آخر الأخبار
The news is by your side.

سفينة بوح … بقلم: هيثم الفضل

أشكال و مضامين … !!

ومثل ما خلق سبحانه و تعالى الناس أشكال و مضامين مختلفة ، كذلك تجبرهم الحياة على تبني مفاهيم متعددة لمواضيع واحدة و ( مصطلحاتها ) محددة ، أنظروا إلى مفهوم العصامية الذي كان عند جيل مضى أو يكاد يمضي يعني الإقتدار و الفوز و النجاح و التفوُّق بآلة النزاهة و التأهيل و الإعتماد على النفس ، أما مفهوم الإقتدار اليوم أصبح لا يرتبط بالنزاهة و لا القدرة على تطوير الذات بالمؤهلات و الكد و الكفاح ، فيكفي أن ترزح في بؤرة الترف و المال و الجاه و أحياناً السلطة ، ليقلدك بعض المتوهمين وسام الإنجاز و العزم ، دون الرجوع إلى الأساسيات التي تبرر ما حصدته من نفائس الدنيا الزائلة ، لا يهم أن تكون حُصدت بالحلال أو الحرام .. و لا يهم أن تكون مغتصبة من حقوق الضِعاف و المرضى و المحتاجين ، على فئةٍ بعينها من الناس أن تعلم أن سلوكيات الشعوب و تفسيرها لكثير من القيِّم قابلة للتغيير و التبدُّل ، بحكم الواقع الذي لا بد أن يكون مريراً بقدر حجم إنحسار الحقائق عن تلك المباديء ، لم يعُد في زماننا هذا قيمة مادية أو معنوية لأخلاقيات فاضلة متفق عليها منذ الأزل مثل النزاهة و الأمانة و العدل في بسط السطة و المال و النفوذ على من يستحق ، و باتت السمة الغالبة لما يحرك إهتمام الناس كثرة المال و إنبساط النفوذ ، أما الذين تشبثوا بمبادئهم و رفضوا الإنحياز و آثروا عدم خلط التوجه الفكري و السياسي بمعاملاتهم المهنية و الإجتماعية و الثقافية ، فقد إستبعدوا بالظلم و أحياناً التنكيل و الإستفزاز و الضغوط التي غالباً ما قادت بعضهم إلى رفع إستقالاتهم عن مواقع إدارية و فنية كانوا هم أفضل من يديرها بالكفاءة و النزاهة و التأهيل ، قضى قانون الصالح العام بإسم مبدأ التمكين السياسي على المحور المركزي لفعالية المؤسسات الحكومية و الهيكل العام للدوله بشقيه الإداري و الفني ، فتحولت مركزية القرار الإداري و الفني من دهاليز المكاتب الرسمية إلى طاولات الإجتماعات السياسية ، فسقطت مؤسسات و مشاريع أقل ما يمكن أن يُطلق عليها أنها ( وطنية ) و ( قومية ) .. كمشروع الجزيرة الذي ما زال جرحه ينزف و سودانير مهيضة الجناح و الخطوط البحرية السودانية التي إبتلعها بحر الفساد الإداري و التغوُّل السياسي .. و القائمة تطول ، في إعتقادي ما من مشكلة ستواجه البلاد بحجم أزمة النزاهة ( الكُلية ) في الهيكل الإداري و الفني للمؤسسات الحكومية و الخدمة المدنية بأكملها ، فهي أكثر تعقيداً من الناحية القانونية و الإستراتيجية من إشكالية الإحلال السياسي و إقتسام مراكزها و التي هي في نهاية الأمر مرئية وواضحة للعيان ، لكن الخدمة المدنية هي في الواقع شبكة معقدة من القوانين و اللوائح و القرارات و الهياكل التي تحتاج إلى سنوات ليست بالقليلة تتيح إعادة هيكلتها الشكلية و الضمنية وفقاً لمبدأ المقدرة و التأهيل و الكفاءة .. لك الله يا وطني .

Loading

شارك على
أكتب تعليقك هنا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.