آخر الأخبار
The news is by your side.

رؤياي ورأي الآن … بقلم: سعد عبدالله .. دموع المابان ودماء شنقلي طوباي وأهمية السلام

رؤياي ورأي الآن … بقلم: سعد عبدالله .. دموع المابان ودماء شنقلي طوباي وأهمية السلام

ضجت وسائل الإعلام و وسائط التواصل الإجتماعي خلال الأيام الفائتة بصور مؤسفة جدا لمجزرة منطقة شنقلي طوباي التي نفذتها مليشيات مسلحة ضد السكان العزل، كانت مجزرة مؤلمة راح ضحيتها عدد كبير من أبناء هذا الوطن، وتضاف هذه الجريمة لسجلات إنتهاك حقوق وحريات الإنسان في السودان، والأمر الأكثر إيلام ونأسف عليه هو تسجيل تلك الجرائم ضد مجهول ما يضع حياة المواطن السوداني في خطر دائم لا يمكن الخروج منه إلا بملاحقة المجرمين والقبض عليهم وتقديمهم للعدالة حتى لا تتكرر مثل هذه التجاوزات، فالموت بات من صكوك القهر والإستبداد التي توزع علي السودانيين في كل الجهات دون محاسبة، ودموع شنقلي طوباي لم تجف إلا بتحقيق العدالة الحقة، وهذه الكارثة تؤكد أهمية السلام الشامل ودولة المواطنة بلا تمييز حيث تتساوى الحقوق والحريات بين سكان السودان وفي مقدمتها حق الحياة، ومن أسمى واجبات المثقف المعاصر الدفاع عن حقوق الشعب في كافة جوانبها، لذلك يجب أن تسير مواكب تندد بالقتل خارج القانون وتطالب بتشكيل لجنة مستقلة للتحقيق في ملابسات جريمة شنقلي طوباي والجرائم المماثلة لها في المناطق الآخرى من أجل كشف الحقيقة ومحاسبة المجرميين.

لم نستفيق من صدمة شنقلي طوباي التي حدثت في الأيام السابقة حتى باكرتنا ذات الوسائط الإلكترونية بخبر غرق بيوت أهلنا في المابان بالنيل الأزرق، فقد تسببت الأمطار في كارثة طبيعية كبرى للسكان الذين يقطنون معسكرات النزوح التي تفتقد لأبسط مقومات الحياة الكريمة، ورغم معاناة هؤلاء الناس في حياتهم لم تتصالح الطبيعة معهم بل زادة فقرهم وحرمانهم بتشرهم وسط سيول جارفة تجتاح مساكنهم، ومرة آخرى تتأكد أهمية السلام ودولة المواطنة بلا فرز من أجل تقديم الخدمة المدنية لكافة سكان الريف والمدينة الذين عاشوا سياسة الحرب والتفقير الممارسة من قبل سلطات المركز الإقصائي العنصري، ويحتاج هؤلاء المواطنيين لغوث إنساني سريع يوفر لهم مأكل ومشرب ومسكن وملبس ودواء، وترك هذه المنطقة تواجه نكبتها وحدها سيفاقم النكسة الوطنية العامة في تدهور الحقوق السياسية والمدنية وغياب التنمية في مدن وقرى السودان وضيق فرص العمل وغيرها من مسببات الفقر والتشرد، وإستمرار هذا الوضع كارثي علي تماسك الأسر والمجتمع وسينعكس ذلك علي كل البلاد، لذلك نحتاج لحملات إغاثة من داخل السودان وخارجه تنجد شعبنا من الهلاك، وهذه دعوة للمنظمات الإنسانية المحلية والإقليمية والدولية والدول والشعوب الديمقراطية الحرة ليس فقط لتقدم مساعدات تموينية بل لطرح مبادرات شجاعة وصريحة تضغط كافة أطراف المعادلة السياسية للتوصل لسلام شامل وبناء دولة توفر التنمية لشعب السودان بالتساوي.

المرحلة الحالية تحتم علي مكونات السودان بكل أطيافها توحيد جهودها في ترميم أرضية دولة جديدة مختلفة عن دولة العنصرة والإقصاء التي ساد حكمها لسنوات، هذه المرحلة الصعبة لا تحتمل التلكع والتعاطي بانصرافية مع قضايا الساعة والمستقبل، وشعب السودان ينتظر توافق قواه السياسية والمدنية والمهنية علي أساسيات بناء الدولة المدنية والديمقراطية والدخول في سودان السلام والتسامح، هذه الدولة ستحمي جميع السودانيين دون تمييز، وستمكن سكان الريف والمدن المريفة من الإستقرار وستزيد الإنتاج وتفتح أسواق جديدة وترفع مستوى الدخل الفردي والجماعي وتمكن المؤسسات الوطنية من وضع برنامج يقلل من خسائر الكوارث الطبيعية التي تحدث من حين لآخر، فغياب دولة المؤسسات له تأثيره علي حياة المجتمع والتطور الطبيعي للدولة، لذلك لا بد من تفكير موضوعي بعيدا النمط الإقصائي القديم، ويجب النظر للمرحلة التاريخية التي يمر بها شعب السودان بعين الحقيقة المجردة طبقا للوقائع السياسية والثورية الماثلة وتقدير حجم المشكلات الشائكة في البلاد، فشعب عاش عشرات السنين تحت خطوط الفقر والحرب يستحق أن ينتقل إلي وضعية جديدة يعيش فيها الأمن والرفاه.

إننا اليوم نقف بكل أسف مكتوفي الأيدي حيال ما يحدث في المابان وشنقلي طوباي وغيرها من المناطق المنكوبة المتأثرة بالحروب وسياسات التفقير والكوارث الطبيعية رغم كل ما نمتلكه من أدوات التغيير والتحرر وإمكانيات البناء والتعميير، نحن أحوج ما نكون لوحدة قوانا الحية وضخ كل طاقاتنا في تحسين الإقتصاد وتقليل مستويات الفقر ومحاصرة العنصرية وتشكيل وطن حقيقي، والفرصة التي وفرتها ثورة شعبنا لنهوض السودان يجب أن تضيع بسياسات عبثية غير مسؤلة ومحاولات القفز إلي الأمام دون التأكد ثبات منصة الإنطلاق حتى لا نرتطم بجدار يحطم طموح وتطلع شعبنا، ورغم الصراعات السياسية والإيدلوجية المحتدمة والمتصاعدة بين قوى الحرية والتغيير من جهة وشعبنا بكل مكوناته والمجلس العسكري من جهة آخرى ونعتبر كل ذلك خصم علي السودان إلا اننا ما زلنا نتمسك بخيط الأمل الذي نحلم بأن يحملنا من إلي الأمان، فقط نحتاج لحكمة العقلاء من السودانيين ومزيدا من كفاح كنداكات وشباب بلادنا وتحدي صروف الظروف لبناء دولة سلام وديمقراطية وتنمية متوازنة نعيش فيها معا، لنمسح دموع أهلنا في المابان بالتنمية ونغسل دماء شهداء شنقلي طوباي بالعدالة ونهدي السلام لكل الشعب السوداني.

Loading

شارك على
أكتب تعليقك هنا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.