آخر الأخبار
The news is by your side.

كلاسيكو بطولة زايد.. قراءة أخرى. بقلم امير الصادق بشير . ودمدني.

هناك مجموعة كبيرة من الدروس والعبر والملاحظات نخرج بها من المناسبة الكروية الكبيرة المتمثلة في مباراة القمة السودانية التي جرت على ارض الإمارات..

اختار الاماراتيون احتفالا بعام زايد مؤسس الدولة فريقي الهلال والمريخ لأضفاء زخم اعلامي وجماهيري للمناسبة.. وقد نجحوا جدا في هذا الإختيار.. فقد شهدت المباراة حضورا جماهيريا قياسيا في تأريخ ملاعب الامارات قل بقليل عن أربعين ألف شخص تواجدوا داخل ملعب المباراة.. عموما خرجت من هذه المناسبة بملاحظات جديرة بالإبراز:

١. تعامل الإماراتيون مع المباراة تعاملا قمة في الاهتمام والابداع.. الطريقة التي أخرجوا بها المباراة تفوقت جهدا وابداعا عن ما فعلوه من جهد كبير واخراج مبدع لمناسبات أكبر بكثير.. على شاكلة كأس العالم للأندية الذي نظموه في ديسمبر الماضي ويستعدون لتنظيم النسخة القادمة منه بعد شهر من الآن..
تغطية اعلامية مميزة سبقت المباراة نفسها قبل أسبوعين وتشويق محترف ورائع للمبارة في القنوات الفضائية الاماراتية ووسائط التواصل الاجتماعي شارك فيها الاعلاميون والساسة والرموز الاماراتيون..
ونقل المباراة نفسه كان نقلا خرافيا بما يقارب الاربعين كاميرا واخراج يواكب أحدث ما وصل اليه اخراج الاحداث الرياضية في العالم..

٢. احترام الاماراتيين للمناسبة واحتفاؤهم بها اضافوا اليه احتفاء كبيرا بالسودان نفسه وبالشعب السوداني وبصفاته وميزاته..
تكلم الاماراتيون كثيرا عن فضل المهندسين السودانيين في بناء وتخطيط وتنفيذ النهضة العمرانية لامارات الدولة.. وعن افضال الاطباء السودانيين في علاجهم.. وعن أفضال المعلمين السودانيين في تعليمهم.. وعن أفضال اللاعبين والمدربين السودانيين في نهضة الكرة الاماراتية.. وعن أفضال شعب السودان في نهضة دولتهم..
تكلموا عن السودان بحب صادق لا يأتيك شك البتة في أي تصنع لذلك الحب..
يوم المباراة كان يوما مفتوحا للسودان في القنوات الاماراتية.. برامج مفتوحة من داخل السودان بهذه المناسبة.. واستمر البث الحصري عن السودان ساعات طويلة عقب نهاية المباراة نفسها..

٣. أما المباراة نفسها فقد جاءت أحداثها بمستوى يليق بهذه المناسبة.. اثارة وتنافس منذ الثانية الأولى وحتى آخر ثواني المباراة عندما بلغت الاثارة ذروتها بالهدف العكسي لمدافع المريخ لصالح الهلال..
أداء جميل من الفريقين ربما الفريق الخاسر وهو المريخ كان الأقرب للفوز لأن الهلال كان تفوقه نسبيا في الشوط الأول لكن تفوق المريخ في الشوط الثاني كان تفوقا مطلقا.

٤. المباراة كانت نظيفة جدا.. خلت تماما من أي كروت حمراء او صفراء.. واعتقد أنها المباراة الوحيدة في تأريخ الكلاسيكو السوداني الطويل التي خلت من أي كروت ملونة..

٥. من كان يشك أن الملعب الجيد والتحكيم الجيد والنقل التلفزيوني الجيد والتعليق الجيد والجمهور الجيد كلها شروط أساسية لجماليات كرة القدم سيكون قد زال شكه بمشاهدته لهذه المباراة..
كل العناصر المذكورة أعلاه كان لها دور لا يقل عن دور اللاعبين في اخراج المباراة بصورة جميلة حتى أن المعلق الجميل علي سعيد الكعبي قال في تعليقه أثناء المباراة أنه يشعر أنه يعلق على مباراة في كبرى الدوريات الأوروبية… قد يظن البعض أن كلامه فيه شئ من المجاملة أو المبالغة.. لكني لا أعتقد ذلك.. لأن المعلق نفسه والجمهور الكثيف الحماسي.. والتحكيم الجيد.. والنقل الاحترافي.. فعلا تشعرك هذا الشعور.

٦.الروح التي سادت بين اللاعبين كانت جميلة جدا.. فبقدر ما تأثرت للاعب المريخ ( النعسان ) لاحرازه هدفا في مرماه في آخر ثواني المباراة.. تأثرت بصراحة لأن اللاعب بعد دخوله في الطرف الأيمن قدم أداء جيدا.. وحتى الكرة التي أخطأ فيها بإحراز الهدف في الحقيقة طبق فيها التغطية العكسية بأفضل ما يكون ( والتغطية العكسية هي أنه عندما تكون هناك هجمة على الدفاع من طرف معين يقوم لاعب الطرف المعاكس بالدخول الى قلب الدفاع لأن قلبي الدفاع بالطبع يكونا أقرب للطرف الذي فيه الهجمة ويكون ظهرهما مكشوفا ).. والتغطية العكسية هذه يفتقدها أكثر لاعبي الأطراف الدفاعيين في السودان مما يتسبب في استقبال كثير من الاهداف لانعدام هذه التغطية..
فقط كان خطأ اللاعب تعامله مع الكرة بتهور دون مراعاة تمركزه ولا سرعة الكرة واتجاهها ولا حركة رأسه عندما ضرب الكرة..

٧. استحق الهلال الفوز لأنه كان الأكثر هدوءا وتمركزا.. والأثبت أقداما.. والأقل تسرعا من خصمه المريخ.. وحتى في الشوط الثاني الذي تسيده المريخ كان تمركزه الدفاعي جيدا ووصوله للمرمى أخطر..
واستحق المريخ شيئا أفضل من الخسارة لوصوله المتكرر لمرمى الهلال خاصة في الشوط الثاني الذي أجبر فيه الهلال على التراجع.. فقط عابه التسرع وقلة التركيز في انهاء الهجمات واحيانا المبالغة في الاحتفاظ بالكرة والمراوغة..

٨. اعجبني لاعبو الهلال وهم يسارعون للتخفيف عن النعسان لاعب المريخ وهذه روح نادرا ما نجدها في الديربي السوداني..
وهنا يأتي السؤال عن سبب هذه الروح.. وسبب خلو دقائق المباراة من الشحن والعراك والاحتجاج على قرارات التحكيم..
السبب في رأيي يكمن في التهيئة النفسية للاعبين ثم الثقة في التحكيم من لاعبي الفريقين.. ثم التغطية الاعلامية الاماراتية في آخر أيام قبيل المباراة تغطية احترافية تختلف تماما عن التغطية الاعلامية السودانية السخيفة والمدمرة وغير المسئولة والتي سبقت كل لقاءات القمة السابقة في السودان..
تغطية لا تفعل غير شحن الجماهير واللاعبين ضد الطرف الاخر وتجاه التحكيم وتجاه الرفض المسبق والعنيف للهزيمة مهما كانت الهزيمة منطقية..

٩. هذه المباراة تأريخية بكل المقاييس.. فهي مباراة لا تقل في الشكل ( والى حد أدنى في المضمون ) عن أقوى ديربيات العالم.. ويبقى الواجب على القائمين على أمر الرياضة في السودان الدراسة الدقيقة لهذه المباراة وأسباب خروجها بهذه الصورة الجميلة.. وأول ما يجب أن يخرجوا به هو المهنية العالية بالنسبة للشأن الرياضي والاعلامي.. لا تحس أن للسياسيين اي دخل فيما يجري.. بعكس ما يحدث عندنا من سيطرة من لا علاقة له بالرياضة على كل تفاصيل العملية الرياضية في السودان..

١٠. اخيرا تعلمنا هذه المباراة أن كرة القدم للمتعة والترفيه.. والنجاح فيها يحتاج لادارة محترفة عالمة..
وتدريب جيد..
وملاعب جيدة..
وتحكيم جيد..
واعلام جيد..
ثم.. لاعبين جيدين..

ولا ختام لهذه المقالة القصيرة دون الشكر ( الذي لا يمكن أن توفيه الكلمات مهما اجتهدت فيها ) للقائمين على أمر الرياضة في الامارات لاخراجهم لهذا الحدث بهذه الصورة الراقية.. ولتقديرهم الكبير للسودان وطنا وللسودان شعبا .

Loading

شارك على
أكتب تعليقك هنا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.