون كل نقد إساءة، بينما تقول وقائع التاريخ ان أكبر وأكثر من اساء الى سمعة الجيش هو بعض ضباطه الذين خالفوا قوانين الضبط والربط واعتدوا على الحكم طوال 52 سنة من أصل 63 سنة كان فيها السودان دولة مستقلة.

واعدمت حكومة إبراهيم عبود بعض زهرة شباب القوات المسلحة (مجموعة البكباشي علي حامد)، وفي ظل حكم نميري كانت مقتلة الضباط الشيوعيين في يوليو 1971 ثم مقتلة القوات التي قادها العميد محمد نور سعد، ثم مجموعة المقدم حسن حسين، و، و، و، وفي ظل وردية القيادة العسكرية الحالية كانت مجزرة 3 يونيو 2019 التي ارتكبها عسكريون.

وها هي حمامات الدم تتجدد في دارفور والصدامات الدامية بين القبائل تتفاقم في كل المناطق، وليت المؤسسة العسكرية تصدر بيانا لتشرح لماذا انسحب العسكريون من اللجنة الأمنية في ولاية النيل وسحبوا الحراسة من جميع المواقع بعد تعيين الوالي المدني د. آمنة المكي، وتمت سرقة الملايين من الخزينة التي تركوها بلا حراسة في بربر (هل هي حمبكة من الوالي العسكري السابق ام انسحاب تكتيكي؟).

والشاهد ان بعض رجالات الجيش هم من جلبوا اليه الإساءة والسمعة السيئة، ومع هذا يبقى الجيش في عمومه محل احترام المواطنين ولكن دون ان يعتبروه بقرة مقدسة لا يجوز المساس بها ولو بالحق، والجيش ليس خطا أحمر إلا بقدر ما اتحاد كرة القدم وجمعية الهلال الأحمر “خط أحمر”

Loading

شارك على
أكتب تعليقك هنا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.