آخر الأخبار
The news is by your side.

خليل وحسن وما بينهما … بقلم: كمال كرار

خليل وحسن وما بينهما … بقلم: كمال كرار

كانا يأتيان قبلنا جميعًا وبالمواصلات، يأخذا مكانيهما في صالة التحرير، من أجل مراجعة وتدقيق المواد المعدة للنشر.

وفي كل حين كانا يجلبان معهما الموز وحبات التفاح لأسرة جريدة الميدان وللزملاء بالمركز العام.

وقصتهما مع الجريدة هي قصة التفاني الحزبي فعندما لاحظا أن الأخطاء اللغوية تتكرر في الصحيفة الحزبية تبرعا بالوقت والجهد لهذه المهمة، يؤديانها بإخلاص وهمة.. وتواضع جم.

وعندما يصححان جملة معينة أو يعدلانها يأتيان إلي وكنت آنذاك مدير التحرير وبكل لطف يقولان (الجملة دي لا تعبر عن المعنى بشكل صحيح، عدلناها لتكون هكذا.. رأيك شنو؟) يقولان هذا لإيمانهما بأن العقل الجماعي هو قيمة الشيوعيين.

خليل ألياس ذاك الزميل حاضر البديهة المرح وزول النكتة، حكى فيما حكى أنه ولما حوصر في شندي بعد يوليو ١٩٧١، وعرف أن الأجهزة الأمنية اقتربت من مكان اختفائه سلم لنفسه لنقطة البوليس، والتي بدورها أرسلته بالقطر للخرطوم برفقة أحد أفرادها.. وبحسب الإجراءات فقد منحا (قمرة) خاصة، وتم تقييد ذراع خليل بالكلابش مع الشباك منعًا للهروب، وما هي إلا لحظات

واكتشف العسكري معدن ولطف ذاك الشيوعي الفريد، فأزاح عنه الكلبش.

وكان يقول له (خليل ياخوي أمسك لي البندقية دي أنا ماشي بيت الأدب).. لقد كان خليل هكذا محل ثقة الجميع.. وتولى مهامًا حزبية صعبة أنجزها بامتياز.. ومعظم إنجازات اتحاد الشباب السوداني، ترتبط بهذا الزميل العبقري.

وحسن شمت الذي نجا من الموت بأعجوبة في بيوت الأشباح كان أيقونة المقاومة والنضال في أي معركة جماهيرية، برغم مرضه واقترابه من التسعين.

وكم كان يقول لي كمال رقمك كم؟ واكتشف بعد لحظات إنه حول لي قدرًا من المال لتسيير أمور الحياة..

لقد كان حسن زميلًا نادر المثال..

وحتى عندما ضعف بصر خليل كان يصر على مواصلة مهمته، فيأتي للجريدة حاملًا معه عدسة مكبرة، تعينه على القراءة والتصحيح..

بالأمس نعى الناعي الزميل المناضل خليل ألياس، ومن قبله كان حسن شمت،، غادرا هذه الدنيا، ولكن إرثهما النضالي باقٍ إلى الأبد..

وهم كما قال الفرزدق (أولئك آبائي فجئني بمثلهم)..

ونضال وكفاح هؤلاء الشيوعيين البواسل عبر عنه الزميل التجاني الطيب في دفاعه أمام المحكمة العسكرية بالقول (واعتز بأنني شاركت مع رفاق أعزاء في كل معارك شعبنا من أجل الحرية والتقدم الاجتماعي والديمقراطي، وقمت بدوري المتواضع في بناء الحركة العمالية وتنظيماتها ونقاباتها والحركة الطلابية واتحاداتها، واعتز بأنني في سبيل وطني وشعبي شردت واعتقلت وسجنت ولوحقت وأنني لم أسع إلى مغنم ولم أتملق حاكمًا ولا ذا سلطة ولم اتخلف عن التزاماتي الوطنية كما اعتز بأنني ما زلت مستعدًا لبذل كل تضحية تتطلبها القضية النبيلة التي كرست لها حياتي، قضية حرية الوطن وسيادته تحت رايات الديمقراطية والاشتراكية).

وداعًا.. وتبقى الذكرى..

ومنكم نستمد الثبات والنضال حتى الرمق الأخير.

وأي كوز مالو؟

Loading

شارك على
أكتب تعليقك هنا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.