غزة بين رصاص الفوضى والقانون الغائب
الاعلاميه ختام الفرا
غزة بين رصاص الفوضى والقانون الغائب
في غزة، لم تعد التهمة تحتاج إلى دليل، ولا العدالة تعرف طريقها إلى الناس. صار مجرّد الاشتباه أو الاختلاف في الرأي كافيًا لتُوجَّه تهمة “العمالة”، ويُنفَّذ الحكم القتل بالرصاص قبل أن تُفتح أي محاكمة.
ما يجري اليوم من إعداماتٍ ميدانيةٍ لا يمتّ إلى القانون أو المقاومة بصلة، بل هو فصل جديد من فصول القهر الداخلي. تمارسه عناصر مسلّحة خارجة عن القانون، تفرض سلطتها بالقوة، وتستبيح حياة الأبرياء دون حسيبٍ أو رقيب.
في الأيام الأخيرة، سقط شبّانٌ في عمر الزهور، بعضهم لم يتجاوز السادسة عشرة. وقُتلت عائلاتٌ بأكملها، كما حدث مع عائلة دغمش، لتُسجَّل الجرائم تحت ذريعة “الخيانة” و“العمالة”.
القاتل واحد، والدافع واحد: سلطة السلاح بدل سلطة القانون.
من يملك الحق في اتهام الناس بالخيانة؟ ومن يملك الحق في أن يقتل باسم الوطن؟
لقد تحوّلت غزة إلى سجنٍ كبير بلا قضاء، تحكمه فوضى السلاح وشريعة الغاب. تُزهق الأرواح دون أدلةٍ أو محاكمات، وتُدفن الحقيقة مع الضحايا في صمتٍ مطبق.
إنها جرائم تُرتكب ضد العدالة والإنسانية، وتزرع الخوف في كل بيتٍ وشارع.
ما يحدث ليس مقاومةً، بل جريمة تُرتكب باسمها.
فالدين بريء من هذا الدم، والمقاومة الحقيقية لا تُمارَس على صدور الأبرياء.
من يرفع راية الوطن ليقتل أبناءه، فقد خان رسالته وفقد شرعيته.
غزة لم تنكسر تحت القصف، لكنها اليوم تنزف من الداخل، من جرحٍ أعمق من الحصار، اسمه “الحقد والظلم الداخلي
غزة تطلب العدالة لا انتقامًا، بل حياةً آمنةً تحت ظل القانون والشرعية الفلسطينية، كرامةً وحقًا في البقاء بسلام.
سلامٌ لغزة التي رغم كل شيء ما زالت تؤمن بالعدالة،
ورحمةٌ لشهدائها الذين سقطوا برصاصٍ بلا محاكمة،
وعارٌ على من قتل باسم الوطن وهو يذبح الوطن.
ويبقى السؤال:
من هؤلاء الذين يختبئون خلف اللثام ليُصدروا أحكام الموت؟
من أعطاهم الحق في تحويل غزة إلى ساحة دمٍ بدل ساحة عدل؟
حماس بين سلاح الفوضى ومصير الوطن… إلى أين تقود غزة؟
ما يحدث اليوم ليس دفاعًا عن الأمن، بل انزلاق نحو فوضى داخلية وحربٍ أهليةٍ صامتة، لن يدفع ثمنها سوى الشعب الفلسطيني البريء، الذي يُقتل ويُجوّع ويُشرَّد في وطنه.
على حركة حماس أن تدرك أن غزة ليست ميدانًا لتصفية الحسابات ولا ساحةً لنفوذ السلاح، فاستمرار هذا النهج سيقضي على ما تبقّى من وحدة النسيج الفلسطيني.
في النهاية، لن يكون في هذه الحرب منتصر، لأن الشعب وحده هو الخاسر الأكبر
وغزة ستبقى رهينة سلاحٍ بلا مشروع… إن لم يتدارك الموقف سريعًا.