آخر الأخبار
The news is by your side.

قلنا المسارات لُبط، لم تسمع الجبهة الثورية، وحلت الندامة

قلنا المسارات لُبط، لم تسمع الجبهة الثورية، وحلت الندامة

بقلم: عبد الله علي إبراهيم

كنت التمست من وفد المقدمة للحركة الثورية أن يبدأ تعميم المعرفة باتفاقية جوبا بمدينة سنكات فيلقى جماعات البجا التي احتجت على الاتفاقية. وسيسمع ما لا يرضيه بالطبع. والنصيحة لله أن الحق معهم. فعيب الثورية معهم لا يضوى له نار. فكانت من وراء الفتنة التي ثارت بين البني عامر وجماعات من الهدندوة والأمرار في نوفمبر ٢٠١٩.

وكان وجه احتجاج هذه الجماعات أن البني عامر المنسوبة إليهم الجبهة الشعبية المتحدة للتحرير والعدالة جلست دونهم للتفاوض حول مسألة الشرق لمجرد أنها عضو في تحالف الجبهة الثورية. وكان ذلك غلواً. واشتبك الطرفان كما هو معلوم بعد ليلة سياسية في بورتسودان عرض فيه الأمين داؤود مشروعه لكسب الشرق في مفاوضات جوبا القائمة. ولم ينتصح لحكومة الإقليم التي طلبت منه إلغاء ندوته السياسية حقناً للدماء. وفوجئت الجبهة الثورية بالمقتلة. فأصدرت بياناً اعتذرت فيه عن التطورات التي تسببت فيها بصورة أو أخري. وكان ذلك عملاً مسؤولا مما كان الرأي فيه جساً بعد ذبح.

ويبدو أن الثورية لم تفهم مع ذلك درس مقتلة نوفمبر. ولم يفدها اعتذارها. فواصلت لا تلوى على شيء تفاوض في جوبا، واصطنعت مساراً للشرق فيه تولى زمامه نفس الأمين داؤود. لم تتعلم شيئاً ولم تنس شيئاً. وهذا عتو غريب أن تستبيح إقليماً تفاوض عنه بمن انتخبته ممثلاً للشرق اعتباطاً بغير اعتبار لتضاريسه السياسية والديمغرافية واليحصل يحصل.

لا أحد يتوجب على وفد الثورية لقاؤه مثل قادة ميثاق سنكات ليشرح لهم منطقه من وراء الحرج الذي زجهم فيهم بينما كان بوسعه أن يلطف كثيراً.

وتجد أدناه بعض كلمتي التي تناولت فيها عيب الثورية في بورتسودان في نوفمبر ٢٠١٩ (نشر بتاريخ: 21 نوفمبر 2019.

ربما جاء كلامي في أعقاب مقتلة بورتسودان في الأسبوع الماضي للجبهة الثورية (والكتلة التاريخية المكونة من الحركة الشعبية الحلو وآخرين) عن فساد فكرة أن تكون الفصائل غير المسلحة أو المحاربة للدولة في وسطها، وعلى طاولة المفاوضات مع الحكومة خاصة. فقد سارعت الجبهة لتتبرأ من تضريج المدينة بالدم إثر زيارة الأمين داؤود، رئيس الجبهة الشعبية للتحرير والعدالة ونائب رئيس الجبهة الثورية. ورغبتُ لو أن الجبهة كانت أكثر حملاً للمسؤولية عما حدث في بورتسودان من هذا التنصل الأخرق.

يؤسفني القول إن الجبهة طرف أصيل في الأزمة. فلم تهيئ لداؤود موضعاً في عضويتها فحسب، بل حل أهلاً في وفدها المفاوض مع الحكومة عن سائر شعب البجا وشرق السودان. وتمثيله للشرق هذا زعم منه ما كان يجب أن ينطلي على الجبهة الثورية. فهي تعلم علم اليقين أن صفة التفاوض عن البجا متنازع عليها بين فرق من مؤتمر البجا وغير مؤتمر البجا. بل ينتمي قسم من هذا المؤتمر إلى منافستها الكتلة التاريخية حول الحلو.

وهكذا سمحت الثورية لشريحة من أهل الشرق (ربما لم تكن الأغزر) التحدث مباشرة إلى الحكومة عن الشرق في غيبة الآخرين عنه لمجرد خلطته في جبهة سياسية اجتمعت حول حركة مسلحة ملحاحة. فلو صدق بيان الثورية من أنها “تقف مع كافة المكونات الاجتماعية لشرق السودان والسودان عموماً، وتدافع عن قضايا أهل الشرق في المساواة والعدالة ورفع الضيم التاريخي عنهم” لما مكنت لفصيل داؤود هذا التمكين حتى عاد عودة الظافر المختلف عليها، وذرفت بورتسودان الدم مرة أخرى.

وأسفت أن تطلب الجبهة الثورية من شعب البجا “الهدوء والكف عن التقاتل القبلي العبثي فيما بينهم، وتفويت الفرصة على فلول النظام السابق، الذين يريدون الصيد في الماء العكر لأجل إثارة الفتن القبلية، ليس في شرق السودان وإنما في كل أرجاء البلاد”. كلام ساكت دا. فالصراع الذي يرعف دماً ليس عبثياً. ونُصح الجبهة لشعب الشرق أن يفوت على الثورة المضادة الصيد العكر هي أولى به. وذلك بتسريح كل غير حامل سلاح من صفوفها ونصحه، طالما لم يكن محارباً، أن يعرض مسألته في سياقها المحلي، ويحشد لها الإجماع بالموعظة الحسنة. فقضية مثله تنتمي للديمقراطية لا للسلم حسب تقسيم المسلحين للأمر.

ولم تسمع الثورية وستحل الندامة.

Loading

شارك على
أكتب تعليقك هنا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.