آخر الأخبار
The news is by your side.

كيف كان القمح الاميركي ..شكلا من اشكال الاستعمار الجديد

كيف كان القمح الاميركى ..شكلا من اشكال الاستعمار الجديد ( سياسة الجزرة والعصا)  

” قصة تخدير شعب”

بقلم: د. فخرالدين عوض حسن عبدالعال

كنا ونحن صغار تزرع اسرتنا فى الشمال القمح والفول والبلح والشمار وتقريبا كل شئ من ارض جدى ..فقط نشترى الشاى والبن والسكر ..

فى كل بيت مخزن حبوب وتمر وزريبة مواشى ودجاج يسرح ويمرح وفرن طين ..ناكل منه الرغيف البلدى الجميل وكافة المخبوزات والصوانى والطواجن ..
الكل يعمل بجد ..حتى الاطفال يدرسوا ويؤدى واجباتهم المنزلية والزراعية والمدرسية ..الكل مثل الطيور يستيقظوا باكرا ..ويناموا عند حلول الظلام ..بعد شوية ونسة فى ضوء القمرا..
لم يكن احد يعرف دول الخليج ..فقط يعرفوا مكة والمدينة وحج البيت ..
الكل يكون له دوره فى الارض والزرع والسقيا ..وحتى علف الحيوانات والاهتمام بها.

واطل فى بلدنا عسكرى استلذ الحكم هو النميرى ..بدا شيوعيا وانتقل الى اميركا ومن ثم احضان الاخوان المسلمين ..وعاد مرة اخرى الى اميركا ..

واهلنا يزرعون ويحصدون وياكلون من ارضهم وعرقهم غذاء صحيا ..تقل معه الامراض والعلل ..

بدا الصراع يشتد بين الاميركان والسوفيت حرب وظفت لها كافة الوسائل ومنها الاقتصادية ..والقمح تحديدا فقد كان الاتحاد السوفيتى ويضم وقتها عدة جمهوريات تنتج معظم انتاج العالم من القمح ومنها اوكرانيا.

ورغم ان الاتحاد السوفيتى كان اكبر دول العالم انتاجا للقمح .. الا انه كان يجود به مجانا الى الدول التى تسبح بحمد الشيوعية وتتبع لمعسكره فى كافة انحاء العالم.

وعندما حدثت فجوة فى تلك الامدادات، نتيجة لتغيرات مناخية بدات وقتها ولازالت مستمرة، اتجهت الحكومة الشيوعية التى تحلم بحكم العالم وقتها الى الشراء من السوق العالمى لتغطية احتياجات الدول التى تدور فى فلكها ..

فماذا حدث؟

وقتها كان ايضا قمح الولايات المتحدة يفيض عن الاستهلاك المحلى ..ومن ثم تتجه شركاتها الزراعية للبيع فى السوق العالمى .. ولقطع الطريق امام الاتحاد السوفيتى، وخوفا من وصول القمح الاميركى الى السوفيت ..اشترت حكومة الولايات المتحدة الاميركية القمح من المزارعين الاميركان .

وبدات فى توزيعه مجانا ( بعد نزع القشرة) للدول التى تتبع لمحورها عبر وكلاء للمخابرات الاميريكية فى كافة بلاد العالم ومنها السودان ..

ووصل بلادنا قمح اطلقت عليه صوامع البحر الاحمر فى بورتسودان لمالكها محمد عبدربه اسم: دبل زيرو وبالمناسبة هو نفسه مالك صوامع البحر الاحمر فى ميناء الحديدة اليمنى!!؟؟

قمح “ناصع البياض” ..وكنا ناكل خبز اسمر بلدى جميل الطعم والرائحة ..بدون اى محسنات ..او كيمائيات و مبيدات زراعية… قمح فقط يأكله الان أثرياء العالم!!

كان اهلنا المزارعين يجتهدوا ويتعبوا كثيرا وبوسائل بدائية مثل الساقية فى اراضيهم الزراعية ..ولكنهم بنهاية كل دورة زراعية يحصلون على مؤونة العام لبيوتهم ولابناؤهم وبناتهم واحفادهم المنتشرين فى كافة انحاء السودان ..ويبيعون جزء من المحصول ليحصلوا على بقية احتياجاتهم وهم فى قناعة وستر وصحة وعافية نتيجة للغذاء الصحى ” الاورقانك” وراحة البال .

لم يكن احدا يفكر فى هجرة البلد ..وكان امثال الطيب صالح نادرون ويعدون على اصابع اليد الواحدة فى كل مدينة فى الشمال ..وحتى السفر او الهجرة للخرطوم كان امرا محدودا ومعدودا .

حينها وصل الكابوس ” دبل زيرو” ..قمح ابيض يشبه شقراء تقودك الى الجحيم  بعد ان تسكرك بجمالها الزائف ..

وبدأت حكومة نميرى تبيعه للمواطنين بسعر اقل من نصف تكلفة انتاج القمح المحلى ” البلدى” ..عندها كان من الطبيعى ان يهجر الناس الارض ..

وعندما تدفق بترول السعودية بعدها، تمت الناقصة، واصبحت الارض يبابا…وحتى النخيل بدات تموت واقفة ولا تجد من “يحش” التمر ..لان شبابنا هاجروا يعملون خدما وسائقين وطباخين ومهندسين وكل المهن عند امراء وملوك النفط ..

وتمت هجرة الارض والزرع ونسيان التراث كاملا ..وكل كل شئ ..واصبح المغترب يهبط الى الوطن بصحبة كمية من المستهلكات والدلاقين وبعضهم والله احضر حتى الصلصة معه! ومن ثم يعود فى دورة حياة تنتهى بعودة جنازته ..او مرفودا من عمله .. وهاجر الشباب وحتى الكهول ..وتركوا فى قرى الشمال ، النساء والاطفال .

وكان زعيم مايو حبيب زى امى وابوى ..مشغول بشعارات حمراء من الحمقى انتقل بعدها كالعاهرة من فرش الى اخر ..ومن شيوعية الى اسلامية الى عروبية وكافة تلك الشعارات الجوفاء والكتب الصفراء ..وانتهت فى حضن الاميركان وابتزازهم!!

ولم يتم الاهتمام ابدا باموال المغتربين او تنمية الارض والزرع ..فقط كانت ارضنا مسرحا هزليا وصلنا فيه الى مرحلة توزيع كتب ماو تسى تونج المصقولة ..وفى اخر فصولها الهزلية لعلكم رايتم فى بعض ايام المخلوع نشرا للخمينية والشيعة !!

كلها شعارات واغانى واناشيد تمجيد ..للشعب حينا وللزعيم حينا اخر ..قصائد وعبارات واناشيد برع فيها اهل اليسار واليمين كثيرا ..وخدرت شعبنا واقعدته عن المسير واشعرته بعظمة وشموخ زائف ..بينما هو يرهن قراره لغيره ..ويعتمد على غيره فى لقمة عيشه!!

لقد احسست بالم عميق والصحفى الاستقصائي عبدالمنعم يخبرنا بفرح ان نبشر بوصول شحنات قمح تتواصل وتكفى طيلة الفترة الانتقالية ..قمح مجانا ..تختفى فيه صفوف الرغيف ..وتكثر صفوف المرضى فى المستشفيات..

نفرح بقمح نتنياهو وترامب ..ونجلس نحتسى الشاى عند نساء الحبشة، الذين هاجروا من بلادهن ..لبيع الشاى والقهوة لشعب ادمن الكسل والاعتماد على غيره ..بينما بائعة الشاى هاجرت من بلادها فى طريق طويل موحش ..وتوفر من اهلنا الحمقى مبلغ يمكنها من العودة الى بلادها وشراء ارض زراعية وبقرة ومسكن !!

شحنات القمح الجديدة تمثل شحنات مخدرات لمدة اربعة سنوات نزداد فيها كسلا وهجرة لارضنا المعطاءة..

انه الاستعمار الجديد يا سادتى لشعب كسول .. يحكمه حمقى يتبعون للمغول ..

والبركة فيكم ..

Loading

شارك على
أكتب تعليقك هنا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.