آخر الأخبار
The news is by your side.

على كل … بقلم: محمد عبدالقادر

سلفاكير.. من (تصدير الحرب) إلى (صناعة السلام)!!

من كان يصدق أن جوبا التي تمادت في تصدير الحرب والأذى للسودان تطرح الآن مبادرة لتهدينا الاستقرار والسلام. نعم هي تصاريف السياسة وتقلباتها المعلومة، لكن التطور كذلك يؤكد سلامة أجندة الخرطوم ونبل نواياها تجاه الجنوب، فمبادرة الفريق سلفاكير ميارديت للتوسط بين الفرقاء السودانيين لم تكن سوى رد لـ(تحية الخرطوم) التي أهدته سلاماً بـ(أحسن منها).
احتمل السودان كثيراً من الاستفزاز والأذى وظل على العهد المسؤول مع أهل الجنوب، يجري الاستفتاء ويعترف بالانفصال ويميط الأذى عن طريق الجنوب كلما ادلهمت به الخطوب وأشعلت الحرب نيرانها، لم نكن نحلم بأكثر من بطاقة حمراء يشهرها الجنرال سلفاكير في وجه المتمردين، فإذا بها وساطة يقودها الرجل لإلحاق الحركات المسلحة في النيل الأزرق وجنوب كردفان ودارفور بتسوية سياسية تنهي الحرب في السودان.
نزوع سلفا إلى تحقيق السلام بهذه الرغبة الأكيدة يوصد الباب أمام احتمالات انتكاسة اتفاق الحنوب الذي (صنع في الخرطوم)، ويعزز بالتالي فرص السودان في الحصول على دخل من البترول يؤمن له ريعاً مهماً خلال المرحلة المقلبلة.
التطور كذلك يشير إلى أن جوبا وعيت الدرس بعد أن ذاقت طعم السلام، وأنه لا مناص أمام البلدين من الحفاظ على حالة الأمن والاستقرار في شمال وجنوب السودان.
ما كان للرئيس سلفاكير أن يعلن عن المبادرة ويبدأ لقاءاته مع الأطراف ذات الصلة، إن لم يتحصل على ضوء أخضر يمكنه من إنجاز سلام يشبه أو يقارب ما فعله السودان.
سلفاكير مؤهل أكثر من غيره لتحقيق السلام في السودان، لأنه كان زعيماً للمقاتلين في صفوف الحركة الشعبية التي لحقت بها الآن لافتة (قطاع الشمال)، ثم باعتبار أن دولته هي الراعي الرسمي لهذا القطاع قبل وبعد الانفصال.
قطاع الشمال كان واحداً من أدوات ضغط واستنزاف الحكومة السودانية في صراعها مع دولة الجنوب، بهدف استنزاف الخرطوم وخنقها اقتصادياً وإحراجها دولياً عبر إثارة الملف الإنساني والقضايا ذات الصلة بالحريات وحقوق الإنسان.
ثم إن سلفاكير كان يوفر المنصة اللازمة للهجوم على السودان، ويجعل من أرض الجنوب فضاءً متاحاً لتحرك المتمردين وتشوين قواتهم التي تحارب الجيش السوداني.
ومما يجعل الأمل قائماً في نجاح فرص سلفاكير إلمامه بتفاصيل أبطأت بالسلام في مساراته الإنسانية والأمنية والسياسية عبر منبر الآلية الأفريقية، فالرجل يعي جيداً خطورة وجود جيشين على الأمن القومي لأي بلد لا يوحد مقاتليه على عقيدة الولاء الوطني، فقد ذاق سلفا تحديداً الأمرين في هذا الجانب، كما أنه يدرك أن مرجعيات الحكومة للسلام في المنطقتين ودارفور والحوار مع القوى السياسية ستكون الآلية الأفريقية، بقيادة ثامبو أمبيكي ووثيقة الدوحة، ووثيقة توصيات الحوار الوطني.
الرجل ملم بتعقيدات الملعب وحساسية القضايا والمرجعيات بالنسبة للحكومة والحركات، ومن المؤكد أنه تحصل على ضوء أخضر للدخول وسيطاً تعينه ظروف موضوعية ذات صلة بتحسن علاقة الحكومة بالمجتمع الدولي والانقسام الذي حدث داخل قطاع الشمال وكسر شوكة مواقفه المتعنتة وكذلك الحال بالنسبة لحركات دارفور.
ظروف وتحولات عديدة تعبئ أشرعة سفينة سلفاكير بما يعينها على الإبحار الجيد في لجة المفاوضات، فهل ترى سينجح الرجل في مبادرته لتحقيق السلام بالسودان؟ نتمنى ذلك.

Loading

شارك على
أكتب تعليقك هنا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.