آخر الأخبار
The news is by your side.

سفينة بَـــوْح – هيثم الفضل

إنعدام ثقة .. !!
مدير عام شرطة الخرطوم اللواء إبراهيم عثمان يُعلن (أخيراً) وبعد ما يقارب العشرة أيام من شكوى الناس وإستنكارهم على الأسافير ، عن القبض على مجموعات تقوم بحلاقة شعر رؤوس الشباب عنوةً في الشارع العام تحت طائلة إنتحال شخصية الشرطة وتسبيب الأذى ، وأفاد أيضاً في معرض حديثه عن إنتماء أولئك الأفراد إلى (جهات) لم يُفصح عنها ، ثم دعا (المواطنين إلى عدم الإنصياع لمثل هذه التوجيهات وإبلاغ الشرطة فوراً حال التعرُّض لمثل هذه المواقف) ، وأقول في هذا الصدد خيراً أن تقوم الشرطة السودانية بواجبها تجاه حماية المواطن من ما يعانيه من مخاطر مادية ومعنويه ، بالرغم من أن الواقع دائماً يفيد أن إنطلاقة الإجراءات الشرطية في أغلب الأحيان لا تنشط إلا بعد نشوء (مظاهرة) حاشدة وعالية الصوت في وسائل التواصل الإلكتروني ، لذا يبدو للمُتمعِّن أن حضور الشرطة السودانية في الوقائع الإجرامية العامة يأتي دائماً من باب (أن تأتي متأخراً خيراً من أن لا تأتي) ، كنت سأسعد كثيراً لو تم إتخاذ (قرار) تأكيد ولاية وإختصاص الشرطة السودانية في كل ما يختص بضوابط تطبيق قانون النظام العام في الشارع السوداني منذ أول وهلة لمثول تلك الظاهرة وبداية الشكاوي المتكرِّرة التي إستمرت لأكثر من عشرة أيام ، وأرض الجريمة والمخالفة القانونية لم تكن تحتاج لكثير جُهدٍ من الشرطة حتى تصل إليها أو تضعها موضع الضبط والتلبُس بإرتكاب الجرم ، وذلك ببساطة كونها كانت في الشوارع الرئيسية والساحات والميادين ومواقف المواصلات أحياناً ، هذا جانب أما الجانب الآخر المهم في الموضوع والذي ظل يدفعني للإستمرار كل ما حاولت إيقاف مقالاتي المتتالية حول هذا الموضوع ، هو إحساسي بأن من بين ما تم سلبه من الإنسان السوداني في حقبة الحكم العسكري الحالي المُسمى بالإنقاذ (جُزافاً) و(بُهتاناً) ، كرامته وكبريائه وإيمانه بسيادة القانون وعُلو الحق على الباطل في أيي زمانٍ ومكان ، وبالرجوع إلى (دعوة) السيد مدير عام شرطة الخرطوم للمواطنين بعدم الإذعان والإنصياع لمثل هذا المهانات والمخالفات الدستورية والقانونية والأخلاقية ، أجدني مضطرٌ إلى لفت نظره إلى ما أصاب الناس من ضعفٍ وقلة حيلة و(إعتقاد) بأن كل مَنْ لبس البزة العسكرية قادر على فرض كل ما هو قانوني ولا قانوني ، وذلك طبعاً إنطلاقاً من حيازته للقوة الجبرية وشرف تطبيق وتمكين سيادة القانون أينما ووقتما إحتاج الأمر لذلك ، وهذا يتطلَّب جهداً كبيراً في مجال إعادة ثقة الناس في سيادة القانون وإنبساط العدالة في تطبيقه ، خصوصاً في أوساط العامة والبسطاء ، الثقافة القانونية التي تحتوي أبسط الحقوق الدستورية للمواطن الموقوف من قِبل رجال الشرطة وسائر النظاميين مفقودة في مناهجنا الدراسية وبرامجنا الإعلامية والثقافية ، أما العلاقة بين رجال الشرطة والمواطنين فهي رهينة بسط الثقة بينهما كطرفي معادلة في تحقيق الغاية من سن القوانين والضوابط ، وأقولها مرةً أخرى ، إن رجال الشرطة السودانية خصوصاً الرتب الدُنيا ما زالوا في أمس الحاجة للتدريب والمثابرة في مهارات التعامل مع المدنيين وفقاً للضوابط والقيَّم والأخلاقيات التي يكفلها الدستور والقانون والتي تصب في مادة إحترام كرامة الناس وكبريائهم طالما كانوا مُتهمين وليسوا مجرمين وطالما إمتثلوا للإجراءت ولم يُقاوِموا ، وطالما لم يتطلب الموقف الأمني ما يفيد ضرورة التعامل بغير تلك القواعد ، آن الأوان أن يعرف عامة الناس أن جميع المراكز النظامية والعسكرية هي مؤسسات خدمية هدفها وواجبها الأول والأخير حماية الوطن والمواطن والإنتصار للحق المُطلق ولا مساومة في ذلك.

Loading

شارك على
أكتب تعليقك هنا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.